القطاع البنكي السعودي والمنافسة المحلية والعالمية

22/02/2023 1
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

يسهم القطاع البنكي السعودي في التنمية الاقتصادية في المملكة، فقد حظي بدعم ورعاية حكومية منذ أكثر من 70 عاما، حيث حقق ولا يزال الكثير من المكاسب التي جعلته من أكثر بنوك العالم من حيث النمو والأرباح المتعاظمة، مقارنة بالكثافة السكانية للمملكة. لقد كشف رصد لصحيفة «مال» ارتفاع رؤوس أموال البنوك السعودية العشرة المدرجة في السوق المالية الرئيسية بنسبة 7.2% مقارنة بقيمتها في نهاية سبتمبر من العام 2022، وذلك لتصل إلى 225.80 مليار ريال، بعد إعلان البنك الأهلي السعودي زيادة رأس ماله من 44.78 مليار ريال إلى 60 مليار ريال بزيادة تقريبية 34%. وعزا البنك الأهلي السعودي توجهه لزيادة رأس المال إلى الرغبة في تعزيز خطته الإستراتيجية الطموحة، وقد سبق بنك الراجحي البنك الأهلي السعودي في زياد رأس المال من 25 مليار ريال إلى 40 مليار ريال. ويعتبر بنك الرياض من أقدم البنوك السعودية ويحتل المرتبة الثالثة برأس مال بلغ 30 مليار ريال. يبلغ رأس مال البنوك السعودية الثلاثة التي تتصدر القائمة حوالي 130 مليار ريال حتى كتابة هذا المقال. أتوقع من البنوك السعودية الأخرى زيادة رأس المال لمواكبة المنافسة المحلية والعالمية. تبلغ نسبة رأس المال للبنوك السعودية الثلاثة حوالي 41% من إجمالي رأس المال في بنك سيتي Citi الأمريكي الذي بلغ حوالي 313.95 بليون ريال في 2022م، ويعتبر جزءا من مجموعة Citi Group التي بلغ إجمالي أصولها حوالي 22 تريليون دولار أمريكي أو حوالي 82.5 تريليون ريال. البنوك السعودية مجتمعة لا تقارب في مجموع رؤوس أموالها رأس مال بنك Citi ما يجعلها غير منافسة سواء لنفس البنك أو بنك America (بنك أوف أميركا) أو بنك Chase. الجدير بالذكر أن رأس المال ليس المعيار الوحيد للمنافسة، بل يعتبر كل من الإبداع والابتكار والجودة والحساسية تجاه الزبائن والكفاءة الإنتاجية في الخدمات المالية من معايير الميزة التنافسية.

الملاحظ أن البنوك السعودية تتنافس فيما بينها لجذب الأموال من الداخل بسعر فائدة منخفض أو بلا سعر فائدة، لكن البنوك الأجنبية خاصة التي تحتاج للسيولة تنافسها بأسعار فائدة عالية، خاصة بعد زيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة في الفترة الأخيرة، وذلك لكبح جماح معدل التضخم المالي في الولايات المتحدة، وكذلك لجذب الأموال الأجنبية إلى الاقتصاد الأمريكي. تضغط البنوك في المملكة سعر الفائدة لتحصل على إيداعات بسعر فائدة منخفضة، لكن الأموال تهاجر إلى الاقتصادات المرتفعة من حيث سعر الفائدة، خاصة تتوجه إلى الاقتصاد الأمريكي. تحاول البنوك المنافسة على الودائع بأسعار فوائد رخيصة بينما سعر الفائدة على القروض مرتفع. تعظيم سعر الفائدة على القروض عال لا يتناسب مع أسعار الفائدة على الودائع ما يشجع الأموال على البحث عن قنوات استثمار مرتفعة الفائدة؛ ما يزيد من سعر الفائدة على القروض لشح السيولة للإقراض.

يأتي دور البنك المركزي في ضخ السيولة المناسبة للبنوك لمواكبة الطلب على القروض للأفراد والشركات تحت أي ظرف حتى لا يرتفع سعر الفائدة على المقترضين نتيجة شح السيولة المحلية بسبب هجرة الأموال إلى دول ترتفع فيها أسعار الفائدة على الودائع لجذب المودعين. لقد كثر الحديث عن دور البنوك السعودية في خدمة المجتمع والذي يكاد يكون مفقودا، حيث الانتقادات متداولة عن ضعفها في المسئولية الاجتماعية بالرغم مما تحققه من عائدات عالية ورعاية حكومية منذ ظهور أول بنك في المملكة. إذا رغبت البنوك السعودية في الانتشار عالميا فعليها أن تتبنى المسئولية الاجتماعية؛ لأن المجتمعات العالمية تقيمها في ناحية العطاء المجتمعي.

 

نقلا عن اليوم