العرب والتجارة العالمية الحرة مع الغرب

12/09/2024 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

لا أكتب هذا المقال من وجهة نظر سياسية متهيجة ضد الهيمنة الاقتصادية الأمريكية وغيرها على الدول النامية، بل أرى الوقت مناسباً ليفهم العرب أنهم يقصون تدريجياً من لعب الدور الاقتصادي والسياسي بحجة الإرهاب الذي يستثمره الأمريكيون وغيرهم في الغرب للفوز بالمكاسب الاقتصادية على حساب العرب والمسلمين، وذلك في كل مكان تتوفر فيه مصالحهم أي مصالح أمريكا والغرب، حيث يفرضون هيمنتهم على العالم بكل السبل التي تراها ممكنة وقابلة للتنفيذ، أعيد الذاكرة إلى حجب الكونجرس الأمريكي فوز موانئ دبي بعقد لإدارة بعض الموانئ الأمريكية بحجة حماية الأمن القومي الأمريكي.

المفترض أن يتيح انضمام الدول العربية لمنظمة التجارة العالمية الفرصة لشركاتها للنفاذ إلى الأسواق العالمية للدول الأعضاء من غير تمييز أو تحيز ضدها، وذلك إذا توفرت العدالة والشفافية والنوايا الحسنة لدى الأطراف الأخرى لأن المنظمة نظرياً تساند الشفافية والتجارة الحرة والتخلص من القيود التي تعيقها، لكننا لمسنا من الولايات المتحدة الأمريكية النقيض لما تدعو إليه المنظمة من تكامل وتناغم اقتصادي بين الدول الأعضاء، خاصة ما يحدث من عقبات للفرص الاستثمارية أمام الشركات الخليجية في الولايات المتحدة الأمريكية التي أثبتت للعرب، خاصة الخليجيين منهم، أنها مهما بلغت من الحكمة السياسية لن تكون شريكاً اقتصادياً يعتمد عليه لبناء اقتصاد عالمي متكافئ، حيث نرى مؤشرات ما أتحدث عنه في المعارضة الشرسة للكونجرس الأمريكي لمنع هيئة موانئ دبي من الفوز بعقد تدير بموجبه ستة موانئ أمريكية.

أتحدث عن الاقتصاد العالمي الذي يجب أن يقوم على أسس المنافسة والشفافية والعدالة في الفرص بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي تشجع الدول الأعضاء على خفض الحواجز التجارية الطبيعية والسياسية والاقتصادية لتتكامل اقتصادات الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في الاقتصاد العالمي، إن ما قامت به إدارة هيئة موانئ دبي من تنازل ودي وحميمي لشركة أمريكية يعد في نظري عمل طيب، لكنه كان تنازل الضعيف للقوي للخروج من المأزق، ولكن إلى متى يتنازل الخليجيون ويؤثرون غيرهم على أنفسهم!! وإلى متى يستمر العرب في التعامل بهذه الطريقةمع من يعتقدون أنه شريك اقتصادي يعتمد عليه، لقد كانت فرصة ممتازة لدولة الإمارات العربية ممثلة بهيئة موانئ دبي وللعرب جميعاً ليثبتوا لأمريكا وغيرها أنهم قادرون على المنافسة وتقديم الخير والفكر والمشاركة في النمو الإقتصادي للعالم من خلال إدارتهم للموانئ الأمريكية التي آلت إدارتها قسراً في ما بعد لشركة أمريكية، وسيستمر تحجيم الاستثمارات العربية الخدمية والمعرفية والتي لها قيمة مضافة حتى لا تتوسع خارج حدودها، بل وستسمح التجارة العالمية والاتفاقيات التجارية عبر المناطق الحرة لتحجيم العرب في بلدانهم.

إذا أراد العرب التجارة الحرة مع الدول العظمى في الغرب والشرق، فلا بد من توفر الظروف المناسبة التي تتيح الفرصة للأطراف المهتمة بالتكامل الاقتصادي العالمي وأهمها العدالة وعدم تسييس الاقتصاد ليفوز منافسوهم عليهم من خلال نوافذ السياسة، ومن الأهمية أن يكون لدى العرب تكتل اقتصادي قوي يساعدهم على المنافسة في دولهم وخارجها.

 

 

 

نقلا عن اليوم