أعلنت شركة "زين" الكويتية في 30 مارس 2010 م عن توقيعها لإتفاقية بيع جميع عملياتها التشغيلية في قارة أفريقيا ( باستثناء عملياتها في المغرب والسودان) لشركة بهارتي ايرتل بقيمة بلغت 10.7 مليار دولار أمريكي. وأوضحت " زين" أن صفقة البيع ستدر على خزينتها مبلغ ( 9 ) مليارات دولار أمريكي مبينة أن مبلغ 8.3 مليار دولار سوف تسدد نقداً عند إبرام الصفقة بشكل نهائي بينما سيتم دفع البقية (0.7 مليار دولار) بعد مرور سنة من تاريخ ابرام الصفقة.
وذكرت أن قيمة الصفقة البالغة 10.7 مليار دولار تشتمل على 1.7 مليار دولار تمثل التزامات مالية (ديون ومطلوبات) على شركة زين أفريقيا، وهي التزامات سوف تتحملها شركة بهارتي ايرتل حسب الأتفاق المعلن.
شهدت شركة "زين" الكويتية منذ إنطلاقتها الأولى في عام 1983 وإدراجها في البورصة عام 1985م برأس مال تطورً بشكل كبيرً على مر السنين إلى أن وصل إلى ما يقارب (430) مليون دينار كويتي (1,5 مليار دولار) وعدد الأسهم (4،275) مليار سهم بقيمة أسمية للسهم الواحد قدره (100) فلس كويتي.
وقد انتهجت الشركة في مشارف القرن الحالي سياسة التوسع الأقليمي السريع من خلال الأستحواذ على الشركات الصغيرة التي تعمل في مناطق موعودة بالنمو محاولة دمجها في مركز عمليات أقليمي تم أستحداثه لهذا الغرض محققة الأستفادة القصوى من سياسة الإنتشار الأقليمي للشبكة كمدخل منافس و تخفيض المصروفات التشغيلية للحد الأدنى بتدوير الأصوال وتمرير تقنيات متواضعة تفرضها آلية السوق وتدوير مركزية رأس المال البشري وإدخال مفهوم التناغم العملياتي لتوحيد الأهداف Synergy في محاولة للسيطرة الكاملة على مصاريف التشغيل المتغيرة.
في عام 2007م شهدت الشركة نتيجة للتوسع في العمليات نمو في الأرباح التشغيلية قبل الـــ EPTEDA (قبل خصم الضرائب والأستهلاك إلخ ) إلا أن صافي أرباحها بدأت بالتراجع وساهمت الأزمة المالية التي بدأت في منتصف 2008م في وتيرة التقهقر وذلك نتيجة لسياسة الأستثمار التي أتبعتها الشركة في عملياتها (محاولة - وهي محقة في ذلك - الولوج للسوق السعودى بأي ثمن).
وفي ذات الوقت أنكفاف موارد التمويل الداخلية و الخارجية لآسباب ليست محل بحثنا ، ويكفينا الإشارة إلى انخفاض مداخيل السهم الواحد Earnings Per Share خلال فترة 12 شهر بنسبة 22% من (65،24) فلس في شهر مارس 2008م إلى (50،76) في شهر مارس 2009م ، وأنخفاض القيمة السوقية للسهم Market Price Per Share خلال نفس الفترة بنسبة قاربة 11% من(1،46) إلى (1،3) فلس. وانخفاض القيمة السوقية للسهم في الشهر المقابل له من العام 2009م.
لقد شهد كردة فعل، تداول سهم الشركة منذ منتصف العام المنصرم وبخاصة في الأسابيع القليلة الماضية مضاربات عنيفة إذ قفز سعر السهم في البورصة الكويتية منذ شهر فبرايرمن هذا العام بنسبة تقارب 75% من (800) فلس إلى (1.420) دينار محققاً قمة تاريخية بلغت ( 1.5 ) دينار في سبتمبر من العام المنصرم , فقد أرخت السوق أذانها للشائعات بأن المبلغ الضخم الذي سيتولد لخزينة الشركة من الصفقة يفوق العشرة مليار دولار إلا أنه في الحقيقته لن يزيد بعد سداد ديون الشركة الأم عن (4,3) مليار دولار (1.24مليار دينار كويتي) متبوعاً في مرحلة لاحقة بـ (700) مليون دولار (200 مليون دينار كويتي).
