من يصدق ان لدى ايران مشكلة عويصة في الطاقة؟. لدى ايران ثاني احتياط غاز في العالم بعد روسيا، و رابع احتياط نفطي عالميا و مع هذا هناك مشكلة في توفير الطاقة. مظاهر النقص في ما ذكر 'رئيس' البرلمان قالباف في أن هناك فجوة بين الطلب و العرض في الكهرباء تصل الى 15 الف ميقاوات. و تناقص انتاج الغاز من حقل الشمال الذي تشترك مع قطر فيه، و الذي يشكل حوالي 70% من انتاج ايران. هذا النقص يتضح في نقص انتاج الحديد بحوالي 45% في الصيف الماضي و انتاج الصناعات البتروكيماية عند 70% من القدره الاستيعابية. كذلك ذكر ان هناك 250 مليون متر مكعب يوميا كعجز في الغاز. كما ان الأسعار المتدنية ( اقل اسعار في العالم في ايران و فنيزويلا) للمشتقات النفطية تسببت في تهريب 25-30 مليون لتر من المشتقات يوميا. اهم المظاهر للعامة في انقطاع الكهرباء. تعتمد ايران في حاجتها للطاقة بحوالي 70% على الغاز. التحدي الأكبر ان التضخم عند 40% سنويا و 30 مليون تحت خط الفقر ما يجعل اصلاح منظومة الطاقة في دائرة الاقتصاد السياسي.
كيف وصلت ايران الى هذا المأزق.؟ يصاحب الظاهرة المعقدة دائما اسباب كثيرة اختصرها في سياسة التسعير. فحين تسعر اي سلعة بأقل من سعرها تنتهي عادة بالنقص في العرض و تشويه في استهلاك و انتاج كل ما يعتمد عليها. البعض قد ياخذ الطرح و كانها تبجيل اعماء لاقتصاد السوق و لكن التجربة واضحه في فنزويلا و ايران و دول كثيرة. احد جوانب التشويه التعويل على اسعار منخفظة للطاقة لتعظيم المصالح بين الفيئات المجتمعية المختلفة، و لكن ايضا هناك تاثيرات جانبية مثل حين ينخفض دخل العامة و حتى الشركات يلجأون الى شراء وسائل مواصلات و صناعية غير اقتصادية في استهلاك الوقود. كذلك التهريب في الحالة الايرانية عالي مع الدول المجاورة مثل افغانستان و باكستان. يصعب تقدير التهريب و لكن فرصة الأرباح عالية و لذلك لابد انه مؤثر. في بلد نفطي نقص العوائد النفطية دوليا و محليا يضعف المالية العامة. العجز في الميزانية العامة و التجاري يقود الى نقص في العملة الصعبة، و الذي قاد بدوره الى سياسة صرف ثلاثية، الاولى سعر رسمي 285 الف ريال إيراني لكل دولار لشراء ما يحدد انه ضروري كالادوية، و سعر صرف رسمي آخر عند 468 الف لاستيراد بعض السلع المدعومة كالاغذية. و هناك سعر السوق و الذي تجاوز 700 الف حيث سجل الريال انخفاض باكثر من 90% منذ 2018. للمقارنه التاريخية كانت الدولار يعادل 70 ريال مع قيام الثورة. هذه الفوضى في سعر الصرف تؤدي إلى فساد برفع فرص التلاعب و تشويه في الاسعار و دليل على استفحال التضخم الذي يؤثر على اغلب الناس حيث دخولهم محدودة و المتقاعدين. و ايضا يضغط على ربحية
المصارف و يعوق قدراتها على تمويل القطاع الخاص لانها مجبره للاستثمار في سندات الحكومة. الحالة المالية و الاقتصادية تجعل إصلاحات الطاقة صعبة جدا لأن أغلب الافراد و الشركات ليس لديها بأسعار معقولة الا اسعار الطاقة و لذلك تصبح سياسة الطاقة و خاصة تسعير المنافع سياسة شد حبل بين الجميع و من يريد الاصلاح.
حقول ايران قديمة لان ايران بدات الانتاج قبل الحرب العالمية الاولى، و ايضا بسبب المقاطعة و بالتالي نقص الاستثمارات الراسمالية. الحلول كلها صعبة و الكل يعرف انها ضرورية و لذلك المخاطر عاليه. من اعراض الصعوبة لجؤ الرئيس الايراني الى استجداء العامة في المساعدة لان الخطاب الرسمي يقول ان سبب الاشكالية المبالغة في الاستهلاك، و لكن مقارنة استهلاك الكهرباء للفرد المتوسط بين ايران عند كيلوات للساعة 1220 و أوروبا عند 1584 تقول العكس، و لكنه ايضا لم يدعو لتعديل الاسعار. كما ان هناك خلافات حول حجم الاستيراد من المشتقات فالبعض في الحكومة يذكر 5 مليار دولار ، و آخرون في البرلمان يذكرون 2. التجارب تقول دائما حين تؤجل الاصلاح تتراكم العيوب الى ان تصبح هيكلية و خاصة لقطاع مفصلي اقتصاديا، و بالتالي يخرج حلها من الدائرة التكنوقراطية ليدخل دائرة الاقتصاد السياسي. من السياسي انتظار فيماذا ادارة ترمب سوف تشدد العقوبات على النفط الايراني.
خاص_الفابيتا