يقصد بالاقتصاد الخفي أو السري أو غير الرسمي أو الموازي أو غير المنظّم، أو غير المرئي، أو غير المسجل، أو اقتصاد الظل كافة الأنشطة المولدة للدخل، وغير المسجلة رسمياً، نتيجة لقيام أفراد أو جماعات من خلال منشآت صغيرة أو بشكل فردي بتقديم سلع، أو خدمات لا تدخل ضمن الحسابات الرسمية للناتج القومي، وهي إما أن تكون أنشطة مشروعة كالمهن الحرفية، والباعة المتجولين، وأنشطة الأسر المنتجة وما في حكمها، أو غير مشروعة كتجارة المخدرات، والاحتيال، والسرقة والنصب والغش والتستر التجاري، والتسوُّل، وبيع الأعضاء البشرية والرشاوى، وهى أنشطة مخالفة للنظم أو القوانين. وجميعها أنشطة تتولّد عنها دخول حقيقية، أو ضمنية لا تخضع لرقابة السلطات الرسمية.
والقصد من الإخفاء هو إما لأنها تقدم بصورة غير نظامية تهرباً من الالتزامات كالضرائب والرسوم، وإما لطبيعة تلك الأنشطة المولدة للدخل المخالفة لنظم الدولة وتشريعاتها. هذا، ويمثّل حجم الاقتصاد الخفي في أغلب الدول نسبة لا يستهان بها من الناتج المحلي الإجمالي. طبقاً لدراسة صندوق النقد الدولي لعام 2018 بلغ متوسط نسبة حجم الاقتصاد الخفي في جميع الدول 31.9%، وكانت الدول التي لديها أكبر 3 اقتصادات خفية هي زيمبابوي (60.6%)، وبوليفيا (62.3%)، وجورجيا 64.9%.، أما أصغر 3 اقتصادات خفي فهي النمسا (8.9%)، والولايات المتحدة (8.3%)، وسويسرا 7.2% .
الأسباب:
ويعود انتشار الاقتصاد الخفي إلى أسباب متعددة أهمها ما يلي:
- الارتفاع في أسعار الضرائب وتعددها وعدم العدالة فيها، والذي يسهم في تشجيع الأفراد والمنشآت نحو المخاطرة والتهرب من سدادها من خلال إخفاء بعض الأنشطة.
- التعقيدات في النظم الإدارية والإجراءات الحكومية، مما يدفع الأمر إلى التحايل المؤدي إلى السوق السوداء.
- انخفاض في مستوى الدخل لبعض الأفراد، مما يدفعهم إلى القيام ببعض الأنشطة الخفية (غير الرسمية) كالأعمال المنزلية من أجل زيادة دخولهم.
- انتشار الباعة المتجولين، والعمل بشكل غير رسمي في الشوارع والطرق، خصوصاً في المناطق العشوائية.
- أنشطة المتاجرة في المحرمات والممنوعات ومنها: تجارة المخدرات، والأسلحة والغش التجاري، والجنس، وبيع الأعضاء البشرية، وكل الأنشطة والخدمات، التي يحظرها النظام والقانون.
- ضعف الوازع الديني وطمع بعض التجار في الحصول على أرباح غير عادية.
- انتشار الرشوة بسبب الفساد المالي، والإداري، والأخلاقي.
- ندرة توافر بعض السلع، والخدمات. بشكل رسمي.
- انتشار معاملات التجارة الإلكترونية، والتي يصعب متابعتها.
الآثار:
للاقتصاد الخفي آثار سلبية وأخرى إيجابية، نلخصها فيما يلي:
أولاً: الآثار السلبية للاقتصاد الخفي:
- فقدان بعض من الحصيلة الضريبية المؤدية للنقص في إيرادات الدولة، وبالتبعية النقص في نفقات الدولة الضرورية، أو حدوث عجز في الموازنة العامة للدولة.
- عدم دقة بعض المؤشّرات الاقتصادية، وبعض الإحصائيات والبيانات ذات العلاقة، مما يترتب على ذلك وضع سياسات اقتصادية غير مناسبة، وغير سليمة في بعض الأحيان.
- عدم الاستقرار في الوظائف المرتبطة بالأنشطة الخفية، مما يؤثّر سلباً على حالة البطالة.
- انتشار السلع غير المطابقة للمواصفات، والمقاييس النظامية، مما قد يلحق الضرر بالمستهلكين.
- يوفّر مناخ خصب لتفشي ظواهر التستر، والغش، والتدليس، والاحتيال للسلع والخدمات، وذلك لغياب الرقابة الرسمية.
- يساعد على انتشار الجريمة، وعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني.
- يشـجع الكثـير مـن الطـلاب علـى تـرك التعلـيم، وخصوصـاً في العـائلات ذات الـدخول المنخفضة للالتحاق بعمــــل غــــير رسمــــي لمساعدة أفراد العائلة.
ثانياً: الآثار الإيجابية للاقتصاد الخفي فتتضمن:
- تقديم سلع وخدمات لذوي الدخول المنخفضة بأسعار تقل عن أسعار الاقتصاد الرسمي تلبي احتياجاتهم ورغباتهم.
- تخفيض معدل البطالة بتوفير فرص الحصول على دخل أساسي أو إضافي للأفراد العاطلين عن العمل.
- اندماج مكاسب الاقتصاد الخفي مباشرة في الاقتصاد الرسمي، مما يؤثّر إيجاباً في نمو الاقتصاد القومي، وإيرادات للدولة من الضرائب.
وسائل مكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي
تتعدد أساليب مكافحة أنشطة الاقتصاد الخفي، منها على سبيل المثال ما يلي:
- الإلزام القانوني للفواتير الإلكترونية للخدمات وغيرها.
- العقوبات الرادعة للعمالة المخالفة، وحالات التسول، وغيرها من الأنشطة غير الشرعية.
- نشر الوعي بين الأفراد بأضرار الأنشطة غير المشروعة كالمخدرات، والجنس والسلاح وغير ذلك.
- تعديل التشريعات الضريبية بما يحقق العدالة، وعدم المغالاة في أسعار الضرائب.
- التقليل من التعقيدات الحكومية، ومحاربة أنشطة السوق السوداء.
- توفير فرص عمل بدخول مناسبة لمن لهم القدرة والرغبة في العمل، والقضاء على البطالة.
- المواجهة الحاسمة لتجارة المخدرات والأعضاء البشرية والجنس والسلاح.
- أحكام الرقابة على عمليات غسل الأموال.
- تقديم مزايا متعددة للتشجيع على العمل بشكل رسمي.