الرقابة المالية هي الوسيلة التي يتم من خلالها التحقق من سلامة العمليات التي لها أثر مالي على الميزانية والقوائم المالية والحسابات الختامية الخاصة بالجهات الحكومية أو الشركات المساهمة وغيرها مثل الشركات العائلية من حيث الكفاءة والفاعلية لأنظمة الرقابة الداخلية، ومدى التزام تلك الجهات بالأنظمة واللوائح والسياسات والتعليمات والقرارات ذات الصلة بالرقابة المالية والإدارية والتي تُعد الأساس في الارتقاء بالأداء الحكومي وحفظ المال العام من الاستغلال غير النظامي، وكذلك لحوكمة الشركات المساهمة لحفظ حقوق المساهمين من المخالفات التي تهدر الأموال المسلوبة لصالح المفسدين، يساعد النظام الرقابي المالي في توزيع المورد المالي بطريقة صحيحة ما يزيد في الفاعلية والكفاءة الإنتاجية في جميع إدارات الجهات الحكومية والشركات. كما أن الرقابة المالية تزيد من تحديد المسؤوليات في حال حصلت مشكلة مالية، بحيث تتناسب المسألة مع المسئولية. لا شك في أن الشخص المناسب في المكان المناسب مسؤولية الإدارة العليا في الهيئات الحكومية والشركات المساهمة في غاية الأهمية، وكذلك في الشركات العائلية لتهيئتها للإدراج في السوق المالية في وضع مالي وإستراتيجي صحي.
الهدف بشكل عام من الرقابة الإدارية والمالية التي تمارسها الأجهزة المنوطة بها المهمة من قبل الدولة هو الإشراف على مجمل الوحدات الإدارية المختلفة للتحكم في انسيابية وسير أداء هذه الوحدات حتى لا تنحرف عن الأداء المطلوب، وبالتالي يصبح انحرافها هدرا للموارد المالية المتاحة، وكذلك مخالفة لضوابط الحوكمة. تنظم الرقابة سير الأداء لهذه الوحدات الإدارية وتساعدها بشكل أمثل في استغلال مواردها المالية المتاحة بالطرق الصحيحة، وبالتالي تكون الكفاءة الإنتاجية عالية. وأرى أنه من الطبيعي أن يكون للرقابة دور في الأداء بجودة عالية، أرى أنه لابد للتكاليف المالية للرقابة أن تتناسق مع الفائدة من النظام الرقابي، بحيث لا تتداخل مع أنظمة أخرى مناط بها مهام الرقابة، بحيث يتحول الأمر إلى إلقاء المسؤولية بشكل غير منظم، وبالتالي تتدنى الكفاءة الإنتاجية وتنتج الاختلافات ويزيد الفساد الذي قد يكون «مستترًا»، لكن بصورة (نظامية). تعدد الأدوات والأجهزة الرقابية مسألة غير مجدية، كون تعدد أوجه الرقابة بدون مبرر يؤدي إلى تعطيل اتخاذ القرارات، حين تلقي كل جهة مسؤولية التقصير على جهة أو جهات أخرى في الإشارة إلى القصور في الأداء الوظيفي أو فيما يتعلق بالفساد المالي في أي وحدة حكومية أو شركات مساهمة، مما يزيد من تراخي النظام الرقابي ويقلل من كفاءته وفائدته.
لا تقتصر الفائدة من التحكم والرقابة المالية على حماية المورد المالي للمؤسسات من الاستغلال غير النظامي فحسب، بل تشمل انسيابية الإجراءات وسرعتها والمحاسبة حسب المسؤولية وحجمها وتحديد مستوى السلطة الإدارية ونطاقها. ومن غير المناسب أن تتم محاسبة موظف خارج نطاق مسؤوليته؛ لما في ذلك من ظلم له قد يؤدي إلى عدم استقراره النفسي، وبالتالي مغادرة العمل إلى جهة أخرى قد تكون من الجهات المنافسة في قطاع الأعمال سواء القطاع العائلي أو الشركات المساهمة، للتقدم التكنولوجي في مجال التحكم والرقابة المالية الرقمية مساهمة عظيمة في الجودة والدقة والسرعة؛ ما يخفف العبء على العنصر البشري في هذا المجال. التجارب في مجال التحكم الإلكتروني المالي والإداري ساهمت في نمو النشاطات الرقمية على مستوى الجهات الحكومية والشركات الاستثمارية ما يزيد من الفاعلية والكفاءة الإنتاجية ومتابعة الرقابة المالية والإدارية بشمولية ودقة عالية للحد من التجاوزات المخالفة للأنظمة ولوائح الحوكمة.
نقلا عن اليوم