لا يتوافر تعريف دقيق لمصطلح الاقتصاد الخفي أو اقتصاد الظل أو اقتصاد الخفاء، لكن هناك عوامل مشتركة تميزه عن الاقتصاد الظاهر، والذي يتميز بالشفافية من حيث الأهداف والآليات ووضوح العمليات والسياسات والإجراءات التي لا تتوافر في الاقتصاد الخفي. الاقتصاد الخفي لا يخضع للرقابة الحكومية ولا يدخل في حساباتها ولا تُعرف طبيعته. الاقتصاد الخفي غير رسمي وغير مرخص من الحكومة التي يتهرب من استحقاقاتها الضريبية والمالية الأخرى وغيرها، تشجع ضبابية الأنظمة واللوائح والقوانين المتعلقة بالعمل في بعض الدول على قيام اقتصاد خفي نلمس تأثيره ولا يظهر لنا ملاكه الحقيقيون، وأحيانا لا نعرف طبيعة عمله، لكننا نشعر بوجود أعمال خفية بما نلمسه من نشاطات غير معلنة، خوفاً من ملاحقة النظام لها لعدم مشروعيتها. الأسباب عديدة وراء قيام الاقتصاد الخفي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر التهرب من الضرائب على الأعمال التي يملكها أجانب قدموا للعمل في شركات ومؤسسات سعودية، لكنهم أصبحوا ملاكها أو ملاك شركات أخرى أسسوها تحت اسم مواطن مقابل نسبة من الأرباح أو مبلغ سنوي ثابت.
تصل نسبة الاقتصاد الخفي في الولايات المتحدة على سبيل المثال إلى حوالي 20 في المائة من إجمالي الدخل القومي، خاصة بين الذين يعملون في المجالات غير المرخصة لعدم مشروعيتها القانونية، مثل تجارة المخدرات وتجارة الجنس التي لا ترخصها بعض الولايات في الاتحاد الفيدرالي الأمريكي. ويتهرب الكثير من الأمريكيين من مصلحة الضرائب التي لا تتهاون في تحصيل الضرائب منهم مهما كانت قليلة أو كثيرة، أما في المملكة فإن التستر على نشاطات من قدموا للمملكة بقصد الحج أو العمرة أو العمل ليمارسوا مهنة الصناعة أو التجارة أو المهنتين معاً بدون رخصة فإنه يعد في إطار الاقتصاد الخفي، فهؤلاء المخالفون يمثلون نسبة تتزايد سنوياً ما يزيد من الاقتصاد الخفي، خاصة أنهم لا يساهمون في دفع الزكاة السنوية والضرائب على دخولهم من الأعمال التي يقومون بها بطريقة غير نظامية. لا يمانع بعضهم من دفع الزكاة الشرعية على ما يكسبه من دخل في المملكة، لكنهم يخافون من كشف وملاحقة النظام لهم لأنهم بقوا في البلاد بعد المدة النظامية التي قضوا خلالها مناسك الحج أو العمرة، أو أنهم يزاولون التجارة أو الصناعة مخالفين بذلك طبيعة تأشيرة الاستقدام. ويُسهم التستر في خلق التحديات لتوطين الوظائف ما يؤثر في إجمالي الناتج الوطني في الاقتصاد السعودي ونسبة البطالة.
