خريطة طريق عالمية لتنسيق العمل بالعملات المشفرة

27/09/2023 0
د. ثامر محمود العاني

ناقشت قمة العشرين بالهند (9 و10 سبتمبر/ أيلول 2023) مواصلة مراقبة مخاطر التطورات السريعة في النظام البيئي للأصول المشفرة، إذ وضع المنظمون الماليون العالميون، وصندوق النقد الدولي خارطة طريق لتنسيق الإجراءات التي تمنع الأصول المشفرة من تقويض استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، إذ إن الأصول المشفرة هي مصطلح يشير إلى العملات الرقمية الافتراضية التي يتم التداول عليها إلكترونياً، فهي عملات لا وجود لها على أرض الواقع، ولكنها عُرفت من خلال الشبكة العنكبوتية، ويتم تداولها عليها، وقد استطاعت أن تجذب أنظار فئة من الناس إليها، وأصبحت من العملات التي تتمتع بقابلية محدودة من قبل الجمهور، ما يميز هذه العملات ويجعلها قابلة للتداول المحدود والحذر، هو أنها تخضع لعمليات تشفير صعبة، ومربوطة بخوارزميات يصعب اختراقها، حيث يُمنع فيها تزوير القيمة، فمالك العملة لا يستطيع إرسال العملة نفسها لأكثر من شخص، وهذا جعلها محط اهتمام الجميع، خصوصاً أن محاولة اختراع عملات مشفرة بدأت قبل ذلك بكثير في عام 1998، وإمكانية خضوع العملات لعمليات تشفير واختراق، هي التي جعلت الفكرة بعيدة المنال.

وباتت الأصول المشفرة اليوم واحدة من أهم آليات التداول للسلع والخدمات، كما يتم التداول بها في السوق المالية العالمية، وأصبحت العديد من دول العالم تقبلها بوصفها آلية دفع، مقابل الخدمات التي تقدمها مؤسساتها، وليس من المستبعد يوماً أن نجدها هي الأساس الذي يتم به التداول العالمي للخدمات، خصوصاً أنها قدمت إمكانيات أفضل بكثير من النقود العادية إذا نجحت في وظائفها، كونها غير قابلة للتلف ولا السرقة ولا إرهاق نفسك في حملها. محفظة إلكترونية فقط على هاتفك الجوال يمكنك فيها حفظ ملايين الأصول المشفرة، واستخدامها في عديد من عمليات التداول.

وفيما يتعلق بالأصول المشفرة: السياسة والتنظيم، أكدت «قمة العشرين» في الهند 2023، القرار الرفيع المستوى لمجلس الاستقرار المالي، والتوصيات لتنظيم الأصول المشفرة والإشراف عليها، والإشراف على الأنشطة والأسواق وترتيبات العملات المستقرة العالمية، إذ طلبت القمة من مجلس الاستقرار المالي وضع المعايير التي تعزز التنفيذ الفعال في الوقت المناسب لهذه التوصيات بطريقة متسقة على مستوى العالم لتجنب المرابحة التنظيمية.

وقالت هيئة مراقبة المخاطر بـ«مجموعة العشرين» ومجلس الاستقرار المالي وصندوق النقد الدولي، إن هذه المخاطر تتفاقم بسبب عدم الامتثال للقوانين الحالية في بعض الحالات، وإن عديداً من الفوائد المزعومة من الأصول المشفرة، مثل المدفوعات الأرخص والأسرع عبر الحدود وزيادة الشمول المالي، لم تتحقق بعد. وإن الاعتماد على الأصول المشفرة على نطاق واسع يمكن أن يقوّض فاعلية السياسة النقدية، ويتحايل على تدابير إدارة تدفق رأس المال، ويؤدي إلى تفاقم المخاطر المالية، وتحويل الموارد المتاحة لتمويل الاقتصاد الحقيقي، وتهديد الاستقرار المالي العالمي.

وقد حدد تقرير هيئة مراقبة المخاطر، الجداول الزمنية لأعضاء صندوق النقد الدولي و«مجموعة العشرين» لتنفيذ التوصيات الأخيرة لتنظيم العملات المشفرة الصادرة عن مجلس الاستقرار المالي والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، وهي مجموعة عالمية من منظمي الأوراق المالية، وإن التقرير الذي سيتم تقديمه إلى قادة مجموعة العشرين في القمة أوضح أن الاستجابة السياسية والتنظيمية الشاملة للأصول المشفرة ضرورية لمعالجة مخاطر الأصول المشفرة على الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي، وأن العناصر الأخرى تشمل تجنّب الحكومات العجز الذي يمكن أن يؤدي إلى التضخم الذي يؤثر في العملات الورقية، ويشجع البدائل مثل الأصول المشفرة، وينبغي أيضاً توضيح المعاملة الضريبية للأصول المشفرة، إلى جانب كيفية تطبيق القوانين الحالية على هذا القطاع.

وقد رحبت القمة بخطة العمل المشتركة لأصول التشفير لكل من مجلس الاستقرار المالي وهيئات وضع المعايير المشتركة لأصول التشفير، وبالورقة التجميعية لصندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي، بما في ذلك خارطة الطريق التي من شأنها أن تدعم سياسة منسقة وشاملة الإطار التنظيمي، مع الأخذ في الاعتبار المجموعة الكاملة للمخاطر والمخاطر الخاصة باقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية والتنفيذ العالمي المستمر لسياسات صندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي لتطبيق معايير مجموعة العمل المالي (FATF) للتصدي لغسل الأموال ومخاطر تمويل الإرهاب. كما رحبت القمة بتقرير بنك التسويات الدولية عن النظام البيئي للعملات المشفرة: العناصر والمخاطر الرئيسية. يشار إلى أن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، سيناقشون مسألة اتخاذ قرار تقديم خارطة الطريق في اجتماعهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي الختام، ما زالت العملات المشفرة والرقمية في إطار الدراسة في صندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي.

 

 

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط