لا يكاد أن يَخلو مجلس من مجالس السعوديين، لا يثار فيه الحديث عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمواد التموينية، بما في ذلك الاستهلاكية، وكذلك رسوم الخدمات وضريبة القيمة المضافة، باعتبار أن لها مساس بدخول المواطنين وتنعكس بسلبيات على قدرتهم الشرائية بإضعَافِها.
البعض يعزي الارتفاع في الأسعار وفرض الرسوم على الخدمات، بما في ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة، إلى سلسلة الإصلاحات الهيكلية المالية التي اتخذتها الحكومة للتحسين من دخلها وتمكينها من بلوغ مستوى من الاستدامة المالية التي تمكنها من مواجهة التزاماتها المالية دون التأثر أو الارتهان لمصدر دخل وحيد متذبذب العوائد، وكما كان هو واقع الحال في الماضي عندما كانت الدولة تعتمد في انفاقها الاستثماري والاستهلاكي على ما تجنيه من إيرادات عن بيع النفط بنسبة كانت تتجاوز 90 % من إجمالي الإيرادات المتحققة (النفطية وغير النفطية).
في حين البعض الآخر يَنظر إلى الإصلاحات من منظور وزاوية مختلفة بعض الشيء عما تنظر إليه الدولة وتسعى جاهدة إلى تحقيقه اقتصادياً ومالياً لصالح الوطن والمواطن على حدٍ سواء، حيث يعتبرها متسارعة في تسلسلها وفي تواتر تطبيقها، وبالذات بالنسبة لتطبيق بعض الرسوم المرتبطة باستهلاك الخدمات الأساسية التي لها مساس مباشر بحياة المواطن اليومية، كخدمات المياه، والكهرباء، بما في ذلك الزيادة التي طرأت على أسعار الوقود.
وهناك من يذهب بتفكيره إلى أبعد من ذلك في اعتقاده، بأن الدولة تسعى من خلال فرضها للرسوم إلى تضخيم مواردها المالية على حساب جيب المواطن ودخله المحدود مقارنة بدخل الدولة الضخم، وبالذات حين الأخذ بعين الاعتبار بأنها دولة نفطية وغنية.
بالرغم من الجهود الإعلامية والتوعوية التي بذلها المسؤولون الحكوميون بمختلف مستوياتهم الإدارية والتنفيذية منذ انطلاقة رؤية المملكة 2030 في عام 2016 لتوضيح ما تضمنته الرؤية من إصلاحات مالية واقتصادية، وما صاحبها من اتخاذ قرارات وصدور أنظمة وتشريعات جديدة لتحقيق مستهدفات الرؤية، بهدف الوصول إلى مستوى من الرفاه الاجتماعي والمعيشي الذي يستحقه المواطن، وتطمح إلى تحقيقه الدولة، إلا أن هناك من المواطنين ممن لا يزال ليس على اطلاع عميق بدقائق وتفاصيل تلك الإصلاحات، وبالذات فيما يتعلق بسرعة وتيرتها وتعدد اتجاهاتها ومقاصدها النبيلة والسامية، كما أن البعض ليس على إطلاع وإلمام كامل وتام بالإنجازات المالية والاقتصادية، بما في ذلك الاجتماعية العظيمة، التي تحققت خلال الخمس سنوات الماضية منذ انطلاقة الرؤية والتي شهد لها القاصي والداني.
إن عدم وضوح الرؤية لدى المواطن بتفاصيل تلك الإصلاحات وما تحقق عنها من إنجازات طموحة، يُولد لديه شيء من القلق والتوجس حيال جدواها الاقتصادية والحياتية، بما في ذلك المعيشية، مما يتطلب برأيي تكثيف جهود التوعية بتلك الإنجازات وما حققته للوطن وللمواطن من رفاه معيشي واجتماعي، بأسلوب مدروس وممنهج وكما يقولون السهل الممتنع الذي يُحاكي جميع العقول بما تُدركه تبعاً للفئة العمرية ومستوى الثقافة والتعليم، باستخدام وسائل التواصل الحديثة الكفيلة بإيصال الرسالة التوعوية بأسلوب جاذب ومقنع، كوسائل التواصل الاجتماعي، الانفوجرافيك، تكنلوجيا الواقع المعزز، تقنية الهولوغرام، وغيرها من وسائل التواصل والتقنيات الحديثة.
اللقاء التلفزيوني الشهير الذي أجراه الزميل عبدالله المديفر مع سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد بمناسبة مرور خمس سنوات على انطلاقة رؤية المملكة 2030، تضمن لشرح وافٍ وضافٍ لسموه لمعظم الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي قامت بها الدولة، وما نتج عنها من تطور وتحسن ملحوظ في أداء الاقتصاد والمالية العامة للدولة، بما في ذلك من تحسن في العديد من المؤشرات والمعدلات الاقتصادية والإسكانية، حيث على سبيل المثال لا الحصر، أسهمت تلك الإصلاحات في خفض معدل البطالة بين السعوديين من 14 % قبل انطلاق الرؤية ومن ارتفاع بلغ 15.4 % بالربع الثاني من عام 2020، إلى 11.3 % بنهاية الربع الرابع من العام الماضي، وبلغ عدد الوظائف الجديدة (المستحدثة) خلال نفس الربع 90 ألف وظيفة، وكسر عدد المشتغلين السعوديين في القطاع الخاص حاجز الــ 1.9 مليون عامل لأول مرة على الإطلاق بنهاية العام الماضي. كما وتَمكنت المملكة من تحقيق نسب تملك مساكن للمواطنين بنسبة تفوق نسب المتوسط العالمي، حيث تمكنت منظومة الإسكان من رفع نسبة تملك المواطنين للمساكن من نحو 47 % قبل انطلاق الرؤية إلى نسبة 62 % بنهاية عام 2020، وتقليص مدة الانتظار للحصول على القرض العقاري من نحو 15 عاما إلى دقائق معدودات للمستحقين، وكذلك القضاء على قائمة انتظار كانت طويلة جداً بصندوق التنمية العقارية تجاوز عددها الـ 40 ألفا في حين حالياً وصلت نسبة الانتظار للصفر.
برأيي أن الحاجة أصبحت ملحة لاستحداث برنامج ضمن برامج الرؤية، يُعنى بجانب التوعية وتثقيف المجتمع بالإصلاحات والإنجازات، بما في ذلك نتائجها وانعكاساتها الإيجابية على حياة الفرد والمجتمع لتشمل النشء، والشباب وكبار السن. وعلى خطٍ موازٍ، أتطلع بأن يكون هناك دور إعلامي وتثقيفي مجتمعي ملموس لرؤساء اللجان العليا لبرامج الرؤية المختلفة، والرؤساء التنفيذيين، بما في ذلك مكاتب تحقيق الرؤية، ببرامج الرؤية ومؤشرات الأداء وما تحقق من إنجازات، بحيث يكون المواطن على دراية تامة ووعٍ كامل بما يدور حوله ويخطط له من حياة واعدة ومشرقة في الحاضر وفي المستقبل للجيل الحالي وللأجيال القادمة على حدٍ سواء.
نقلا عن الرياض
لكل خطة نسبة غنجاز.كم نسبة الإنجاز.هل نحن سابقون متأخرون عن ما تم التخطيط له؟ ماذا حدث ل2020؟
إنجاز.تصحيح