إن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية والصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، هو تقرير مفصل لتقييم الدول حسب كفاءتها في إدارة مواردها لتحقيق الازدهار لشعوبها. ويرتكز التقرير في تصنيفه للدول على أربعة محاور رئيسية ويندرج منها 20 محوراً فرعياً. وتتضمن المحاور الرئيسية الأربعة محور الأداء الاقتصادي الذي يقيسه 81 مؤشراً، ومحور الكفاءة الحكومية الذي يقيسه 73 مؤشراً، ومحور كفاءة الأعمال الذي يقيسه 75 مؤشراً، ومحور البنية التحتية الذي يقيسه 106 مؤشرات، وقد حققت السعودية المركز 17 عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2023، بعد أن كانت في المركز 24 في العام الماضي 2022. ويرجع هذا التقدم إلى العديد من العوامل والإصلاحات التي قادتها السعودية. فقد ساهمت الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي اتخذتها السعودية، في مواصلة دفع عجلة التنمية المستدامة والنمو رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المختلفة التي تواجه اقتصادات العالم اليوم، يهدف التقرير إلى تحليل قدرة الدول على إيجاد بيئة داعمة ومحفزة للتنافسية، والمحافظة عليها وتطويرها. ويعد تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية من أكثر التقارير شمولية في تنافسية الدول، حيث يقارن بين 64 دولة على أساس أربعة محاور رئيسية، هي: الأداء الاقتصادي، والكفاءة الحكومية، وكفاءة الأعمال، والبنية التحتية. إذ احتلت كل من الدنمارك، وآيرلندا، وسويسرا، وسنغافورة وهولندا، ترتيب الدول الـ5 الأولى في مؤشر التنافسية العالمي.
إن إعلان مجموعة البنك الدولي اختيارها السعودية مركزاً للمعرفة تأكيد على الدور الريادي العالمي للسعودية، وسعيها الدائم إلى تمكين الدول من بناء قدرات مؤسسية تجعلها أكثر قدرة على التكيف اقتصادياً مع المتغيرات العالمية. إذ إن البنك الدولي اختار السعودية، مركزاً للمعرفة لنشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً؛ نظراً لتجربتها الرائدة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، التي أُطر خلالها نموذج عمل متكامل أدى لفعالية عالية في تحقيق أهداف الإصلاحات، في ظل «رؤية 2030»، إن الدور المهم الذي قامت به وزارة التجارة في تطوير القطاع التجاري ورفع كفاءته، وتحقيق متطلبات التنافسية العالمية، وتطوير بيئة الأعمال، واستكمال البنى التشريعية ومعالجة التحديات، كل ذلك أسهم في جعل بيئة الأعمال السعودية من أهم البيئات المحفزة للشركات والمنشآت بأنواعها، وفي تقدم السعودية في مؤشرات التنافسية العالمية في عام 2023، محققة ولأول مرة في تاريخها المرتبة 17 من أصل 64 دولة، مدعومة بالأداء الاقتصادي القوي، وهي جهود تكاملية بين الوزارة وبقية الجهات الحكومية.
أرست السعودية «رؤية 2030» قاعدة تشريعية وتنظيمية للاقتصاد السعودي. إذ ينوي البنك الدولي بالتعاون مع السعودية إنشاء مركز للمعرفة، يستهدف دعم خطط الدول، وتقديم المشورة اللازمة لها لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، إن هي أرادت تعزيز قدراتها التنافسية، وفق المؤشرات الدولية. إذ إن إنشاء مركز متخصص سيسهم في تعزيز التعاون الإقليمي والعالمي في مجالات التنافسية، وسيتيح الاستفادة من خبرة السعودية، في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتأثيرها على تعزيز قدرتها التنافسية. هذه الخطوة ستساهم في الاستفادة من خبرات البنك الدولي لتعزيز قدرات الدول الأخرى التي تسعى إلى زيادة تنافسيتها الاقتصادية. كما أن هناك مساحة مالية إضافية في السعودية أتاحها الأداء الاقتصادي الإيجابي والإصلاحات المالية التي شهدتها السعودية منذ انطلاق «رؤية 2030»، وبدورها انعكست على المؤشرات المالية العامة كما مكنت من تسريع الإنفاق على البرامج والمشاريع والاستراتيجيات المرتبطة بالرؤية، مما عجل من تحقيق عوائد اقتصادية ومكاسب اجتماعية.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد صنفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصاد السعودي بالأعلى نمواً في مجموعة العشرين لعامي 2022 و2023، ووضعت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» أيضاً السعودية في تصنيفها الائتماني عند «إيه+» مع تغيير النظرة المستقبلية من «مستقرة» إلى «إيجابية». وأكدت كذلك وكالة التصنيف الائتماني «موديز» تصنيفها الائتماني للسعودية عند «إيه+» مع نظرة مستقبلية «إيجابية»، إن القدرة التنافسية، هي قدرة الشركة على مواجهة القوى المضادة في الأسواق، التي تقلل من نصيب الشركة من السوق المحلية أو العالمية، كما تُعرّف بأنها القدرة على الصمود أمام المنافسين بغرض تحقيق أهداف الربحية والنمو والاستقرار والتوسع والابتكار الجديد. هذا فيما يخص المستوى الجزئي أي على مستوى الشركات. غير أنّ هذا المصطلح يُنسب أيضاً إلى المستوى الكلي، أي يُستخدم في وصف تنافسية الدول في العديد من المجالات على اعتبار أنّ التنافس يكون بين الدول أيضاً.
ويمكن زيادة القدرة التنافسية من خلال اتباع استراتيجيات مختلفة، منها التركيز على الكفاءات الأساسية، إذ تعمل هذه الاستراتيجية على تمكين الشركات من التركيز على ما تفعله على نحو أفضل، واستقطاب المواهب الضرورية والاحتفاظ بها، حيث تتطلب الشركات على نحو متزايد موظفين ذوي مهارات عالية، ولديهم القدرة على التفكير النقدي وحل المشكلات التحليلية المعقدة، والتركيز على العملاء. إذ عادة ما يتمتع المستهلكون في كل دولة بإمكانية الوصول إلى مجموعة أكبر من المنتجات والخدمات بأسعار جذابة على نحو متزايد، والتركيز على استراتيجيات لخفض التكاليف، من خلال تحسين العمليات وتبسيطها، وتشجيع المزيد من الاتصالات، والتنسيق والتفكير في التوسع خارج السوق المحلية، من أجل زيادة قدرة الدول التنافسية.
وفي الختام، حققت السعودية المرتبة 17 عالمياً من أصل 64 دولة الأكثر تنافسية في العالم، لتصبح من الدول الـ20 الأولى في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، وتقدمت 7 مراتب في نسخة عام 2023، مدعومة بالأداء الاقتصادي والمالي القوي في عام 2022. وسيمهد المركز المزمع إنشاؤه بالتعاون مع البنك الدولي في السعودية، لمزيد من التعاون الإقليمي والعالمي في مجالات التنافسية، وسيتيح الاستفادة من تجربة السعودية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لدفع قدرات الدول التنافسية.
نقلا عن الشرق الأوسط