أتاح التقدم الهائل في المعلومات وشبكات التكنولوجيا العالمية إلى ظهور تزاوج بين الهاتف والتلفاز والصحافة حيث ساهمت في استعراض خدمة المعلومات بجميع أنواعها على شبكة الانترنت بدأ من المكتبات الرقمية وانتهاء بالبحث بذكاء عالي لإيجاد إبرة في كوم من القش.
مع تحرر المستخدم من قيود الهاتف الثابت بظهور تقنية الهواتف المتحركة تم استبدال الحواجز الحديدية بأخرى من جليد ظهرت بوادر ذوبانها سريعاً بين صناعة الاتصالات و وسائل الترفيه ومراكز المعلومات وحلت مكانها بدافع الاستقلالية المتجددة وسرعة تأثير القرار منظومة مختلفة كلياً ساهمت بنشوب معارك بين شركات الاتصالات ومقدمي خدمات الانترنت (شركة سكايب الأمريكية التي توفر تقنية الصوت عبر شبكة الانترنت VoIP بأسعار بخسة), إلا أن تلك المعركة ما لبثت أن أدخلت أطراف أخرى بتقنية ما يعرف بـ التريبل بلاي (Tripl play) ينازعون تلك الشركات السيادة في معركة البقاء على الوجود فلم يعد لمجال التخصص الاحتكاري مكان في دهاليز الصناعة الوليدة (شركة بي بي بيل, وشركة كابل و كومكاست كيبل وغيرهم بدأو البث التلفزيوني عبر شبكة الإنترنت).
وقد حاولت شركات الاتصالات التغلب على المنافسين الدخلاء والتحكم بزمام الأمور بإدخال لاعبين جدد لإضعاف كل طرف (شركات الإنترنت والكيبل التلفزيوني) أمام المحتوى المتخصص (مؤسسات الترفيه والأعلام ومراكز المعلومات) معتمده في ذلك على توفير المنصة العريضة للشبكات وقربها الحثيث من المستهلك النهائي, إلا أن اكتشافها المتأخر بأن توفير المنصة التقنية لبث المحتوى سيكون مكلفاً جداً ويتطلب استثمارات ضخمة لترقية الأسلاك النحاسية بأخرى من الألياف البصرية العالية السرعة القياسية واستبدال خطوط الهاتف الثابت بخطوط تدعم تقنية الـ دي اس ال طامحة إلى أن يكون الكابل السكني في كل بيت يحتوي على توصيلة واحدة للهاتف والكمبيوتر والتلفزيون ناهيك عن الاستثمار المكلف في مجال البرمجيات بما في ذلك بروتوكولات النقل، ومعايير التوافق البيني للشبكات مع شركائها إلى أخره.
من أجل ذلك فقد راهنت بعض شركات الاتصالات على تقديم خدمة المحتوى من خلال تقنية النطاق العريض للهواتف المتحركة كونه لا تتطلب التعقيدات المتمثلة في الشبكات الأرضية إلا أن مصدر القلق الرئيسي يكمن في تكيف تقبل ثقافة المستهلك للتكاليف المرتفعة لخدمة المحتوى تحت الطلب مقارنه بالبدائل الأخرى المتاحة ذلك أن صناعة الترفيه كمدخل هام وأحد ضرورات التكامل ما زالت عالية التكلفة ومن جانب أخر فإن تقنية شاشة العرض عالية الوضوح وطاقة الدعم المستمر لبطاريات الهواتف المتحركة لا زالت متخلفة مقارنة بتقنية الترفيه المنزلي ومن الدروس المستفادة هنا تجربة شركة فودافون لاحتكار بث دوري كرة القدم الإنجليزي على هواتفها المتحركة وقفز شركة صغيرة جداً تقدم خدمة الانترنت ووقوفها في وجه شركة فودافون العملاقة كمنافس كسر احتكارها بذكاء بالغ مما قاد المشرعين البريطانيين إلى إصدار قانون يمنع احتكار شركات الاتصالات لبث الدوري الإنجليزي خوفاً من الضرر الكبير الذي قد يلحق مصادر تمويل صناعة رياضة كرة القدم في بريطانيا، وسيمر بنا وقت قد يمتد لسنوات قبل أن نرى ترجمة المحتوى الرخيص على الواقع المحسوس والله أعلم.