تزداد ضبابية توقعات النمو الاقتصادي العالمي واستقرار الأسواق فترة بعد فترة، بالتزامن مع استمرار مستويات التضخم عند أعلى من مستهدفات البنوك المركزية (2.0 في المائة)، وما اقتضته مواجهة تلك البنوك لألد أعداء الاستقرار الاقتصادي "التضخم"، من قرارات متتالية ومتسارعة خلال فترة وجيزة لمعدلات الفائدة، يأتي هذا التقييم على الرغم من الإشادة الأخيرة لبنك التسويات الدولية BIS بالتقدم الذي أحرزته البنوك المركزية في مواجهة التضخم، وأنها تعد جهودا مشجعة، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن تلك البنوك لم تخرج بعد من أزمة التصدي للتضخم ومحاربته، ولا بد أن تكمل إنجاز تلك المهمة، وأن على البنوك المركزية أن تدرك بصورة جيدة حجم المخاطر، والإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة طالما كانت هناك حاجة إليها من أجل خفض التضخم، رغم التقدم الذي تم إحرازه طوال أكثر من عام ونصف مضى في مواجهة التضخم الأعلى عالميا خلال أكثر من أربعة عقود، إلا أن البنوك المركزية ما زالت تتمسك بمعدلات الفائدة المرتفعة التي بلغتها، ذلك أن التضخم ما زال بعيدا عن مستهدفات تلك البنوك، ولا يزال مستقرا ضمن نطاقات عالية ومهددة للاستقرار الاقتصادي، وأن احتمالات استعادة التضخم لعودته إلى الارتفاع مجددا لا تزال قائمة، فحتى نهاية أكتوبر الماضي من العام الجاري، ما زال مؤشر أسعار المستهلك الأساسي في الولايات المتحدة عند 4.0 في المائة، في حين بلغ بالنسبة إلى مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي 3.2 في المائة للشهر نفسه، وبلغ التضخم في منطقة اليورو 2.9 في المائة، وفي المملكة المتحدة 4.6 في المائة، وفي ألمانيا 3.8 في المائة، فيما بلغ في فرنسا 4.0 في المائة.
إنها المواجهة القائمة والمستمرة بين البنوك المركزية والتضخم، التي عبر عن أحدث موقف لها رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أخيرا بقوله: إنه من السابق لأوانه أن نستنتج بثقة أننا حققنا موقفا تقييديا بما فيه الكفاية، أو حتى التكهن بموعد تيسير السياسة النقدية، بل نحن على استعداد لتشديد السياسة بشكل أكبر إذا أصبح من المناسب القيام بذلك! وهو أيضا ما عبرت عنه رئيسة البنك الأوروبي المركزي بقولها: إن المعركة مع التضخم لم تنته بعد، وبالتأكيد لا نعلن النصر، وتعهدت بإعادة نمو أسعار المستهلك إلى الهدف المحدد له (2.0 في المائة)، ماذا يعني استمرار المواجهة بين معدلات فائدة مرتفعة من جانب، من جانب آخر وجود تضخم عنيد ومرتفع وأعلى من مستوياته المستهدفة حتى تاريخه؟ إنه يعني باختصار شديد إيجاد مزيد من الضغوط على النمو الاقتصادي وأسواق العمل والقطاعات التمويلية وأسواق المال والعقار والتجارة والصرف وأغلبية الأسواق حول العالم.
ويضاعف أيضا من الضغوط الناشئة عن الصدام القائم بين السياسات النقدية المتشددة والتضخم، التي تتزامن مع الارتفاع القياسي لنسب الدين في كل من القطاعين العام والخاص، التي وصلت إلى 330 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عالميا بنهاية 2022، ووصلت إلى 420 في المائة في الاقتصادات المتقدمة، ووصلت إلى أكثر من 300 في المائة في الصين، ما قد تنشأ عنه بدرجة عالية الاحتمال عديد من الصدمات في القطاعات التمويلية، أوجزتها وكالة التصنيف الائتماني "موديز" في تقرير حديث صادر عنها بالقول: إن انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي وتقلص الربحية، وضغوط التمويل والسيولة تدعم التوقعات السلبية للخدمات المصرفية العالمية في العام الجديد، وأن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، وزيادة معدل البطالة في الاقتصادات المتقدمة سيضعفان جودة الأصول، وأن التعرض للعقارات في الولايات المتحدة وأوروبا يشكل خطرا متزايدا. ولا يقف الأمر عند ما سبق من توقعات غير مواتية للاقتصاد العالمي والأسواق عموما، بل يمتد إلى التأثيرات العكسية المحتملة لزيادة حدة الاضطرابات والصراعات الجيوسياسية في أكثر من منطقة جغرافية من العالم.
