معلوم الدور الذي يلعبه التغير في الائتمان/التمويل البنكي باختلاف أنواعه ارتفاعا أو انخفاضا في الاقتصادات والأسواق عموما، الذي يؤدي -حال ارتفاعه بمعدلات قياسية- إلى تشكل موجات تضخمية في فترات لاحقة، والعكس صحيح في حال انكماشه تتجه الأسعار نحو التباطؤ، ثم التراجع والانكماش. لهذا تعمل البنوك المركزية على التحكم في معدلات الفائدة رفعا وخفضا، وفق تلك المعطيات، تماما بما يتفق مع السياسات الراهنة لتلك البنوك بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي منذ نهاية الربع الأول من العام الماضي، وما زالت تتمسك البنوك المركزية بتلك السياسات المتشددة حتى تاريخه عبر رفع معدلات الفائدة، التي ينجم عنها انكماش في حجم الائتمان، وتوافر السيولة في الاقتصادات والأسواق، بما سيؤدي إلى كبح جماح التضخم وإعادته إلى المستويات المقبولة 2.0 في المائة.
محليا، شهدت الفترة 2019 - 2022 ارتفاعا كبيرا في التمويل العقاري الممنوح للأفراد، مدعوما بانخفاض معدل الفائدة وتوافر الدعم السكني للمقترضين، ما نتج عنه ارتفاع قياسي خلال الفترة برصيد تلك القروض بنحو 273 في المائة، وتدفق نحو 519.3 مليار ريال في القطاع السكني وحيدا، انعكست تلك الارتفاعات القياسية في حجم الائتمان العقاري خلال الفترة بعديد من النتائج، كان من أبرزها ارتفاع نشاط القطاع السكني بمعدلات قياسية ناهزت 92 في المائة، اقترنت بتسارع وتيرة الارتفاع في مستويات أسعار مختلف الأصول العقارية بعد موجة انخفاضها خلال الفترة 2016 - 2018، لتسجل الأسعار مستويات مرتفعة فاقت في نهاية موجتها القدرة الشرائية والائتمانية لأغلبية المستهلكين، وهي القصة المكررة لما حدث لسوق الأسهم المحلية خلال الفترة 2003 - 2006 التي شهدت ارتفاع الائتمان البنكي للأفراد بنحو 147 في المائة، وارتفاع المؤشر العام للسوق بأكثر من 730 في المائة خلال الفترة نفسها، اقترنت بتدني معدل الفائدة في أغلب تلك الفترة لما دون 2.0 في المائة، سرعان ما ارتفعت خلال الأشهر التي سبقت التصحيح الكبير للسوق بنحو 250 نقطة أساس، ما انتهى بتراجع المؤشر العام للسوق حتى نهاية 2006 بنحو 66 في المائة، متزامنا مع توقف الائتمان البنكي للأفراد عن النمو خلال تلك الفترة بما لم يتجاوز سقف 0.1 في المائة.
بالعودة إلى السوق العقارية، تحديدا إلى الفترة من بعد الربع الأول من العام الماضي، التي شهدت انطلاق أسرع وتيرة لارتفاع معدلات الفائدة ومن ضمنها تكلفة الرهن العقاري، بلغ مداها منذ أول قرار برفعها حتى آخر قرار إلى 450 نقطة أساس، ويزداد اصطفاف العوامل المعاكسة لاستمرار نشاط السوق في وتيرته المتصاعدة خلال الأعوام الماضية، تمثلت تلك العوامل في تجاوز الأسعار قدرة أغلبية المستهلكين، والارتفاع المطرد للفائدة، وتقلص حجم الطلب من المستهلكين نظير الارتفاع القياسي في معدل تملك المساكن "67 في المائة وفقا لأحدث تقارير شركة الاستشارات العقارية العالمية نايت فرانك"، كل هذا أفضى إلى بداية انكماش التمويل العقاري لدى الأفراد منذ منتصف العام الماضي، ثم تزايد بمعدلات أكبر حتى نهاية 2022، واستمر في التزايد من بداية العام الجاري مدفوعا شهرا بعد شهر من استمرار ارتفاع الفائدة، انتهى به الأمر إلى تسجيله انخفاضا سنويا تجاوز 54 في المائة بنهاية نيسان (أبريل) الماضي (4.3 مليار ريال)، متراجعا إلى أدنى مستوياته الشهرية منذ نهاية 2018، كما سجل انخفاضا خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري بنسبة ناهزت 40 في المائة (27.9 مليار ريال)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (46.4 مليار ريال)، ومسجلا انخفاضا أكبر مقارنة بالفترة نفسها من 2021 بنسبة وصلت إلى نحو 58 في المائة (66.3 مليار ريال).
