في هذا المقال سوف استعرض اهم (وهنا أحط تحت كلمة اهم خطين) محددات نجاح أي مشروع استثماري. نكاد نتفق جميعاً على أن لا مشروع ناجح عدد من المحددات ومن أبرزها الإدارة، الجودة، اختيار موقع المشروع ....الخ، ولكن معظمنا يغض الطرف عن اعتبار فكرة المشروع والتي سوف تقودك الى نجاح مشروعك بإذن الله هي أهم محدد لنجاح المشروع وتأتي في المرتبة الأولى يليها باقي المحددات. فكل مشروع قائم يكون وليد فكرة، وبالتالي قد تقودك هذه الفكرة إما للنجاح وإما للفشل ويعتمد ذلك على نوع الفكرة التي يتبناها المستثمر، والأمثلة التي اوردناها في متن المقال فقط للتوضيح، حيث يمكن تصنيف الأفكار الاستثمارية إلى ثالثة أنواع كما هي ظاهرة بالشكل التالي:
وهنا يتحدد نجاح المشروع من عدمه من خلال تحديد المستثمر لنوع الفكرة التي يتبناها.
الفكرة 1: كثيراً ما يرتبط نجاح المشروع بمدى حداثة فكرته وتوافقها مع التوقعات المستقبلية لجانب الطلب. بمعنى إذا كانت هناك فكرة وليدة لمشروع ما، ولايوجد لهذه الفكرة تصور واضح من جانب الطلب لحداثة الفكرة، ولكن لدى المستثمر رؤية واضحة عن إمكانية خلق الطلب بعد الانتهاء من انتاج السلعة أو الخدمة (وهذا يطلق عليه علميا العرض يخلق الطلب) ففي الاغلب يحالف النجاح الكبير هذا النوع من المشاريع. وهنا يتطلب من المستثمر أن يكون لديه القدرة على قراءة أفكار الناس تجاه فكرته الوليدة بالشكل الذي يمكنه من التعرف على التطلعات المستقبلية والتي يشوبها الكثير من نسبة عدم اليقين في جانب الطلب. حيث أن هذا النوع من الأفكار يرتبط ارتباط مباشر بمفهوم ريادة الاعمال.
ولتوضيح هذه الفكرة نستعرض بعض الأمثلة:
شركة أبل: إيمان Jobs Steve بنجاح فكرة الدخول في صناعة الهواتف الذكية قبل وجودها، جعل شركته هي الرائدة في هذا المجال، فلم يكن هناك طلب على الهواتف الذكية مثل IPhone و IPad وغيرها من الأجهزة الذكية، ولكن عملة في مجال التقنية لفترة طويله كمالك لهذه الشركة جعله يستشرف التطلعات المستقبلية لجانب الطلب على مثل هذا النوع من التقنية. وبالتالي أي شركة تدخل هذه الصناعة مثل سامسونج لم تؤثر بشكل كبير على ريادة شركة ابل في هذا المجال، فما زالت تحتفظ شركة ابل بجزء من قوتها الاحتكارية لوجود شريحة كبيرة من جانب الطلب مازال لديهم ولاء لهذه الشركة باعتبارها رائدة هذه الصناعة.
شركة أمازون: استغلال مؤسس هذه الشركة Bezos Jeffrey للتطور في مجال التقنية وتطويعه لها في المجال التجاري كفكرة حديثه أعطاه الفرصة ليكون الرئد في هذا المجال كأكبر متجر تجزئة الكتروني. ففي ذاك الوقت يعتبر تطبيق فكرة كهذه مغامرة كبيرة وذلك لعدم وجود الطلب الفعلي عليها، ولكن لوجود المؤشرات الأولية لنجاحها (تقديم السلعة للمستفيد بجهد ووقت وتكلفه مناسبه) اعطى مالك الشركة بريق امل انه في حال نجاح فكرته سوف يحقق نجاحاً كبيراً وهذا ما حصل بالفعل.
طبعاً لخلق هذا النوع من الفرص الاستثمارية، يجب أن يتحلى المستثمر بالصبر. فهذا النوع من الفرص لا يأتي في ليله وضحاها وانما يكون نتاج خبرة متراكمه يستطيع المستثمر من خلالها استشراف المستقبل فيما يتعلق بجانب الطلب. فعلى سبيل المثال Steve Jobs استفاد من خبرته المتراكمة في مجال تقنية الكمبيوتر في خلق فرصه استثمارية جديدة متمثلة في الهواتف الذكية، في حين استفاد Jeffrey من خبرته المتراكمة في مجال بيع الكتب الكترونيا لتجارة التجزئة الكترونيا في بناء صرح كبير الكترونيا.ً
وانا هنا لا احصر جدوى خلق الفرص الجديدة في مدى توفر الخبرة للمستثمر ولكن أقول هي احد عوامل نجاح الفكرة لقدرته على التنبؤ بالطلب على منتجه. إذ يمكن للمستثمر المبتدئ التأكد من جدوى فكرته الاستثمارية من خلال الاستعانة بدراسات الجدوى وبالأخص الدراسة السوقية والتي تركز على دراسة الطلب والتنبؤ به وطرق التسويق المناسبة له.
