حسم تصريح معالي وزير المالية قبل عدة أيام الجدل الدائر حول تعثر بعض المشاريع الحكومية حيث أوضح بأنه تم تخطي هذه المرحلة وذلك عبر الاستعانة بشركات من الخارج وبالتالي لن يكون هناك بالمستقبل تأخر ببعض المشاريع لأن الحل أصبح واقعاً وأعطى نتائجه لمطلوبة ولكن بنفس الوقت كشف التصريح عن سبب التعثر بأنه نابع من عدم قدرة بعض الشركات على تنفيذ تلك المشاريع.
ولكن بنفس الوقت جاء الإعلان عن تأسيس شركة جديدة بقطاع المقاولات برأس مال يبلغ ثلاثة مليارات نتيجة اندماج 15 شركة ليبرهن أن كل ما كان حدث بالماضي من تكريس إلقاء أغلب المقاولين مسؤولية عدم قدرتهم على العمل بالصورة التي يطلبونها لم تكن واقعية بشكل عام فيبدو أن كل الاجتماعات واللقاءات التي كانت تعقد لم تطرح الواقع الذي تعيشه الشركات بشكل صحيح أو واقعي بالرغم أن المطالبات باندماج الشركات وتنشيط الاستحواذ بدا الحديث عنها قبل أكثر من ثلاث سنوات غير أن الكثير منهم كان يرفض تقبل هذه النصائح ويرى بأنه يستطيع أن يكون كبيراً لوحده غير أن الفشل الذي حققته بعض الشركات بتنفيذ ما أوكل إليها يجب أن يكون منعطفاً للتفكير بواقعية أكثر فالمستقبل يحمل تحديات كبيرة أمامهم حيث إن القدرة على استيعاب الحجم الهائل للمشاريع الحكومية اتضح بأنه أكبر من طاقات العديد من الشركات ككم ونوع أيضاً.
وما الإعلان عن تأسيس هذه الشركة المنبثة عن هذه الاندماجات إلا رضوخ للواقع الحالي والقادم فكم خسر المقاولين من مشاريع وسمعة أيضاً بتأخرهم وعليهم الاتجاه نحو خطوات تنصب بمصلحهم ومصلحة الاقتصاد بنهاية المطاف وبالرغم من ووجود أكثر من مائة ألف ترخيص لوحدات تعمل بقطاع المقاولات لكن لم تساهم سوى نسبة بسيطة منها بالمشاريع القائمة أو القادمة لأن الكثير منها إما محدودة الإمكانيات أو وهمية مما يربك حتى القائمين على التخطيط للمشاريع فعندما يقومون بتقدير حجم المشاريع المطلوبة وينظرون إلى إمكانيات القطاع من حيث عدد المرخص لهم بالتأكيد يعتقدون بأن هناك أعداداً كافية لتنفيذ ما يتم طرحه عليهم غير أن الواقع لم يكشف فقط حقيقة عدم دقة هذه الأرقام بل أيضاً إمكانياتها عندما تفشل بأي مشروع تقوم بتنفيذه.
وبالتالي فإن الواقع يفرض أن تكون هناك إعادة تقييم لهذه الرخص ووضع معايير تحدد من يستحق البقاء منها بالسوق مع ضرورة التشجيع على تكوين كيانات كبيرة حتى تستطيع أن تواجه حجم الطلب المستقبلي بخلاف الانعكاس الإيجابي على تنافسية السوق التي بدورها تؤثر في التكاليف من جهة وأيضاً تبقي على طاقات كبيرة تخدم الاقتصاد الوطني دائماً فالشركات الخارجية تخرج بنهاية المشروع وتذهب بخبراتها وما جنت من أرباح لأوطانها التي لو وجدت ما يسد رمقها لما أتت لسوقنا بسهولة ويبقى المقاول المحلي متفرجاً نتيجة عدم تقديره الصحيح للمرحلة الحالية التي يعيشها الاقتصاد فخطط التنمية تسير وفق ما خطط لها ولن يعيقها قدرات القطاع الخاص إذا كانت أقل من المطلوب لأن الخيار متاح من الخارج كما تستطيع الشركات الكبيرة أن تؤثر بأسعار مواد البناء لأنها تلعب دوراً بتحديد الأسعار فلديها القدرة حتى على الاستيراد لو رأت أن هناك من يريد أن يتحكم بالأسعار كما يحدث بالحديد حالياً.
شركات المقاولات تعيش فترة ذهبية ففي الوقت الذي تعاني مثيلاتها بالدول المجاورة مرحلة حرجة نظير قلة المشاريع وتراجع النمو الاقتصادي تواجه الشركات حجماً هائلاً من المشاريع ومطالبة بأن تكون لاعباً أساسياً بالتنمية فلابد من قراءة المستقبل بشكل صحيح حتى تتحالف معه بعيداً عن اعتبارات الماضي.
خطوة جيدة