هذه هي المقالة الرابعة في سلسلة مقالات المزيج الاقتصادي للطاقة، وتهدف هذه المقالة إلى لفت الانتباه إلى حقيقة أن أحد حلول تحديات الحِمل الذروي توفره لنا الشمس، عندما بدأت عملي في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية عام 1988، قمت بزيارة القرية الشمسية في العيينة وتعرفت عن كثب على كيفية توليد الطاقة من الشعاع الشمسي وعلى الاستخدامات الممكنة للطاقة الشمسية. تُولّدُ الطاقة من الشعاع الشمسي عن طريقين: إما باستغلال حرارته، عن طريق تركيز الشعاع الشمسي، وإما باستخدام الخاصية الكهروضوئية في بعض المواد، والتي ينتج عنها تحويل جسيمات الضوء إلى كهرباء. وتزداد قوة الشعاع الشمسي في الصيف فينتج عنه ارتفاع في درجات الحرارة، مما يتسبب في ارتفاع مماثل في الطلب على الكهرباء بسبب الحاجة للتكييف والتبريد.
أنظر أيها القارئ الكريم إلى منحنى الطلب على الكهرباء في المملكة، ومنحنى تغير الشعاع الشمسي، في الشكل التالي:
ومنذ بدأت البحث في الطاقة الشمسية ودراستها، كان السؤال التالي يخطر دائما ببالي: لماذا لا نستغل الارتفاع الكبير للشعاع الشمسي في الصيف لتوليد كمية أكبر من الطاقة باستخدام تقنيات الطاقة الشمسية؟ الجواب الذي سمعته دائما، من الخبراء والاستشاريين، أن هذا غير ممكن، لأن الخلايا الشمسية المستخدمة في الألواح الكهروضوئية تعاني من خاصية فيزيائية تسمى "معامل الحرارة السلبي" يتسبب في انخفاض كمية الطاقة المنتجة كلما ارتفعت درجة الحرارة.
وماذا عن الطاقة الشمسية الحرارية؟ هذا النوع من الطاقة الشمسية يُوَلَّدُ بتركيز ضوء الشمس عن طريق عدسات أو مرايا خاصة لرفع درجة حرارة شعاع الشمس الساقط على سطح مبادل حراري، لتوليد الطاقة بعدها باستخدام التوربينات البخارية. طرحت السؤال نفسه على الخبراء والاستشاريين، وهو: لماذا لا نستغل الارتفاع الكبير للشعاع الشمسي في الصيف لتوليد كمية أكبر من الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية الحرارية؟ فلم أجد عندهم جوابا.
الواقع هو أن استخدام الطاقة الشمسية الحرارية في توليد الكهرباء لا يتأثر بأي معامل حرارة سلبي، فكلما زادت قوة الشعاع الشمسي المتعامد (Direct Normal Incidence) زادت كمية الطاقة التي يمكن توليدها من محطات الطاقة الشمسية الحرارية، دون أية زيادة في الطاقة المركبة لهذه المحطات. إن طبيعة عمل هذه المحطات تجعلها مواكبة لتغير قوة الشعاع الشمسي، فتنخفض كمية الطاقة المولدة منها شتاء، عندما يقل الطلب على الكهرباء، وتزداد كمية الطاقة المولدة منها صيفا، عندما يزيد الطلب على الكهرباء، بشكل طبيعي.
إذا كان هذا الطرح صحيحا، فلماذا لم نسمع به أو نراه مطبقا في أماكن أخرى في العالم؟ هناك ثلاثة أسباب تشرح عدم تطبيق هذه الفكرة:
1 - الطاقة الشمسية الحرارية أكثر تكلفة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، إذا اقتصرت المحطات – بنوعيها – على توليد الطاقة دون تخزين. ولهذا ارتبطت الحلول المقترحة لاستخدام الطاقة الشمسية الحرارية بتخزين الطاقة بشكل رئيس، لأنها أرخص تكلفة من الطاقة الشمسية الكهروضوئية مع التخزين بالبطاريات.
2 - تطوير تقنيات الطاقة الشمسية الحرارية بدأ في دول لا تعاني من ارتفاع كبير في الحمل الذروي صيفا، مثل إسبانيا، فلم تكن فكرة استخدام الطاقة الشمسية الحرارية لمواكبة التغير في الإشعاع الشمسي مطروحة، لانتفاء الحاجة إليها.
