التلاعب في أسواق الأسهم أمر وارد، لذلك وُجدت هيئات أسواق المال للحد من هذا التلاعب. وتحاول هيئات أسواق المال خلق سوق كفؤة عبر ضبط المخالفين أو المتلاعبين وتغريمهم. وتختلف المخالفات، أو لنقل التلاعب. فتارة نراه في محاولة خلق سعر وهمي لسهم «ما» عبر تدوير السهم في محافظ اتفق أصحابها على البيع والشراء من خلال هذه المحافظ التابعة لهم، وخلق سعر غير حقيقي للسهم، وبدخول مشترين آخرين يتم البيع عليهم والتخلص من الأسهم ومن ثم تقاسم الأرباح بين هذه المحافظ وفق نسب محددة سلفاً، وتعتمد على رأس مال المحفظة ولا مانع أن يشارك آخرون من خارج التحالف، التلاعب الثاني وهو الأخطر، تقديم معلومات خاطئة أو بالأصح معلومات مضللة للجهات المشرفة على السوق بهدف التأثير على سعر السهم، وعادة ما يستفيد من ذلك التنفيذيون داخل الشركة، إذ إنهم يستفيدون من تقديم هذه المعلومات المضللة بخلق سعر غير حقيقي للسهم وقد يتجاوزن الأنظمة ويمتلكون أكثر من خمسة في المائة من أسهم الشركة ولا يفصحون عن ذلك، ومن ثم يبيعونها ويجنون الأرباح عن طريق الاحتيال.
لذلك كانت الإدارة مهمة بل ركن من أركان قرار شراء سهم شركة «ما»، فنحن نجد أن الشركات العائلية أو الخاصة التي أُدرجت في السوق وكانت إدارتها جيدة كسبت مصداقية عالية لدى المستثمرين، فمثلاً مصرف الراجحي كان شركة عائلية ثم أصبح شركة مساهمة، وكانت نتائج الشركة جيدة بعد التحول فكسبت ثقة الناس وأسست سمعة جيدة للشركة انعكست على السهم، وقس على ذلك شركة جرير للتسويق فبعد تحولها إلى مساهمة كسبت ثقة المتعاملين نتيجة حسن إدارة الشركة التي حققت الأرباح وخلقت مستوى ثقة عالياً بين جموع المستثمرين، بفعل الشفافية العالية التي تستخدمها الشركة في الإفصاح عن معلومات الشركة وخططها المستقبلية، ما أعلنت عنه هيئة سوق المال السعودية الأسبوع الماضي عن تغريم نافذين في شركة وطني للحديد والصلب بنحو 45 مليون ريال (12 مليون دولار أميركي) أمر مفرح ومحزن في الوقت نفسه؛ مفرح لأن هيئة سوق المال السعودية أحكمت الرقابة على السوق وبشدة وأوقفت التلاعب وغرمت المخالفين، بل وأعلنت أنه يمكن للمتضررين أن يتقدموا بشكوى جماعية لأخذ حقوقهم من المتلاعبين.
ومحبط أن المسؤولين عن شركة يتلاعبون في سعر السهم، والأدهى والأمر تقديم معلومات مضللة؛ وللأسف فإن مثل هؤلاء المتلاعبين نظرتهم لا تتعدى أرنبة أنوفهم، لأنه من الصعب أن يثق بهم الناس في مشاريعهم المقبلة، وقد اكتسبوا سمعة سيئة يصعب محوها بسهولة، ولأننا مجتمع يعرف بعضه بعضاً، فقد يمتد التأثير السيئ لغيرهم، متناسين أنه «لاتزر وازرة وزر أخرى»، الأمر الآخر أن مثل هذا التلاعب يفتح باب الشماتة من غير المحبين وقد تكون الشماتة أقسى من العقوبات الموقعة على المخالف.
الجميل في الأمر أن هيئة سوق المال ضربت بيد من حديد على المخالفين وعاقبتهم، ونحن نريد مزيداً من الضبط من قبل الهيئة لخلق سوق كفؤة. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط
شكرا أستاذ علي مقال جميل جدا بالنسبة للممارسات الأولى اليوم مع زيادة عمق السوق وحجمه وسن الأنظمة ووجود التقنية المتطورة والحديثة مع تقنية الفارّ وغرف التحكم والصانع ومن خلفه الصانع أصبح التدوير والتلاعب السابق من الماضي .. بالنسبة للتلاعب الثاني والذي تم كشف أول حالات العام الجديد ٢٠٢٤ هي بشائر خير للجميع لا سيما والعوائل التي تم التشهير بها من أكبر العوائل التجارية في المملكة وكنت أتمنى لو تمت اضافة السجن كم عام حتى يرتدع الآخرون وكل الشكر لهيئة السوق والقلئمين عليها على جهودهم