أعتقد أن الجميع يتفق على أهمية رفع جاذبية السوق المالية السعودية، ولا سيما أن توجهات كل من هيئة السوق المالية ومجموعة تداول، تماشياً مع رؤية 2030 وبرنامج تطوير القطاع المالي، أن تصبح السوق السعودية من أهم الأسواق المالية في العالم، والأولى في المنطقة، وهي السوق التي تتطور بشكل سريع ولافت، إذ بلغ عدد الشركات المدرجة 256 شركة حتى منتصف 2025، وتمت الموافقة على 15 طرحاً أولياً، وهناك أكثر من 50 طلب إدراج قيد الدراسة حالياً، إضافة إلى نحو 100 شركة بصدد التقدم بطلبات إدراج. وهذه السوق تحتوي على آليات وأدوات متقدمة - لا توجد في كثير من الأسواق المالية - كسوق العقود المستقبلية لمؤشرات الأسهم، وأخرى للعقود المستقبلية للشركات الفردية، وسوق عقود الخيارات، وصناديق مؤشرات متداولة وصناديق مغلقة متنوعة متداولة وصناديق استثمار تقليدية وغيرها، إضافة إلى أسهم إيصالات الإيداع السعودية والإدراج المزدوج وبرنامج عمل صناع سوق.
وسبق أن تطرقت إلى عدة اقتراحات تنظيمية وتطويرية وتشغيلية بهدف معالجة الخلل في ضعف حركة التداول، وعدم تجاوب السوق مع ربحية كثير من الشركات المدرجة وامتعاض المتداولين من السوق بشكل عام، وقدمت هذه الاقتراحات أثناء رئاستي للجنة الاستشارية لهيئة السوق المالية قبل نحو عامين، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها الهيئة ومجموعة "تداول" في سبيل تنظيم السوق وتطويرها، إلا أن السوق لا تزال ضعيفة، ويكفي هنا الإشارة إلى أن حجم التداول اليومي لإحدى شركات السوق الأمريكية أكثر من 10 أضعاف حجم التداول اليومي للسوق السعودية كاملة، إلى جانب خبر صحفي هذا الأسبوع يشير إلى تحقيق سوق الأسهم السعودية أسوأ أداء لهذا العام من بين جميع الأسواق في العالم، وخبر آخر يشير إلى هجرة أموال ضخمة إلى السوق الأمريكية في الفترة الماضية.
اختصاراً للوقت سأتطرق إلى ثلاثة أسباب منفرة من سوق الأسهم السعودية وتجب معالجتها سريعاً لتتمكن الهيئة وغيرها من الجهات المعنية من تنشيط السوق ورفع جاذبيتها، ولن أتطرق إلى نقاط أخرى ذكرتها في الفترات القريبة الماضية في عدة مقالات حول تنشيط عمل صناع السوق وإدراج أسهم دولية محلياً وسوق للسع الآجلة وإطلاق التداول اليومي وغيرها، بل فقط هنا أتطرق إلى الأمور الثلاثة التالية.
أولاً: ضرورة خفض عمولة التداول، فهي أحد أهم المعوقات لزيادة حركة التداول، وهي ليست كما يظن البعض في أنها تؤثر سلباً في ربحية الوسطاء، بل على العكس، فالتجارب الدولية وأرباح شركات الوساطة الدولية خير دليل على عدم صحة ذلك، فهناك عدة طرق لتحقيق إيرادات، منها عمولات على أدوات مالية أخرى غير الأسهم وهناك عوائد من أرصدة العملاء النقدية، وهي الآلية التي أطلقتها الهيئة قبل نحو عام متعلقة بالحسابات المجمعة، إلى جانب رسوم إقراض الأسهم للبيع على المكشوف والتداول على الهامش، وغيرها كثير.
ثانياً: ضبط لائحة سلوكيات السوق بحيث لا تكون طاردة للمتداولين، فنحن نعلم أن إحدى أهم مهام الهيئة حماية المستثمرين في الأوراق المالية من الممارسات غير العادلة أو تلك التي تنطوي على احتيال أو غش أو تدليس أو تلاعب، والعمل على تحقيق العدالة والكفاية والشفافية، ويحسب للهيئة نجاحها في الحد من عمليات الاحتيال والتضليل والتلاعب، لكن المسألة ليست بالبساطة الظاهرة. فإذا كانت الهيئة تتطلع إلى رفع نشاط التداول وجذب المستثمرين، المحليين والخارجيين، فلا بد من تحديد طبيعة العمليات التي تعتبرها الهيئة مخالفة، وعدم الاكتفاء بالعبارات المبهمة والتلميحات العامة من باب التهديد والتخويف، فالنتيجة من الواضح أنها عكسية، كون عدم الوضوح يدفع البعض إلى الابتعاد عن السوق تفادياً للوقوع في تهم قد يصعب الخروج منها بسهولة. إذاً المطلوب مراجعة اللائحة وتخفيف القيود على التداول بالقدر الذي يشجع على التداول ويرفع من نشاط السوق دون تفريط في سلامة السوق والمقدرة على التصدي لحالات التلاعب الحقيقية.