كما أن زيادة تدفق التمويل العقاري أسهمت في زيادة النشاط العقاري السكني بمعدلات ناهزت 92 في المائة، كما سبق ذكره أعلاه، فقد أدى تراجع التمويل إلى تباطؤ نشاط العقار السكني طوال عام مضى بنسبة فاقت 45 في المائة حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، ولا يزال النشاط السكني مستمرا في التراجع حتى الفترة الراهنة، وفق أحدث بيانات وزارة العدل بمعدلات مقاربة جدا لمعدلات التراجع في حجم الائتمان العقاري. ومما ضاعف من الضغوط على نشاط القطاع السكني في السوق، الإجراءات والتدابير المتسارعة التي قامت بها الأجهزة ذات العلاقة في السوق، استهدافا لكبح تلك الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، بتنفيذها توجيهات القيادة الرشيدة بزيادة ضخ عشرات الملايين من أمتار الأراضي المطورة في المدن الرئيسة، وتفعيل مزيد من أدوات نظام الرسوم على الأراضي البيضاء في المدن والمحافظات، والانتقال إلى تنفيذ المراحل التالية من النظام، إضافة إلى ترشيد الدعم السكني الممنوح للمستفيدين، بما يسهم في ضبط حجم الائتمان العقاري، وبعد ارتفاع معدل تملك المساكن واقترابه كثيرا من النسبة المستهدف تحقيقها بحلول 2030.
يمكن القول بعد نحو عام مضى، تضمن تطورات غير مسبوقة لأبرز العوامل المؤثرة في السوق العقارية، أصبحت اليوم في طور تشكلها النهائي مع اقتراب تثبيت الفائدة عند مستوياتها المرتفعة الراهنة، وارتفاع احتمالات استقرارها عند تلك المستويات حتى نهاية العام المقبل، ما يشير إلى مزيد من تحييد دور الائتمان العقاري في تحفيز الطلب، الذي أصبح بدوره أقل مما كان عليه قبل عدة أعوام قليلة، نتيجة الارتفاع القياسي لمعدل تملك المساكن، إضافة إلى استمرار العمل بالمصفوفة المستحدثة والمرشدة للدعم السكني. يقابل كل ما تقدم إنجازات إيجابية على مستوى زيادة ضخ مساحات أكبر من الأراضي المطورة في المدن الرئيسة، وزيادة مطردة في المنتجات السكنية المتنوعة بأسعار تنافسية من شركات التطوير العقاري العملاقة، سيؤدي -بمشيئة الله تعالى- إلى تحقيق التوازن المنشود للسوق، واستقرار الأسعار عند المستويات العادلة لمختلف الأصول العقارية، التي توائم القدرة الشرائية والائتمانية لأغلبية المستهلكين الباحثين عن تملك مساكنهم، ضمن ضوابط تمويلية أكثر تحوطا وحماية للأطراف كافة "جهات تمويل، مقترضين"، بما يؤدي في مجمله إلى تحقيق استقرار أكبر للسوق، الذي سيسهم بدوره في مزيد من كبح التضخم وتعزيز الاستقرار والنمو الاقتصاديين، ويؤدي أيضا إلى تحفيز نمو القطاع الخاص، وتعزيز قدرته على زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، وزيادته لفرص العمل المجدية أمام الموارد البشرية المواطنة.
نقلا عن الاقتصادية
تحياتي
هل نتظر في الشراء . والى متى وكم نسبة النزول المتوقعة في الاشهر القادمة أو بعد الحج
حياك الله، إذا أنت مستثمر: أكيد لن يهمّك رأي الآخرين، لأن لديك رؤيتك الخاصة. أما إن كنت مستهلك فمتى وجدت المسكن الجيد والمناسب لاحتياجاتك، والذي لا يتجاوز استقطاعه الشهري 35% بالكثير من دخلك فلا تتأخر، فحتى لو انخفض مستقبلا في الأشهر القادمة فلا يهم هذا الجانب كونك امتلكت مسكن لتنتفع منه لا أن تبيعه، وهذا رأيي وأنت سلمك الله مالك القرار الأخير.. الإشكالية أن تشتري مسكن باستقطاع كبير من دخلك (65% مثلا) ثم تجده مستقبلا متاحا بأقل من السعر الذي اشتريت فيه!! لهذا يتم التركيز على نسبة الاستقطاع هنا بألا تتجاوز ثلث دخلك الشهري، وتفضل بقبول وافر التحية والتقدير أخي الموقر
انا والله ماعاد اشره عليك ولكن اشره على المواقع والصحف اللي تسمح لك تهبد ععد ماثبت لكل عاقل ان ماعندك سالفة وانك ورطت الناس بسواليف العجز اللي تسميها تحليل عقاري ومشكلتك انك مبرمج على نفسير اي حدث يحدث في العالم ان له تداعيات سلبية على العقار في المملكة!!! فلو يحترق مصنع اسمنت في جيبوتي بتقول ان ذلك دليل على ضعف الطلب على العقار وان العقار سينهار ومن 20 سنة وانت على هالحال ومع تدبيلات العقار ما اعتذرت بل لازلت تهبد
عندي لك حل؛ جرّب الشاهي بدون سكر، بيضبط معك المقال :)
ياستاذ عبدالحميد ...اعتقد الاستاذ / سعد وتعليقه اعلاه لو مرت عليه انهيار العقار في الثمانينات حينما ترافقت ميزانية انكماشية مع فائدة مرتفعة ...لعرف معنى مقالاتك ....عام 86 اشتريت ارض في المرسلات بسعر المتر 180 ريال من مشتري اشتراها قبلي بسعر 450 ريال سعودي ....********.انا كنت اتوقع انهيار عقاري عام 2015 مع انخفاض دخل النفط انذاك والذي كنت اعتقد انه سيقود إلى ميزانية تقشفية .......لكن تغيير المحددات وبدء القروض العقارية من عام 2017 ادى إلى تورم كبير في الاسعار بسبب السيولة الهائلة التي توجهت للقطاع *******........