لا يعني ما تقدم بأي حال من الأحوال رسم صورة متشائمة، بقدر ما أنه اعتراف اقتضاه واقع اقتصادي ومالي عالمي أصبح ماثلا أمام العيان على مستوى العالم، ولا يمكن تجاهله من أي طرف كان في أي بقعة من المعمورة، بل لا بد من الاستعداد وأخذ الحيطة تجاه جميع معطياته الراهنة والمتوقعة مستقبلا بمزيد من السياسات التحوطية، ولا يعني ذلك أن الجميع سيجتاز تلك التطورات غير المواتية، أو أن هناك من قد يجتازها دون تحمل بعض من الخسائر والتكاليف، وأن الأمر في منظوره الأوسع لا يتجاوز تقليصا بقدر الإمكان للتداعيات العكسية المحتملة، وأنه في كل الأحوال سيأتي بنتائج أقل خسائر مما لو تم تجاهل تلك المعطيات الراهنة لما يقف عليه الاقتصاد العالمي من مخاطر وتحديات راهنة وما قد ينشأ عنها من تحديات أكبر وأوسع.
ختاما، يظل المستقبل بكامل تفاصيله في علم الله وحده، ولا يتجاوز جهد الجميع في أي اتجاه كان، استعدادا لما يحمله المستقبل بناء على معطيات الواقع الراهن، لكونه اجتهادات اقتضاها ذلك الواقع القائم، وبناء على ما تمتلكه مختلف الأطراف من موارد وممكنات وقدرات، وهي بحمد الله مما حبا الله منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها المملكة، بكثير منها، بما يؤهلها -بعد توفيق الله- لأن تكون في مقدمة الاقتصادات الأكثر استعدادا، والأكثر قدرة على الاستفادة لاحقا من الفرص التي ستولدها مثل هذه التغيرات الجذرية في تاريخ الاقتصاد العالمي، والتأكيد هنا على أن الإنسان في منطقتنا عموما، وفي المملكة خصوصا، يأتي في المقدمة كأهم عنصر في معادلة التغيرات، الذي يقوم عليه وبه الرهان في مواجهة أي تطورات مهما كانت، وهو ما أثبته سابقا، ويستطيع إثباته -بمشيئة الله تعالى- الآن ومستقبلا.
نقلا عن الاقتصادية
Very insightful thoughts as usual Mr. Abdulhamid .. Your reference to central banks and BIS is true but they are more of theories .. Bank of International Settlements insisted on central banks to implement robust system for CBDCs (Central Banks Developed Crypto Currencies) which in my personal opinion will not be introduced before bringing down base rates to the 2% to 3% territory and it will be sooner than speculated by markets
If you allow my interpretation for the drivers of future steep decline in inflation is the movement in cargo shipping freight which went down from last year levels between 40% to 60% keeping in consideration that maritime shipping is responsible for transporting 85% of global trade
I can hardly remember an economist commenting on real GDP figures which are inflation adjusted domestically or for the largest economies USA and China for the last 10 years and predicting the future behavior accordingly
شكرا ياعبدالحميد على هذا المقال المتميز .....اوردت مايلي ( " وأن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، وزيادة معدل البطالة في الاقتصادات المتقدمة سيضعفان جودة الأصول، " ). نعذرف ان زيادة معدل البطالة ستضعف من جودة الاصول ...لان من فقد عمله لن يكن قادرا على تسديد ديونه ..هذا بديهي ....لكن سؤالي كيف سيضعف ارتفاع الفائدة جودة الاصول ؟ ......تحياتي
اعتقد اخي شاري راسك ان المقصود العلاقة العكسية بين اسعار الفائدة والطلب على العقار ففي حال ارتفاع الفائدة يضعف الطلب على العقارات وبالتالي تنخفض اسعارها مما يؤدي لانخفاض نسب التغطية للبنوك الممولة مقابل الرهن العقاري وهي النسبة المعروفة Loan to Value القرض مقابل القيمة