الفكرة2: وَفْقًا لهذه الفكرة فإن الطلب يخلق العرض، وهو ما استفاد منه أغلب المستثمرين الكبار عندنا، فهؤلاء المستثمرين لم يسعوا الى خلق فكرة جديده، ولكن عمدوا الى تبني أفكار تم تطبيقها فعليا في دول معينه، والذي فاد هذة الشريحة من المستثمرين انفتاحهم على العالم الخارجي واحتكاكهم به عن قرب، وقد يرجع ذلك لتوفر الدعم المالي لديهم وهو مايمثل الفرصة التي ميزتهم عن غيرهم واتاحت لهم السفر والاطلاع على ماهو جديد في هذة الدول ومحاولة تبنية محليا، حيث عمد هولاء المستثمرين على تكييف هذة الأفكار لتناسب دولهم وبالتالي حققت النجاح الكبير، ولو نظرنا الى معظم اغنياء دول الخليج لرأينا أنهم في الغالب تبنوا أفكار كانت قائمة في دول أخرى وطوعوها لتتوافق مع دولهم، ومن الأمثلة على هذة المشاريع:
شركة هرفي: (نقصد هنا عند تبني الفكرة وتنفيذها من قبل المؤسسين السعيد و الابراهيم قبل انتقال ملكيتها لشركة المملكة القابضة) تبنت هذه الشركة فكرة عالمية وهي اعداد الوجبات السريعة، وهنا نسبة المخاطرة اقل نسبيا مقارنة مع الفكرة 1 (خلق فكرة جديده) فالصورة اكثر وضوحا في جانب الطلب المحلي في السعودية، لان المستثمر اعتمد على وجود الطلب العالمي على مثل هذا النوع من السلع.
وكلاء الماركات وغيرها من السلع والخدمات، فهم اعتمدوا على الطلب العالمي على هذه السلع، وعلية توقعوا ان يكون هناك طلب على المستوى المحلي، حيث استغل المستثمرين شغف جانب الطلب بمثل هذه السلع وعمدوا على توفيرها كرواد على المستوى المحلي. في الغالب يحالف مثل هذه الأفكار النجاح خصوصا بانهم قاسوا نسب الطلب على المستوى الدولي وليس فقط على مستوى بلد المنشأ وتوقعوا بعد ذلك بوجود طلب محتمل مماثل على المستوى المحلي. والذي ساعد هذه الأفكار على النجاح فجوة الطلب الكبيرة، وانخفاض حدة المنافسة، واختيار السلع والخدمات التي يكون عليها طلب عالمي ولم تتوفر محليا.ً
فكرة 3: عندما انظر إلى هذه الفكرة أتذكر عبارة انت وحظك (شختك بختك)، فأغلب المشاريع تدرج تحت هذه الفكرة. فالمستثمر لم يكلف نفسه عنا دراسة فكرة المشروع، ولكن في الاغلب تقوم على محاكاة المشاريع القائمة محلياً والتي اعطت مؤشرات نجاح. حيث تقوم هذه الفكرة على أن هناك مشروع ناجح على المستوى المحلي (سواء على مستوى المدينة او المنطقة)، وبالتالي يقوم المستثمر بتبني هذه الفكرة على امل تحقيق نفس النجاح. وقد يحالف هذه الفكرة النجاح ولكن يعتمد ذلك على محددات مثل حسن تصرف الإدارة بالدرجة الأولى ثم غيرها من المحددات مثل جودة المنتج واختيار الموقع المناسب وانخفاض حدة المنافسة .... الخ، وبالتالي دراسة فكرة المشروع لهذا النوع من المشاريع هو في ذيل المحددات بخالف الفكرة الأولى والثانية. ومن الأمثلة على ذلك بدون تحديد أسماء شركات محلات الشاورما، والسوبرماركت، والحالقين، قاعات افراح، وغيرها من المشاريع التي تعتمد في بقائها على الأغلب على الجودة او الموقع أو تقديم بعض الخدمات والتي قد تميزهم عن غيرهم في السوق، وذلك لتتمكن من المنافسة والتي تتصف بشيء من القوية في مجالاتهم.
والخلاصة أن المشاريع التي تبنت الفكرة الأولى والثانية أعطوا أولوية لفكرة المشروع كمحدد لنجاحه بخلاف المشاريع التي تبنت الفكرة الثالثة والتي جعلت فكرة المشروع كمحدد لنجاحه في ذيل القائمة. وبالتالي كانت العوائد اكبر نسبيا في المشاريع التي تبنت الفكرة الأولي و الثانية حيث أن المشاريع التي تبنت الفكرة الثالثة يكون العائد منخفضا مقارنة بالمشاريع التي تبنت الفكرة الأولى والثانية، وبالتالي اغلب المشاريع التي تندرج تحت الفكرة الثالثة يصاحبها الإخفاق في الوصول لأهدافها مما استدعى احياء فكرة ريادة الاعمال التي قامت عليها الفكرة الأولى لتفادي الإخفاق في هذه المشاريع. فالنجاح الأكبر لاي مشروع استثماري في الأغلب ما يرتبط بمفهوم العرض يخلق الطلب.
خاص_الفابيتا
شكرا دكتور وحيد ونرغب بمقالات اكثر متميزة كهذا المقال