مدة استقلالية عضو لجنة المراجعة وحدود التجديد

17/12/2025 0
محمد الغملاس

يحتاج كل مجلس إدارة إلى دعم إضافي من خلال إنشاء لجان تتعامل مع المسؤوليات المتزايدة والقضايا المعقدة وتفويض بعض المهام إليها. ومن أهم تلك اللجان لجنة المراجعة كونها لجنة رئيسية للشركة مرتبطة بالمجلس والجمعية العامة للمساهمين، تتشكل من أعضاء مستقلين ذو خبرة متخصصة، لتبني موقف ورأي محايد والتأكد بشكل مستمر، بما يضمن تقييم نقدي لأدلة المراجعة ويؤكد من تعزيز جوانب الضوابط المالية، والرقابة الداخلية، وحماية مصالح المساهمين وأصحاب المصلحة وتقديم المشورة لمجلس الإدارة وتأثيرها على فعاليته، حيث تلعب المدة الزمنية لبقاء عضو لجنة المراجعة في الشركة لأكثر من دورة تأثير مهم من حيث الفعالية وجودة التقارير، لذا يعد بقاء أعضاء لجنة المراجعة لفترات طويلة عامل مؤثر قد يؤدي إلى عدم فعاليتها وضعف الاستقلالية، ويؤثر في بيئة الرقابة والحيادية في إبداء الرأي وفق عدد من الدراسات.

ووفق أغلب الممارسات العالمية، تعد لجنة المراجعة، من أكثر اللجان شيوعاً، ولجنة رئيسية بموجب الأنظمة وقواعد الإدراج أو الحوكمة لأغلب الدول من بينهم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وتركيا، وفرنسا، وإسبانيا، واليابان والتى تتطلب عدد كافٍ من الأعضاء المستقلين حتى تتمكن من العمل باستقلالية تامة وتقدم الدعم الكامل للمجلس وتصل نسبة الأعضاء المستقلين للدول الثلاث الأولى كامل أعضاء لجنة المراجعة، والدول الثلاث الأخرى أغلبية مستقلة من أعضاء لجنة المراجعة وكذلك في أغلب الدول، وقد اختلفت الدول في المدة الزمنية لاستقلالية عضوية مجلس الإدارة ومدى المرونة فيها ولكنها أكدت على أهمية الاستقلالية التامة لعضو لجنة المراجعة لما تشكله الاستقلالية والحيادية لعضوية لجنة المراجعة من حجر الأساس في إبداء الرأي والموضوعية وأن تتكون من أعضاء من خارج المجلس وأن ترتبط دورة لجنة المراجعة بدورة المجلس.

وبالنظر إلى الممارسات العالمية، نجد أن تشكيل لجنة المراجعة يتكون من أعضاء مستقلين لكامل اللجنة أو أغلبية، وبعدد لا يقل عن ثلاثة أعضاء ولا يزيد عن سبعة أعضاء (عدد فردي). وترتبط دورة لجنة المراجعة بدورة المجلس بشكل مباشر حيث يتم تُشكيل عضوية لجنة المراجعة من خلال قرار من مجلس الإدارة بعد انتخابه، وتنتهي دورة اللجنة بانتهاء دورة المجلس، وترتكز المعايير الرئيسية في عملية الاختيار لعضوية لجنة المراجعة على الاستقلالية والخبرة في الشؤون المالية والمحاسبية، وقراءة التقارير المالية، وإدارة المخاطر، وفهم الأنظمة واللوائح وعدم اشتراك العضو في أكثر من ثلاث عضويات في لجان المراجعة للشركات المدرجة، مما يضمن تخصيص الوقت الكافي ورفع كفاءة وفعالية مهام لجنة المراجعة، وتعد من الممارسات المعمول بها في سياسات عدد من الشركات التجديد في عضوية لجنة المراجعة مع كل دورة للمجلس وبحد أقصى كل دورتين أو تطبيق سياسة تناوب الأعضاء من مجلس الإدارة لتجنب الركود وتعزيز الفعالية.

وفي المملكة العربية السعودية، نجد أن لائحة حوكمة الشركات المدرجة والمبادئ الرئيسية للحوكمة في المؤسسات المالية، وضعت الحد الأدنى من المتطلبات التي يجب أن تكون في أعضاء لجنة المراجعة منها: يجب أن يكون من بين أعضاء لجنة المراجعة ورئيسها عضو مستقل على الأقل وأن يكون نصف أعضائها مستقلين، ويشترط في عضوية لجنة المراجعة أن لا يشغل العضو أكثر من خمس لجان في الشركات المدرجة في وقت واحد، كما نجد أن المدة الزمنية محددة بتسع سنوات متصلة أو منفصلة في عضوية المجلس (وقد تصل إلي 12 سنة بعد الموائمة بين الأنظمة واللوائح)، مما يعني انتفاء الاستقلالية لعضوية لجنة المراجعة بمرور تلك الفترة والتى تعتبر طويلة نسبيًا، خاصة وأن عضوية لجنة المراجعة تتطلب الاستقلالية التامة والموضوعية في أداء مهامها. كما تُفضل المبادئ الرئيسية للحوكمة في المؤسسات المالية أن لا يكون العضو عضواً في أكثر من لجنتين وأن يكون الأعضاء من خارج المجلس أكثر من داخل المجلس وألا تتجاوز خدمة العضو أكثر من اثنتي عشرة سنة متواصلة أو متفرقة.

 وأخيراً، يعد مبدأ التوازن في مدة بقاء أعضاء لجنة المراجعة بشكل معقول أمراً هاما، بما يضمن الخبرة والتجديد بين الأعضاء والحفاظ على الاستقلالية والحيوية في أعمال لجنة المراجعة لتجنب الركود أو فقدان الحيادية، كما يلعب مجلس الإدارة والجمعية العامة للمساهمين دور رئيسي في اعتماد لائحة عمل لجنة المراجعة والتي تشمل الضوابط والمسؤوليات، وإجراءات تعيين أعضائها ومدة عضويتهم ومكافآتهم وقد يكون من المناسب إضافة مدة محددة لعمل عضو اللجنة بشكل متصل أو منفصل واختيار الأعضاء من خارج المجلس ذوي الخبرة المكملة لخبرات المجلس والتأكد من عوارض الاستقلالية بشكل سنوي من خلال عملية التقييم لقياس مدى استقلالية العضو، حيث تشير الدراسات وأفضل الممارسات إلي تُفضيل عدم استمرار عضو لجنة المراجعة لأكثر من دورتين، لذا يُفضل للشركات مراعاة مبدأ الخبرة والتجديد بين الأعضاء والاستقلالية التامة في عضوية لجنة المراجعة والتى ستؤدي إلى الحد من تضارب المصالح، تعزيز ثقة المساهمين، وتحسين جودة التقارير وورفع الكفاءة الرقابية وقيمة مضافة للمجلس.

 

نقلا عن الاقتصادية