Most economists describe recovery after COVID - 19 Pandamic as V shaped so where are we in this pattern are we in peak or heading to trough or somewhere in between given assuming efficient moderation of central banks using monetary policy tools
Speaking of debt levels reaching all time highs globally exceeding 400% of GDP in some economies ; we should note that Saudi Central Bank is restricting banks lending to the maximum of 80% loans to deposits ratio which is conservative and give banking system some resilience advantage to downturns
بالحديث عن مصدر التمويل وهو البنوك التجارية، نجد أن الخسارة الائتمانية المتوقعة Expected Credit Loss ترتبط بشكل مباشر بتصنيف الشركات / العملاء والذي يتم تحديثه بشكل سنوي تبعاً لاصدار الميزانيات المدققة. حيث تستخدم البنوك المعادلة التالية لاحتساب الخسارة الائتمانية المتوقعة من خلال حاصل الضرب (Expected Credit Loss) الخسارة الائتمانية المتوقعة = احتمالية التعثر * التعرض الائتماني عند التعثر * الخسارة عند التعثر Expected Credit Loss = Probability of Default * Exposure at Default * Loss Given Default (تكون 100% في حال عدم وجود ضمانات عينية تغطي التمويل الممنوح) وبالتالي فكما أن رفع أسعار الفائدة من شأنه الاضرار بقدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها فانه بالتوازي سيؤثر على جودة المحفظة الائتمانية لدى البنوك وهو ما سيستدعي رفع مخصصات الائتمان.
ومن ثم تأتي مرحلة احتساب معدلات كفاية رأس المال (Capital Adequacy Ratio) للبنوك والتي تقوم على المعادلة التالية: نسبة كفابة رأس المال = (شريحة 1 من رأس المال + شريحة 2 من رأس المال) / الأصول الموزونة بمعدل المخاطر Capital Adequacy Ratio = (Tier I Capital + Tier II Capital) / Risk Weighted Assets حيث : شريحة 1 من رأس المال : تشمل رأس المال المدفوع و الاحتياطيات (نظامي + أرباح مبقاة) شريحة 2 من رأس المال : تشمل الاحتياطيات الأخرى كاحتياطي اعادة التقييم & جاري الشركاء أو القروض تالية الاستحقاق أما وزن المخاطر لأصول المنشأة قيد التقييم وفق لجنة بازل (Basel Committee on Banking Supervision) فهو كالتالي: الدول : 0% للدول بتصنيف AAA – 150% للدول بتصنيف B- وأقل الصناديق والبنوك الدولية (كصندوق النقد الدولي و بنك التسويات ): 0% البنوك : 20% لتصنيف AAA – 150% للبنوك بتصنيف B- وأقل الشركات : 20% لتصنيف AAA – 150% للشركات بتصنيف B- وأقل منتجات التمويل الاستهلاكي (قروض ، بطاقات ائتمانية) : 75% تمويل المساكن : 35% تمويل العقار التجاري : 100% القروض المتأخرة السداد (أكثر من 90 يوم) : 50% - 150% الأصول الأخرى : 100% النقد : 0.0%
وفق مخرجات اجتماعات لجنة بازل 3 لقياس معدلا كفاية رأس المال ، فان الحد الأدنى المطلوب هو 8% للنسبة أعلاه بينما البنوك السعودية وفق آخر احصائية تبلغ هذه النسبة لها مجتمعة 20.0% لاخر فترة قياس متوفرة للعام الحالي 2023
Surprisingly the US economy which has increased debt ceiling lately to avoid state of default has maintained Loans to Deposits Ratio hovering around 75% ; Should we consider them credit worthy especially with Kingdom Holding Co KHC holding 2.2% in Citigroup