3 - الدول التي تواجه تحديات الحمل الذروي الصيفي، والتي يمكن لها الاستفادة من محطات الطاقة الشمسية الحرارية في مواكبة الطلب على الكهرباء، صعودا ونزولا، ليست دولا مطورة للتقنية الشمسية، بل مستهلكة لها.
إن المملكة العربية السعودية تتمتع بمصدر شمسي مميز، وهي إحدى أفضل دول العالم في قوة الإشعاع الشمسي المتعامد. ولدينا فرصة مميزة لإيجاد حلول لتحديات الحمل الذروي ملائمة لنا ولظروفنا البيئية والمناخية، دون الحاجة لاستثمار في محطات لا تعمل إلا ساعات محدودة في السنة.
شكراً جزيلاً د. إبراهيم على هذه المقالات المفيدة... ولي عليها بعضَ الملاحظات: 1) يبدو من بداية هذا المقال أنكَ قضيتَ الساعات الطوال مع تنظير الإستشاريين وكنتً أتمنى أنكَ قضيتَ مثل ذلك الوقت مع العاملين في شركة الكهرب وبالذات مع المسؤولين مباشرة في إدارة ومراكز التحكم في أمن وأمان الإمدادات الكهربائية وإستقرارها... 2) الرسمان في بداية المقال هي من نتاج نقاش الإستشاريين الجالسين في غرف مكيفة وغير مسؤولين عن أمن الكهرباء وإنقطاعاتها... ويوضح الرسمان منحنى الحمل الكهربائي الذوري ومنحنى السقوط الشمسي خلال أشهر السنة وموسمية أولئك المنحنيين !!!... ومعلومات الرسمتين قد تنفع في دراسات الجدوى الإقتصادية التي يقوم بها الإستشاريون وهي دراسات ناقصة لأنها لا تنفع ولا تفيد في التحكم وإدارة الإمدادات الكهربائية وأستقرارها !!!... والسببُ بسيط: مثل هذه الدراسات تتكلم بإبعاد زمنية (شهور أو حتى ايام وساعات) بينما مهام التحكم الكهربائي تقاس الأبعاد الزمنية للتحكم بأجزاء الثانية (Millisecond أو 1\1,000 من الثانية)... وآمل أن تقدر الفارق الزمني الكبير جداً بين الأثنين!!!... ولكن لماذا الملي ثانية في أمور التحكم التي تتجاوز قدرة العقل البشري والفعل البشري؟؟ وعليه, يتم تفويض أغلب تلك المهام الى حواسيب آلية قوية (SCADA) مع الإشراف البشري المدرب جيداً للتعامل مع بعض الإضطرابات التي قد تصيب النظام الكهربائي وهي أحدى المؤشرات لتأكيد جودة الإدارة الجيدة للنظام ؟؟... ولكن ماهي هذه الإضطرابات؟؟ هي أي إنحراف في ذبذبة الإمدادات الكهربائية القياسية (60 هرتز) تتجاوز أكثر من 1.5 ذبذبة (أو حوالي 25 ملي ثانية)... وإذا لم يتم التحكم بهذا الإنحراف، فالعاقبةُ هي الإنطفاء الشامل للكهرباء في أي بلد أكرر: إنطفاء شامل عن كل البلد !!!... وعندها ما تنفع دراسات الإستشاريين الذين لا يمكن مسائلتهم بل تقع المسؤولية على العاملين في مراكز التحكم وإدارة شركاته !!!... لمعلومات القارىء، المشاريع الشمسية وبناتها محطات الرياح خاضعة تماماً للظروف المناحية (شمس+ رياح) التي لا يمكن التحكم في إنتاجها اللحظي (ثواني) كما لا يمكن تخزينها بكميات تجارية كبيرة وإقتصادية بطرق ذوات إستجابات لحظية أيضاً وقت الإضطرابات !!... وختاما: أعجبتني خاتمة المقال التي تكلمت بوحدة زمنية (ساعة) وهي بالتأكيد أفضل من غيرها (شهر) والإثنان غير مناسيتين إطلاقاً للعامين في مراكز التحكم الكهربائي الذين يتعاملون بوحدات زمنية مختلفة تماماً (ملي ثانية) واللازمة لعملهم المطلوب (أمن وأمان الإمدادات الكهرباء وإستقرارها)... وآسف على الإطالة ... والسلام.