ثالثاً: العمل على تعزيز العلاقة بين نتائج الشركات وسلوك السهم في السوق، لكي يعكس أداء الأسهم بشكل منطقي نتائج الشركات المالية وتحسن مؤشرات الأداء، حيث تحقق بعض الشركات أرباحاً قياسية ونمواً واضحاً في الإيرادات أو التوسعات، دون أن ينعكس ذلك على حركة السهم أو سعره السوقي، ما يخلق نوعاً من الإحباط ويثير الشك والريبة لدى المستثمرين. هذا الانفصال بين التحليل الأساسي وسلوك السوق يضعف الثقة بكفاءة السوق، ويعزز من سلوك العزوف الكامل أو المضاربة قصيرة الأجل بدلاً من الاستثمار المؤسسي طويل الأجل.
ولا شك أن السببين الأولين أعلاه لهما علاقة بذلك، لكن هناك أسبابا أخرى لهذا الانفصال، منها محدودية مشاركة المستثمر المؤسسي النشط الذي يتابع نتائج الشركات ويعيد التسعير بناءً عليها، وضعف أدوات التحليل المالي المتداول في السوق وغياب الدور الفاعل لشركات الأبحاث المستقلة. حيث يغلب سلوك القطيع والركض خلف الإشاعات في الأسهم الصغيرة والمتوسطة. فتعزيز العلاقة بين نتائج الشركات وسلوك الأسهم يتطلب مجموعة إصلاحات تشمل تشجيع صناديق الاستثمار النشطة، ورفع جودة الإفصاحات ومصداقيتها، وتشجيع التحليل المالي المستقل، وضمان العدالة المعلوماتية بين المستثمرين.
ختاماً، السوق المالية السعودية، وعلى وجه الخصوص سوق الأسهم، لا تعكس أبداً متانة وقوة الاقتصاد السعودي، ولا الكم الهائل من الخطوات التطويرية التي قامت بها بالفعل الهيئة ومجموعة تداول، ولا النضج القانوني من حيث اللوائح والسياسات والتشريعات ووسائل الاستثمار المتعددة، ولا تتناسب مع حجم الطموحات والرؤى التي ينظر فيها إلى السوق السعودية وما يمكن أن تصل إليه.
نقلا عن الاقتصادية
كان من الممكن للمقال أن يعزز من حجته عبر إدخال مقارنات مع أسواق خليجية مشابهة، لا الاقتصار على الأسواق الأمريكية التي تختلف سياقاتها وحجمها، خاصة وأن الاعتماد الزائد على هذه المقارنات اضعف شيئا من صلابة التحليل. كما أن تضمين دور صناديق التقاعد والمستثمر المؤسسي المحلي كان سيسلط الضوء على غياب الاستقرار طويل الأجل في السوق، في مقابل تركيز المقال على شكاوى المتداولين الأفراد أكثر من المؤسسات. إضافة أخرى مهمة تتمثل في تناول جانب التعليم المالي والوعي الاستثماري، الذي يغيب كليًا عن الطرح رغم أهميته في تحفيز التداول النشط، وذلك في مقابل غياب الأرقام الدقيقة التي توضّح حجم تأثير بعض المعوقات مثل العمولة. وكان من المناسب أيضًا الإشارة إلى تطور السوق الموازية "نمو" كفرصة موازية لجذب الشركات والمستثمرين، بدلًا من الاكتفاء بالتركيز على السوق الرئيسية.
بإغلاق اليوم الخميس 31/7/2025 أغلقت أسواق الخليج العربي من بداية العام كالتالي : إرتفعت : سوق دبي والكويت 19% لكل منهما أبوظبي10% ، قطر7% ، عمان 5% وانخفض : السوق البحريني 2% ، أما السوق السعودي فانخفض 9% .
عجيب !!! والله شيء لا يصدق !!!
أعتقد أكبر عيب بالسوق السعودي هو ان معظم الشركات هي عبارة عن شركات اما ناضجة أو دورية تعمل في قطاعات نموها محدود .... ثلثين شركات السوق مقيمة بمكررات تزيد على 50 مرة أو سالب بالرغم من أنها شركات لاتحقق اي نمو وبعضها خسران ... ولوقيمتها المؤسسات المالية بشكل حقيقي لهبط مؤشر السوق الى 7000 نقطة
مقال مرة ممتاز واقعي وموضوعي يحلل النتائج ويبحث عن الاسباب لذلك الاداء المتردي المزمن والذي لا يتماشى مع طبيعة الاسواق المالية االعالمية ومؤشراتها فمن الواضح جدا ان هناك سياسة مختلفة لا تتوافق مع النتائج المالية لاغلب الشركات التي تجبر السوق على النهوض والارتفاع ورغم ذلك فالأداء ركيك متهافت فما اسباب ذلك الغموض
مقال رائع ويستحق ان يكمله الكاتب بمقال اخر الكاتب عظيم وفي جعبته المزيد دائماً شكرا لك
وماذا عن ادراج عدد من الشركات بعلاوة اصدار مبالغ فيها لا تعكس صحة وسلامة تلك الشركات، حيث تتضح حقيقتها بعد الادراج، وتنهار اسهمها بشكل يثير حيرة المستثمرين، وتساؤلهم عن المسؤول.
مقال جميل من كاتب خبير ومتمكن في الاسواق الدولية .. وأشير هنا الى المبالغة في ملاحقة المضاربين بحجج تحتمل أكثر من تفسير ومن بينها " كلمة بنية" فمعلوم ان النية محلها القلب ويصعب تحديدها قبل فترة تم ادانة مضارب اعرفه بملايين الريالات , وعندما سألته حلف وأقسم أنه لم يكن يستحق تلك الغرامة وأنه كان يمارس شغله الطبيعي في المضاربة