من أعراض تحسن الحياة ماديا الرغبة في رفع مستوى الخدمات الصحية والمطالبة بمستوى أعلى مع طول متوسط الأعمار في كل المجتمعات، وربما تعقد البيئة العامة بالتالي تعرض البشر لأمراض وفيروسات جديدة كما حدث في أزمة كوفيد. الخدمات الصحية مكلفة بطبعها، كما أنها ترتفع ربما بمعدل أعلى من التضخم، ما يسبب ضغطا متواصلا على جميع الحكومات، في هذه السلسة عن أهم الاقتصاديين، لا بد من الكتابة عن أهم اقتصادي تعامل مع هذا المرفق الرئيس. كرس فكتور فوكس Fuchs حيث كان اهتمامه الأكاديمي في أبحاث وسياسات القطاع الصحي، ولد فوكس في نيويورك لعائلة يهودية من أصل نمساوي في 1924. درس إدارة الأعمال ليساعد والده على أعمال الوبر للملابس. شارك في الحرب الثانية، ثم تخرج 1947، وعمل مع والده عدة أعوام، ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولومبيا في 1954، ليصبح محاضرا في الاقتصاد في جامعتي نيويورك وكولمبيا. انتقل في 1978 إلى سان فرسيسكو لتأسيس مكتب الوكالة الوطنية للأبحاث الاقتصادية وينضم للتدريس في ستانفورد، ومن ثم انتقل للجامعة تماما إلى أن تقاعد. بدأت شهرته مع كتابة الأكثر شهرة "من سيعيش؟ ?Who shall live في 1975. كتاب قصير ولكن ما زال يطبع إلى الآن ومتوقع صدور النسخة الجديدة قريبا التي أكملها قبل وافته بأشهر.
في الكتاب أخذ على عاتقه تطبيق النظريات الاقتصادية على القطاع الصحي، وبالتالي يناقش التقاطعات في التنمية الصحية والاجتماعية والتكاليف الجزئية في الخدمات الصحية والبرامج الحكومية التي تهدف لتغطية أكبر عدد من الناس صحيا، كما اقترحت من عدة إدارات إلى برنامج أوباما الذي أقر، لاقى الكتاب نقدا من بعض الدوائر الفكرية لما رأت أن العنوان استفزازي لموضوع يهم الجميع خاصة للمحتاجين. لكنه أصر على منطقية النقاش الموضوعي وما رأى أن هناك حاجة ماسة لإصلاح القطاع بغرض تقديم خدمات صحية معقولة للكل. في طرحه كان يقول إن الإشكالية في القطاع الصحي ليست القدرة على تقديم الخدمة ولكن النموذج السائد مرتفع التكاليف. انتقاده الأساس على برنامج إدارة أوباما أنه لم يتعامل مع التكاليف جذريا ولكن حاول توزيعها على أطراف أخرى في سلسلة مقدمي الخدمات.
الأسباب معقدة، لأنه ذكر أن هناك عدم تراتبية في نتائج الرعاية الصحية مردها الاختلافات الثقافية والبيئة والسياسات العامة ودور الأفراد، فمثلا أحيانا هناك خدمات صحية راقية في أمريكا دون إضافة حياتية. فكثير مما نحتاج لا يتعدى الأساسيات في الإسعاف والطبيب العام والتمريض والتقني الجيد. ربما بسبب الاهتمام الصحي عرف عنه تعريف محدد الفقر للنسبي، إذ يحددها بأنها جزء من المجتمع يحصل على أقل من 50 في المائة من وسيط الدخل. ارتفاع هذه النسبة يدل على إشكالية في توزيع الدخل والملاءة المالية الممكنة للحصول على ما يكفي من الخدمات العامة، خاصة الصحية.
قام بعديد من الأبحاث وألف نحو 16 كتابا، أحدها ربما مكمل لما ذكر أعلاه كان بعنوان: كيف نعيش، رأي اقتصادي عن حياة الأمريكان من الولادة حتى الموت. توفيت زوجته في 2007 وخلف ولدين وبنتين. توفي في سبتمبر 2023 عن 99 عاما.
نقلا عن الاقتصادية