رفع كفاءة العمل بنظام الرهن العقاري المسجل

31/10/2024 0
عبد الحميد العمري

امتداداً لما أورده الدكتور فهد الحويماني في مقاله الأخير بعنوان (أهمية تطوير سوق أوراق الرهن العقاري)، الذي تمحور حول التطورات المتسارعة التي تمر بها منظومة التمويل العقاري في السعودية، ومن أهمها نشوء سوق ثانوية لتداول أوراق الرهن العقاري، نتيجةً لقيام الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري بشراء محافظ القروض العقارية من البنوك ومؤسسات التمويل، والمتوقع أن تؤدي إلى تنشيط عملية بيع وشراء أوراق الرهن العقاري، وهو ما سيعززه التعاون المعلنه أخيرا بين الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مع "بلاك روك"، نظراً إلى الحاجة لإيجاد منظومة متطورة لتداول أوراق أو سندات الرهن العقاري التي تصدرها الشركة، وتأكيده على حاجة شركة إعادة التمويل إلى إصدار تلك الأوراق بطرق فنية قياسية معينة، تستهدف رفع جاذبيتها لدى جميع فئات المستثمرين محلياً وخارجياً.

أمام هذه التطورات الإيجابية والمتسارعة، لا بد من العودة مجدداً إلى نقطة ارتكازية تتعلق بنظام الرهن العقاري المسجل، الذي يعني عقد يسجل وفق أحكامه، ويكسب بموجبه المرتهن (الدائن) حقـاً عينياً على العقار المعين الذي له سجل، ويكون لهذا المرتهن بمقتضاه أن يتقدم على جميع الدائنين في استيفاء دينه من ثمن ذلك العقار في أيّ يد يكون، حيث لا زالت الجهات التمويلية بكافة أنواعها تتجاوز نصوص النظام رغم مفعوله الساري، إلى الاعتماد على ضماناتٍ تتجاوز كل ما تضمنه النظام، ومن أبرز تلك الإجراءات أو الضمانات الأخرى، ما يتمثل بإلزام الممولين على المقترضين بتوقيع (سند أمر) بكامل القيمة المستحقة للقرض، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتخطاه إلى إمكانية الحجز على حسابات المقترض، وهي المعضلة التي أصدر البنك المركزي السعودي أخيرا بخصوصها مقترحاً بوقفه وحصره كثيراً ضمن ضوابط قضائية صارمة، وبما يعني معالجة هذه المعضلة التي طالما ألقت بكثير من التبعات السلبية معيشياً على كاهل المقترضين وأسرهم، ولم يبق في المرحلة الراهنة إلا العمل المتكامل على التفعيل الشامل والملزم لنظام الرهن العقاري المسجل، وإلزام كافة الممولين بتطبيق جميع مواد النظام أثناء تنفيذ تعاقدات التمويل العقاري.

يأتي في مقدمة تلك المواد النظامية الواجب الالتزام بها من قبل الممولين ما ورد نصاً ومضموناً في المادة الثامنة عشرة من النظام، والتي نصّت على التالي: (إذا حل أجل الدين وجب أداؤه، فإذا أدّاه المدين أخذ عقاره المرهون، وإن لم يؤده بيع العقار المرهون بطلب المرتهن، ويقدّم على جميع الغرماء في استيفاء دينه من ثمنه وفقاً لمرتبته شرعاً ونظاماً، فإذا بقي للمرتهن دينٌ حاصص الغرماء في باقي أموال المدين كغيره من المدينين)، وهو ما يعني بدوره العمل على منع إلزام الممولين للمقترضين من إجبارهم على توقيع (سند أمر) بكامل القيمة المستحقة للقرض، أو أي إجراءات أخرى مهما كانت تتجاوز في حقيقتها ما تضمنه نظام الرهن العقاري المسجل، وهو أيضاً ما لم ينص عليه في أي من أنظمة التمويل والرهن العقاري.

لهذا فإن الخطوة المطلوبة في هذه المرحلة المهمة على طريق التطوير الكامل والشامل لمنظومة التمويل العقاري في السعودية، أن يتم إلزام كافة مؤسسات التمويل من بنوك ومؤسسات بالاكتفاء نظاماً بالرهن الذي بناءً عليه منح للمستفيد القرض، وهو ما كفله النظام للمحافظة على حقوقه تجاه المدين، وهو الأمر التنظيمي البالغ الأهمية بحال تم إلزام الممولين به، الذي سيدفعهم إلى اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر أثناء إتمام جميع إجراءات التمويل، خاصةً فيما يتعلق بتثمين وتقييم العقار المخطط شراؤه ورهنه، وأن يكون كافياً لضمان حقوقه، وسيتأكّد هذا بعد أن تم منعه من إجبار المقترض على توقيع (سند أمر) كضمانٍ إضافي، وهو الأمر الذي لم تنص عليه أي من أنظمة التمويل والرهن.

 

 

نقلا عن الاقتصادية