حياك الله أخي شاري، الشيخ العقاري سعد دائما يطرح تعليقاته الهجومية وحبيت أرد عليه لأول مرة، هذا كل ما في الأمر.. وتعليقاته بالنسبة لي مهمة، تعطيني مؤشرات هامة عن نفسية العاملين في السوق، وبصراحة كل ما قرأت له هو وغيره تعليقات متشنجة أشعر بارتياح كبير:)
.لا ازال اعتقد انه من ضمن اهداف القروض العقارية هو تخفيض الاستهلاك الكمالي واستبداله برفع معدلات الادخار والاستثمار وبالتالي السيطرة على عجز ميزان المدفوعات سيما ان حدث تسارع في انخفاض الطلب على النفط بسبب بدائل النفط من سيارات كهربائية وهذا هاجس حقيقي خصوصا بعد عام 2030 ...لذلك الدولة ربما تريد غرس هذه الثقافة عبر دعم القروض وبعد فترة طويلة تخفيض الدعم إلى الغائه تماما بعد 2030 ...*******..فمثلا اذا كان دخلك مثلا خمسة عشر الف ريال بدلا من ان تشتري سيارة مستوردة فاخرة تقتطع ثلث دخلك وتسبب عبء على الميزان التجاري والجاري لانها سلعة دولارية ....تقوم بشراء منزل ( منتج محلي تماما يدفع له بالريال ) يقود إلى خفض استهلاكك الدولاري بشكل او اخر .....ارى جميع الاجراءات التي تمت تستهدف خفض الاستهلاك الدولاري من ضريبة مضافة تحد من استهلاك السلع المعمرة إلى المقابل المالي على الاجانب وغيره .....وبهذا نستطيع التاقلم مع احتمالية انخفاض مبيعات النفط الدولارية في العقود المقبلة دون اللجوء إلى تخفيض الريال او القيام بسياسة نقدية مضرة باستقرار الريال .......بعد غرس ثقافة القروض العقارية في البلد .....سوف ينخفض الطلب الاستهلاكي على الدولار من سيارات وسفر وما إل ذلك من السلع والخدمات الاجنبية ******* وما ادل على هذا التوجه من عمل دعم للتطوير العقاري و ضريبة للتطوير الذاتي ، لان تستطيع الدولة عبر نظامها الضريبي حصر استعادة المضافة للمطور العقاري بالمنتجات المحلية على اساس ان المشروع تابع لوزارة الاسكان وبالتالي تستطيع الدولة نظاما فرض مثل هذا النظام دون الدخول بقضايا حرية التجارة لان المشروع تابع للدولة وبالتالي من حقها التمييز بين المنتجات المحلية والمستوردة *********** .........مارايك بهذا التحليل ياستاذ عبدالحميد
حياك الله مرة أخرى، ما تفضلت به بعيد جدا عن السياسات والواقع، لأن المحافظة على قوة الطلب الاستهلاكي والقدرة الادخارية للمجتمع لا يمكن تلتقي مع هذه النسب العالية للاستقطاع، والاشكالية ليست في القروض بقدر ما أنها في النسب العالية للسداد، الأمر الآخر؛ أغلب المواد الداخلة في البناء والتشييد والعمالة الوافدة في الأصل مستوردة من الخارج، وفي النهاية ستخرج الأموال للخارج!! (ارتفعت الواردات خلال 2019-2022 من 514 مليار ريال إلى أعلى من 712 مليار ريال، أي بنمو 38.5%) هذا عدا تحويلات الوافدين للخارج، التي بدأت تشهد انخفاض خلال آخر 12 شهر بالتزامن مع ركود السوق العقارية:) سبق الحديث مطولا وكثيرا عن الآثار العكسية اقتصاديا وماليا واجتماعيا لمنهجية القروض العقارية الراهنة، بدأ بعضها في الظهور من عامين وعام، وقد تكون التغييرات الأخيرة سبب بمشيئة الله تعالى في تخفيف حدتها وآثارها العكسية خلال الفترة الراهنة ومستقبلا
أنا أتفق مع ما تكتبه ,, لكن الواقع المغاير لمقالاتك يظهرك مظهر غير صحيح .. إنت تكتب بناءاً على منطق و الواقع غير منطقي ..
سؤال فني وغريب يا بو عبدالإله ,, هل يوجد نقطة تعادل عند شراء المنازل بهذه الأسعار الجنونية ؟؟