سقوط أسهم التكنولوجيا.. وانفجار فقاعة الوباء

12/05/2022 2
د. خالد رمضان عبد اللطيف

عندما ظهر الوباء في عام 2020، ازدهرت شركات التكنولوجيا بشكل مثير للإعجاب، ولكن، مع عودة الناس إلى أعمالهم وقضاء الموظفين وقت أقل في المنزل، تراجع القطاع بشكل مثير للرثاء، وبدأ يعاني خسائر فادحة، وعلى سبيل المثال، فقد أغلق مؤشر ناسداك المركب يوم الاثنين الماضي منخفضًا بأكثر من 4٪، بعدما أنهى المؤشر شهر أبريل بأدائه الشهري الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وبالرغم من أنه ارتفع يوم الثلاثاء، إلا أن الموجة البيعية الواسعة قضت على تريليونات الدولارات من القيمة السوقية، بفعل تخلي المستثمرين عن أسهم القطاع من شركات أشباه الموصلات إلى منتجي الأجهزة وعملاقة التواصل الاجتماعي.

مثال آخر للسقوط من شركة أبل، فقد تراجعت أسهم عملاق التكنولوجيا الأمريكية 15٪ تقريبًا منذ أوائل يناير، على الرغم من أرباحها القياسية في الربع الأخير من العام الماضي، بينما أدى تباطؤ نمو الإيرادات الأخير في "ميتا"، الشركة الأم للفيس بوك، إلى تجميد التوظيف، وسط انخفاض بنسبة 47 ٪ في سعر السهم منذ سبتمبر، فما الذي تغير بين الأمس واليوم؟.

هناك ثلاثة عوامل أدت إلى سقوط أسهم التكنولوجيا، الأول: قلة الدخل، فقد تخلصت الشركات الكبرى من أكثر من تريليون دولار خلال جلسات التداول الثلاث الماضية، حيث لا تزال العديد من أكبر الشركات العالمية تعاني آثار عدم تلبية توقعات الأرباح، وفي هذا الإطار، خسرت شركة بيلوتون، وهي إحدى الشركات الأكثر شعبية في الأيام الأولى للوباء، 757 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، تاركة العلامة التجارية المتعلقة باللياقة البدنية بقيمة سوقية تبلغ حوالي 4 مليارات دولار، وبانخفاض أكثر من 90٪ عن أعلى مستوياتها في أوائل عام 2021 البالغة 47 مليار دولار.

أما شركة الترفيه الأمريكية نتفليكس، فقد شهدت انخفاضاً في أسهمها بنحو 75 ٪ من أعلى مستوى لها في نوفمبر بعد خسارة 200 ألف مشترك في الربع الأول، مع توقعات بخسارة أكثر من مليوني مشترك في الربع الثاني بسبب المنافسة المتزايدة، بينما انخفضت القيمة السوقية لشركة زووم إلى 26 مليار دولار، أي أقل قليلاً من قيمتها قبل الوباء، وربما يكون انخفاض الأرباح أكبر العلامات على انفجار فقاعة الوباء، حيث يقوم المزيد من المستهلكين الآن بتحويل عادات إنفاقهم من التجارب الرقمية عبر الإنترنت، إلى تجارب العالم الحقيقي، بعد أن تركت أزمة سلاسل التوريد والتضخم المستهلكين يعانون ضغوطاً في الفواتير اليومية، ولا توجد إجابة واضحة عن متى سيتغير ذلك.

أما العامل الثاني للسقوط، فتمثل في فقدان مستثمرو التجزئة اهتمامهم بأسهم التكنولوجيا، فخلال العامين الماضيين، تداول هؤلاء المستثمرين غير المحترفين حوالي 25٪ من أسهم القطاع، بدعم من منصات التداول عبر الإنترنت عندما كان الناس يعملون من المنزل، والآن، غادر حوالي نصف هؤلاء المستثمرين السوق بعدما فشلت شركات التكنولوجيا في تلبية توقعات الأرباح، وعاد الناس إلى واقع الحياة، ويبدو أن الكثير من المستثمرين قرروا البقاء خارج السوق لفترة من الوقت.

وفيما يزن المستثمرون هذه المخاطر، تلقي "وول ستريت" بظلال من الشك على قدرة شركات التكنولوجيا الكبرى في الحفاظ على الزخم اللازم لتبرير التقييمات العالية التي حفزها الطلب غير المسبوق للوباء على التكنولوجيا الجديدة، رغم أن عمليات البيع والتخلص من أسهم التكنولوجيا غير منطقية، بل إنها ذهبت بعيدًا، نظرًا لضرورة استخدام العديد من المنتجات التقنية، والواقع أن بعض أسهم التكنولوجيا مثل "أبل" و"مايكروسوفت" لديها حركة تصاعدية بنسبة 30 ٪ لبقية العام، بينما من المرجح استمرار زخم النمو في شركات التجارة الإلكترونية الأخرى، والمستفيدين من العمل في المنزل.

والعامل الثالث لسقوط أسهم التكنولوجيا يتمثل في ارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية، والتي تجعل "وول ستريت" قلقة، حيث يخشى المستثمرون أن يصبح الاقتراض أكثر تكلفة للشركات والأسر، مما يؤدي إلى بالتبعية إلى خنق النمو الاقتصادي، وربما يؤدي إلى الركود، غيما يكافح الاحتياطي الفيدرالي لتجنب ذلك، وبالطريقة التي لا تزعج الأسواق، والواقع أن الارتفاع السريع في أسعار الفائدة أجبر المستثمرين على إعادة التفكير فيما إذا كانت الأسهم التي ازدهرت في بيئة ذات معدلات فائدة منخفضة ستكون قادرة على الاستمرار في النجاح، وهكذا، دفع عدم اليقين المستثمرين للعزوف عن أسهم التكنولوجيا، والتي يصبح أداءها أسوأ عندما ترتفع الفائدة، التي تجعل الاقتراض أكثر تكلفة، بينما ينخفض النمو. 

 

خاص_الفابيتا