معيار تكلفة التمويل العقاري طويل الأجل

20/04/2025 1
د. فهد الحويماني

هل تنجح الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري -التي يمتلكها صندوق الاستثمارات العامة- في ضبط سوق التمويل العقاري من خلال ما لديها من سياسات وآليات وأدوات، أحدها معيار التمويل العقاري طويل الأجل؟ فالشركة تسعى من خلال هذا المعيار إلى توجيه دفة التمويل العقاري وتكلفته لفترات زمنية طويلة، وذلك تماشياً مع جهود الشركة بالمساهمة في زيادة نسبة تملك المواطنين للمنازل وتحقيق مستهدفات الإسكان في رؤية المملكة 2030، فكيف يعمل هذا المعيار المرجعي التمويلي الذي تنشره الشركة، وما الفائدة منه؟ وهل سينجح في تخفيض تكلفة التمويل العقاري في المملكة؟

غني عن القول إن منظومة التمويل العقاري في المملكة ضخمة جداً وتقوم على جهود جهات كبيرة ومؤثرة، من وزارة البلديات والإسكان وصندوق التنمية العقاري والهيئة العامة للعقار والبنوك وشركات التمويل وغيرها، إلا أن شركة إعادة التمويل التي تأسست في 2017 بدأت تلعب دوراً محورياً في سوق التمويل العقاري، حيث إنها تقوم بإعادة ضخ السيولة نتيجة شرائها محافظ القروض العقارية لتتمكن الجهات التمويلية من تقديم قروض جديدة باستمرار، إضافة إلى قيامها بتقديم قروض قصيرة الأجل للممولين العقاريين لدعم متطلبات السيولة لديهم. والشركة مهتمة جداً بمفهوم التمويل العقاري طويل الأجل بنسبة ثابتة، ولديها حملة توعوية في ذلك بالتعاون مع صندوق التنمية العقاري، وقامت قبل عامين بتمديد فترة التمويل إلى 30 عاماً، ولا ننسى أن الشركة تأسست حين كانت تكلفة التمويل العقاري متغيرة الفائدة، وهي التجربة التي لم تنجح على مستوى الأفراد، حيث وقتها كانت الجهات التمويلية في مأزق كبير حين كانت معدلات الفائدة متدنية جداً -عقب الأزمة المالية 2008- وكان من الصعب عليها تقديم قروض سكنية لـ20 عاماً أو أكثر بتكلفة ثابتة.

ما دور معيار التمويل العقاري طويل الأجل بنسبة ثابتة LTFR في تكلفة التمويل؟

معيار التمويل طويل الأجل هو نسبة الفائدة السنوية على القروض التمويلية لآجال متعددة، التي ترى شركة إعادة التمويل أنه التكلفة "المناسبة" للقروض العقارية، لكننا نعلم أن الشركة ليست جهة تشريعية وليس لديها الصلاحية ولا القدرة على تحديد تكلفة معينة ملزمة على الجهات التمويلية، ومع ذلك فإن لديها القدرة على خفض تكلفة التمويل قدر الإمكان أولاً من خلال برامجها الأخرى، وثانياً من خلال العمل بمعيار التمويل هذا، الذي بالمناسبة يشير حالياً -على سبيل المثال- إلى أن التكلفة السنوية الثابتة لقروض 10 سنوات 7.01%، ولفترة 20 عاماً 7.28%، ولفترة 30 عاماً 7.52%، إضافة إلى بقية الفترات فيما بين ذلك، ما يعني أن ذلك يمثل منحنى عوائد الاستحقاق yield curve لفترات 10 سنوات وأكثر، وهذا تطور مهم للغاية.

كيف يؤثر معيار التمويل العقاري في تكلفة التمويل؟

بحكم أن شركة إعادة التمويل تعد تقريباً اللاعب الوحيد في السوق الثانوية للقروض العقارية فإن هذا المعيار الذي تنشره يوجه رسائل مباشرة للجهات التمويلية عن الأسعار التي ستدفعها الشركة لشراء القروض، إلى جانب معايير أخرى تشترطها الشركة لقبول شراء تلك القروض، فالتأثير يأتي بشكل غير مباشر. فمثلاً حين تكون تكلفة 20 عاماً 7.28% فالجهات التمويلية تستطيع تحديد أسعار منتجاتها التمويلية لتتوافق مع هذا السعر، أي إنه يمكن تشبيه ذلك بالدور الذي يلعبه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في توجيه معدلات الفائدة في البلاد، حيث إنه لا يفرض سعر الفائدة بشكل مباشر، بل من خلال ما يقوم به من عمليات يومية لتوجيه الأسعار نحو السعر المستهدف الذي يسعى إليه. ومن المهم التذكير هنا بأن الأسعار مثل 7.28% أعلاه هي التكلفة السنوية للتمويل بطريقة APR، وليست النسبة الثابتة (المضللة) التي تعلنها بعض الجهات التمويلية المخالفة لتعليمات البنك المركزي، والتي قد تعلن على أنها 4% أو قريبة من ذلك.

هل نجحت شركة إعادة التمويل في خفض تكلفة التمويل؟

الشركة لا تستطيع خفض التكلفة مباشرة، لكن جهودها تصب في ذلك الاتجاه، فكما رأينا حين تقوم بخفض قيمة المعيار المرجعي، وفقاً لما يستجد من تطورات، فإن الجهات التمويلية تتفاعل مع ذلك في قروضها الجديدة، إضافة إلى أن ذلك يرفع من سعر شراء محافظها الحالية التي ستبيعها البنوك للشركة، حيث كما هو معلوم فإن قيمة المحفظة ترتفع مع انخفاض معدلات الفائدة، تماماً كما يحدث في الصكوك والسندات، وهذا يؤدي إلى مزيد من السيولة لدى الجهات التمويلية. وفي المرحلة المقبلة ستظهر فائدة معيار التمويل طويل الأجل، حين يتم إطلاق سوق أوراق القروض العقارية MBS، وهو المشروع الذي تعمل عليه الشركة مع مؤسسات عالمية كبيرة مختصة في هذه الأدوات، حيث ستكون هناك علاقة قوية بين المعيار وأسعار أوراق القروض العقارية.

 

 

نقلا عن الاقتصادية