إلا أن ما المح إليه بعض مسئولي الشركة إلى أن "زين" تنوي توزيع جزء كبير من إيرادات الصفقة على مساهميها كتوزيعات أرباح بعد استقطاع الاحتياطيات هو في الحقيقة أمر مستغرب إذ أن نصيب السهم الواحد من عائد الصفقة سيكون (330) فلس كويتي أي ضعف قيمة السهم الأسمية 3,3 و هذا أمر لم تعهده الأسواق للأسباب التالية:
• تخارج الشركة من عملياتها في القارة الأفريقية سيؤدي (نظراً لضبابية أستراتيجية الأستثمار لدى الشركة ) إلى هبوط حاد في ربحية السهم ومن ثم قي قيمته السوقية.
• سيشكل رأس المال عبئاً إضافياً على أعمال الشركة (عدد أسهم كثيرة مقابل أرباح محدودة) .
• صرف مثل هذه الأرباح دفعة واحدة سيؤدي إلى هبوط السهم بقوة إلى قيعان غير معلومة مما سيؤثر على حملة الأسهم.
• يعتبر سهم شركة زين من الأسهم ذات الوزن الثقيل والمؤثرة في البورصة الكويتية لذا فإن فقدان السهم لأكثر من نصف قيمته السوقية سيتسبب في تكبد السوق الكويتية لخسائر فادحة لم تشهدها من قبل { القيمة الأجمالية لأسهم الشركة في البورصة بإغلاق شهر مارس 2010 م تقارب (6 ) مليار دينار كويتي , بينما متوسط قيمة تداوال السوق تقارب 80 مليون دينار}.
• إنغلاق الشركة على اسواقها المحورية سيقود بلا شك إلى الترنح جانباً في صناعة أقل ما يقال عنها أنها ديناميكية شديدة التغير.
• يجب على الشركة إعادة هيكلة رأس المال وأعمال الشركة وإعادة توجيه المنهج التشغيلي والأستثماري وتصميم الهياكل التنظيمي ورأس المال البشري المتخصص بناءً على المعطيات الجديدة دون الإتكال على الإرث الإداري السابق الذي خدم مرحلة التكوين .
يعلم الجميع مدى شهرة شركة فودا فون التي بنت أمبراطوريتها بتوظيف عوائد عملياتها في الأستحواذات المتتالية وقد كان حملة الأسهم سعداء بما تفعله لأنهم يرون الشركة تنموا بإضطراد و أسعار أسهمهم تسجل عاماًً بعد عام أسعار مرتفعة ، إلا أن الشركة قامت بتوزيع ما بحوزتها ذلك العام من سيولة على حملة الأسهم ظناً منها أنها تكاقئهم على ولائهم وصبرهم فكانت ردة فعل بورصة المال فور إعلان شركة فودا فون هبوط السهم بنسبة فاقت 15% من قيمته لماذا لأن السوق ترجم هذا القرار على أنه تغيير لإستراتيجية الشركة.
إن تداعيات سياسات الأستثمار الخارجي في عالم الاتصالات هو في عصرنا هذا أمر بالغ التأثير بمصالح الشركة الأم التي يجب أن تضع في حساباتها الثمن الذي ستتكبده عند بيع عملياتها أو فك أرتباط أحد وحداتها العاملة أينما كانت (والفلاح المزارع يعلم أن غرس فسيلة النخلة أسهل من فكها و فصلها عن أمها التي نبتت على جذعها وتغذت على جذورها لمدة ليست بالقصيرة)
المشكلة اذا ما وزعوا فلوس على المساهمين بيزعلون عليهم وايضا كيف بيتصرفون فيها لو ما وزعوها والفرص شبه انعدمت ؟؟ يعطيك العافية يا اخ ناصر
أشكرك على هذا التحليل المتميز يا أخ ناصر ولكن أعتقد أن الشركة سوف تلجأ الى تخفيض رأس مالها.