استطاع مؤشر الدولار تجاوز منطقة 105 التي كانت تعد منطقة مقاومة سابقة، حيث إنها كانت قمة تراجع منها الدولار بنحو 2.50 % في شهر فبراير الماضي، وبالتالي تحرر مؤشر الدولار من الاتجاه الهابط الذي بدأه في شهر أكتوبر من العام الماضي، عندما حقق قمته الأعلى عند 107.34 نقطة، ومنها دخل الدولار في موجة هابطة استمر معها في التراجع مقتربا من 100 نقطة، منخفضا بنحو 7 %، تحرر الدولار من المسار الهابط ودخوله باتجاه صاعد جديد كلف الأسواق تراجعات لا بأس بها حتى الآن، حيث ارتفع الدولار خلال شهر أبريل الجاري بنحو 2.50 % ليصل إلى 106.50، ارتفع منذ بداية العام الجاري بنحو 5 %، لكن الارتفاع الأخير جاء متسارعا بشكل ضغط على الأسواق بشكل مؤثر، حيث تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تجاوزت 4 % منخفضا بأكثر من 220 نقطة، ليصل إلى 5050 بعد تسجيله 5256 نقطة، خلال أقل من شهر، كما تراجع مؤشر الداو جونز بنسبة تجاوزت 5 % منخفضا بأكثر من 2130 نقطة ليصل إلى 37800 بعد تسجيله أكثر من 39800 نقطة مطلع الشهر الجاري، بينما تراجع مؤشر الناسداك بأكثر من 650 نقطة ليصل إلى مستويات قريبة من 15800 منخفضا بنحو 4 % عن قمته المسجلة خلال الشهر الجاري، كما ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ نوفمبر العام الماضي.
هذه التراجعات الجماعية للمؤشرات الأمريكية التي تعد قيادية لبقية الأسواق، كانت بسبب استيقاظ الدولار من سبات استمر عدة أشهر، لكن هذه اليقظة المفاجئة جاءت بدعم من ارتفاع معدلات التضخم مجددا خلال الربع الأول من العام الجاري، وذلك بأكثر من توقعات الأسواق، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين على أساس سنوي لشهر مارس بنسبة 3.5 % وذلك بعد ارتفاعه 3.2 % في فبراير، بينما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه بنسبة 3.4 %، كما جاءت القراءة الأولية لمؤشر ثقة المستهلك الأمريكي في جامعة ميتشجان سلبية وبأكثر من التوقعات، حيث تراجعت البيانات إلى 77.9 بينما كانت التوقعات تشير إلى تسجيلها 79 نقطة، هذه البيانات جددت المخاوف من عودة التضخم رغم ارتفاع أسعار الفائدة، ما يعزز بقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق، كما كان لتوصية "جي بي مورجان" الأسواق باحتمالية إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول بكثير مما تعتقده الأسواق، وأن الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة في اجتماع يونيو المقبل كما تتوقع الأسواق، أثر في الضغط على المستثمرين.
وكما قيل فإن المصائب لا تأتي فرادى، فقد قامت وكالة التصنيف الائتماني العالمية فيتش بتعديل نظرتها المستقبلية للصين - ثاني أكبر اقتصاد في العالم - إلى سلبية، وذلك بسبب المخاطر المالية واحتمالية ارتفاع العجز الحكومي إلى 7.1 % وانخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.5 % في 2024.
كل هذه الأخبار والبيانات لعبت دورا في الضغط على الأسواق جنبا إلى جنب مع ارتفاع الدولار وتجاوزه مستويات 106، ما أسهم في ارتفاع مؤشر التقلب CBOE - الخوف - بنسبة تجاوزت 34 % خلال أسبوع واحد فقط، وربما يستمر الضغط على الأسواق طالما بقي مؤشر الدولار أعلى من 105 التي تعد منطقة دعم قوية له.
نقلا عن الاقتصادية