الاستنتاج يجب ان يقوم على أسس صلبة يمكن الاستناد عليها في رسم استراتيجيات استثمارية طويلة الأمد خصوصاً أن الأسواق المالية حالياً في حالة ترقب مع ما يلوح في الأفق من احتمالية الدخول في مرحلة الركود التضخمي "StagFlation" وهي الحالة من الاقتصاد التي تكون فيها معدلات التضخم مرتفعة وفي تسارع مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي وارتفاع معدلات البطالة وهي الموجة التي يحذر منها كبار التنفيذيين في البنوك الأمريكية. ولعلكم لاحظتم خلال العام المنصرم ومنذ البدء في سياسة التشديد النقدي أن قرارات الفيدرالي الأمريكي تجاه أسعار الفائدة كانت تتخذ خلال فترات لايفصلها عن بعضها سوى شهرين الى ثلاثة أشهر على الأكثر وهو ما يتعارض مع جميع الأعراف الاقتصادية في الحكم على حالة الاقتصاد وفي أي مرحلة يقبع فمثلاً تعريف الركود الاقتصادي (Recession) هو انخفاض النشاط الاقتصادي (التجاري + الصناعي) لفترة ربعين سنويين متتالين (أي لفترة اجمالية 6 أشهر) بينما قرارات المركزي الامريكي السابقة لم يفصل بين أي قرارين منها أكثر من ثلاثة أشهر فهي بذلك تعارض القيم الاقتصادية المتوارثة عن ساسة المال في أكبر اقتصاد في العالم ك ألين قرين سبان والتي أضحت سوسة تنخر في مدخرات الأمم من خلال الانقياد اليها. وكلنا أمل في صناع القرار في المملكة وبما يمتلكونه من حصافة في اتخاذ القرار وتحمل تبعاته أن يبادروا الى فرملة هذا الاندفاع الغير مبرر في رفع الفائدة حتى أن الجميع أصبح يتحدث عن هذا الموضوع دون الخوض في أسباره وتبعاته وهي سياسة الاستراتجية الاستباقية (Proactive Measures).
مع انخفاض معدل التضخم في المملكة الى ما دون ٢٪ هل يتحتم على البنك المركزي السعودي مجارات الفيدرالي في رفع اسعار الفائدة مستقبلا ؛ لماذا لا يكون العكس بحيث يتم منح ميزة للريال في الاقتراض بتكلفة اقل. فلو رجعنا بالذاكرة قليلا الى عام ٢٠١٦ - ٢٠١٧ كان هناك ارتفاع لاسعار الاقراض بين البنوك السعودية وصل الى ٣،٥٪ بينما LIBOR دون تغيير عند ربع نقطة مؤية مادفع عملاء البنوك من شريحة الشركات الكبرى لتوجيه الاقتراض بالدولار بدلا من الريال للاستفادة من التكلفة المنخفضة مع العلم ان سعر الصرف ظل ثابتا دون تغيير .
نعم يتحتم عليه رفع الفائدة بشكل فوري، وإلا اختل سعر الصرف المثبت، ليش تعتقد إنه يقدر يخالف؟
From June to December 2023 the exchange rate moved by 1% from highest @ 3.77 to lowest @ 3.73
Arbitrage is the simultaneous purchase and sale of an asset in different markets to exploit tiny differences in their prices. Arbitrage trades are made in stocks, commodities, and currencies.
هذا الخبر رعاك الله بتاريخ مارس ٢٠٢٠ لم يتم خفض الفائدة بنفس الوتيرة The Saudi Arabian Monetary Authority (SAMA) lowered its repo rate from 175 basis points (bps) to 100 bps, and its reverse repo rate from 125 bps to 50 bps with immediate effect.
This is normal exchange rate variation.
فيه نطاق ضيق حسب ظروف كل بنك خليجي للاختلاف عن الأمريكي، ولكن دائماً وأبداً يجب أن يتماشى مع الأمريكي.
The Federal Reserve held rates steady at the end of its two-day meeting Wednesday. Many economists believe this concludes the central bank's rate-hiking cycle, which aimed to bring down inflation without tipping the economy into a recession. Still, the combination of higher rates and inflation has hit household budgets particularly hard