مساء الخير أيها الكريم شكرا لمرورك وتعليقاتك الضافية اسمح لي بتوضيح نقطتين: 1. الرسمان أعلاه مستمدان مباشرة من مصادرهما الأولية. الأول من سجل توليد الكهرباء الفعلي لسنة من السنين في المملكة العربية السعودية، حصلت عليه في فترة عمل سابقة من هيئة تنظيم الكهرباء والتوليد المزدوج (ECRA) كما كان اسمها سابقا، والثاني من المرصد الشمسي. 2. لا يخفى شخص بخبرتكم الكبيرة، ما شاء الله، أن هناك فارق كبير بين صياغة مزيج الطاقة، الذي هو عملية تخطيطية ينظر فيها إلى العموميات، وبين قرارات التشغيل التي تؤخذ فيها أدق التفاصيل التي تفضلت بذكرها. مع خالص الود
شكرا للنقاش المثمر من الجميع, ما اود ان اتطرق له ان اجمالي احمال التوليد المركبة لدينا بالمملكة لتوليد الكهرباء تقترب من 70 قيقاوات ومن ناحية اخري الصين تنتج من الطاقة الشمسية بحدود ثلاثة اضعاف انتاجنا الحالي كهرباء اى ما يزيد عن 180 قيقاوات,,,, والله اعلم واعلى
أخي الكريم: ليس من المناسب الحديث بأرقام مطلقة كما ذكرت والأفضل النقاش بأرقام نسبية !!!... فمثلاً المملكة تتكلم عن هدف جعل الطاقات المتجددة حوالي 50% من الحمل الكهربائي الذروي في عام 2030م !!!... فحسب ذاكرة الشايب، كان إنتاج الصين الكهربائي في عام 2020م من مختلف المصادر حوالي 7.600 تبراوات - ساعة (في عام 2000م: 1,280 تيراوات - ساعة) بينما كان إنتاج المملكة من الكهرب في ذلك العام حوالي 250 تيراوات - ساعة أو حوالي 3.3% !!!... وفي هذا المزيج، كانت حصة محطات الفحم أكثر من 50% تليها المحطات الكهرومائية (السدود) في حين كانت حصة الطاقات المتجددة لم تتجاوز 5% !!!... وبسبب عوانق فنية وإقتصادية وبناءً على خبرتي الشخصية، لا أنصحُ أبداً أن تكون حصة الطاقات المتجددة المستهدفة لعام 2030م هي 50% !!!,,, ربما في عام 2100م أو أكثر وبعد تطور تقنيات الطاقات المتجددة وخصوصاً في التحكم والتخزين !!!... والله المستعان.
%3.3 من إنتاج الصين*
الإشكالية ليست فى قدرات التوليد المنتجة لدينا فلدينا ولله الحمد اكبر شركة كهرباء فى الشرق الأوسط ولكن الإشكالية اننا نستهلك بحدود 3 مليون برميل يوميا لتوليد هذه الطاقة الهائلة فى ذروة احمال الصيف ولا شك ان هذا خسارة كبيرة جدا يمكن توجيه جزء من هذا الى مجالات اخري او بيعه, ناهيك عن تكلفة قطع الغيار والصيانة العالية بسبب نوعية الوقود والتي تؤثر على عمر المعدات خاصة ما يسمي الأجزاء الساخنة (Hot Parts) ذات التكلفة العالية جدا جدا تحياتي للجميع والله من وراء القصد
عند قراءتي لهذه السلسلة من المقالات ....استحضر قول المثل .... من تحدث بفن غير فنه أتى بالعجب ...!!!!.
ليت الكاتب يكتب فيما يحسن ...ويترك مثل هذه المواضيع التخصصية الدقيقة لاهلها ...فموضوع التوليد مربوط بشبكتي النقل والتوزيع ومسائل استقرار المنظومة الكهربائية وليس موضوعا عاما كما يخيل لكاتبه والذي من المؤكد انه من غير المتخصصين