معالجة الأسباب التي أسهمت في كونه اقتصاداً خفياً أمر في غاية الأهمية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ضعف شفافية وعدم مرونة إجراءات تسجيل هذه النشاطات التي يمارسها المخالفون من الوافدين لتصبح نظامية. ومن الأهمية أن تعطى النشاطات الخفية فترة كافية للإفصاح عنها، ليبادر أصحابها بتثبيتها في سجلات وزارة التجارة والاستثمار والوزارات الأخرى ذات العلاقة، ويقع على وزارة التجارة والاستثمار مسؤولية تقصي حقيقة وطبيعة نشاطات الأفراد الذين يمارسون النشاطات الاقتصادية الخفية، من خلال زيارات ميدانية مفاجئة ومكثفة وجمع المعلومات من المواطنين الذين يزودون الوزارة بالمعلومات عن تلك النشاطات وأصحابها، حتى تكشف هويتهم ونشاطاتهم ويتم تسجيلها وعمل الإجراءات النظامية بإقرارها أو عدمه، طبقاً لأنظمة الإقامة في المملكة. وقد يكون خيار ترخيص هذه النشاطات أفضل من عدمه لأنها تساهم في دعم الاقتصاد السعودي بالرغم من نظامية أوعدم نظامية إقامة أصحابها في المملكة، بل ويفضل منحهم الإقامة النظامية ما دامت مشاريعهم في مجالات الخير للوطن والمواطن.
الخلاصة يساهم الاقتصاد الخفي في الاقتصاد الوطني، بالرغم من العديد من المخالفات في جوانب عديدة، منها عدم تسجيلها تحت أسماء أصحابها الحقيقيين، وعدم معرفة مجالاتها ومساهمتها في مشكلة البطالة، لأن المخالفين لا يوظفون المواطنين بل يتسترون على وافدين دخلوا المملكة بطريقة غير نظامية، أو دخلوا بطريقة نظامية وانتهت مدة الإقامة.
نقلا عن اليوم
أتفق معك في نقطة عدم وجود مرونة لإصدار الرخص الاستثمارية، وحسب ما علمت مؤخراً، ولم أكن أعلم بذلك من قبل، فإنه لا يسمح للمستثمرين الأجانب، التقدم للحصول على رخص استثمارية بصفتهم الطبيعية، إنما يسمح لهم بصفتهم الاعتبارية فقط، أي أنه يجب أن يمتلك عملاً في دولة أخرى، قبل أن يفكر في بالاستثمار في السعودية، سواء عبر تأسيس شركات جديدة، أو الدخول في شركات قائمة. الأمر الآخر، فإن منع المقيمين الأفراد من مزاولة المهن الحرة لحسابهم الخاص، أدى لوجود اقتصاد خفي غير مستهدف بالمراقبة ويصعب مراقبته أصلاً، فكم من فرد مقيم، يمارس مهنة التدريس الخصوصي، أو يمارس تقديم الاستشارات القانونية أو الهندسية أو البرمجية، كل ذلك بصفته الشخصية.
الاقتصاد الخفي او التستر أساسه السماح بافتتاح سجلات تجارية بدون وجود خبرة لأصحابها فالمهن المعروفة مثل الطب والهندسة والمحاسبة والمحاماة تضع وزارة التجارة شروط كثيرة وتتطلب شهادات وخبرات لمؤسسيها حتى يسمح لهم بفتح مكاتب تقدم هذه الخدمات، ولكن في المجال التجاري فيسمح لكل من شاء ان يفتح مطعماً وهو لا يفهم في اساسيات الطبخ وتسمح ان يفتح منجرة وهو لا يفهم في اساسيات النجارة ويسمح ان يفتتح مؤسسة مقاولات ولم ينفذ او اشرف على تنفيذ غرفة وهلم جراً في أغلب المهن التي ملأت شوارعنا وكلها تستر في تستر ولذلك نسبة التستر لدينا تجاوزت ٧٠ الى ٩٠٪ في بعض المهن والمجالات وتبعها صناعات باستخدام مواد منتهية الصلاحية ومنتجات في المحلات والبقالات البعيدة عن الاعين في القرى واطراف المدن لا يعرف مصدرها، والحل بسيط وسبق التنويه له مراراً وتكراراً وهو ان لا يسمح بفتح السجل التجاري في مجال معين الا بعد اختبار المتقدم في النشاط الذي يرغب ان يعمل فيه وخصوصاً مع توفر هيئات متخصصة في جميع المجالات تقوم بهذ المهام نيابة عن الوزارة وقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي