اطلعت على تقرير عن إنفاق الاستهلاك من خلال قطاع التجزئة في المملكة للأعوام السبعة الأخيرة بما في ذلك 2021، التقرير مهم لأن حالة المستهلك واستقراره من الضروريات. لكن أيضا تغيراته مهمة من زاوية الطلب التي لدينا، وربما أهم من العرض على الأقل في العقود القليلة الماضية، لأسباب منها اعتماد المملكة على الاستيراد لأغلب البضائع، ولأن سوق العرض مفتوحة من كل دول العالم.
التقرير يقيس أحد عناصر الطلب بطريقة غير مباشرة من خلال عمليات نقاط البيع الإلكترونية، وسحوبات الصراف الآلي، وعمليات التجارة الإلكترونية باستخدام بطاقات مدى فقط. معيار مقبول حتى جيد لقياس الإنفاق، لكنه غير دقيق جدا لأن توظيف النقد متعدد، وكذلك لا يشمل التجارة الإلكترونية العالمية، خاصة باستخدام بطاقات الائتمان. للتقرير عدة ملامح تخص الطلب الاستهلاكي مباشرة، لكن أيضا له تبعات اقتصادية أوسع من الإنفاق الاستهلاكي فقط.
أولا، يلاحظ أن الإنفاق الاستهلاكي على درجة من الاستقرار على الرغم من التغيرات المهمة في اقتصاد المملكة أثناء الفترة. حجم الإنفاق بدأ بـ950 مليار ريال في 2015، تلا ذلك 936، 929،981، 1039، 1025، 1129. أهم تغيير أن التقرير بدأ بـ 2015، حيث كانت أسعار النفط قد بدأت رحلة نزول مؤلمة، والثاني أن المملكة بدأت سلسلة من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية، مثل ترشيد الدعم، وغيرها من الإجراءات.
كما أن الإنفاق بدأ بالارتفاع ليتعدى التريليون لأول مرة في 2019 ويصل 1.3 في 2021. نمو الإنفاق يدل على حالة اقتصادية جيدة من حيث استقرار جزء من الطلب العام وتكيف مع المنظومة الجديدة من ترشيد الدعم وسن ضريبة القيمة المضافة وأيضا حالة متفائلة ربما ساعد فيها الحد من السفر أثناء وباء كورونا.
ثانيا، هناك تطور تقني وتنظيمي مهم على أكثر من صعيد، إذ يعكس جهود المملكة في البنية التحتية في نظام المدفوعات والاتصالات وتقليل استخدام النقد. إذ بلغت حصة المدفوعات الإلكترونية 57 في المائة من إجمالي عمليات الدفع بما في ذلك النقد. نسبة تجاوزت الهدف المرحلي عند 55 في المائة كأحد برامج تطوير القطاع المالي كجزء من رؤية 2030 في طريقها إلى 70 في المائة كهدف لـ2025. تجاوزت نقاط البيع المليون في نهاية 2021. التطور الرقمي يساعد على رفع فعالية القطاع التجاري والمالي حتى المالية العامة. لا بد أن التطورات الرقمية ساعدت أيضا على توفير الإحصائيات، ولذلك ربما تفسر بعض النمو لكنها تفسر درجة التفصيل في مشتريات المستهلك من ناحية توزيعها بالوسيلة والقطاع الجغرافي. تفاصيل إنفاق 2021 تعطينا فكرة عن الماضي الحديث والتوجهات المستقبلية.
لا تزال السحوبات النقدية تشكل 582 مليارا أي أكثر قليلا من نصف الإنفاق مقارنة بنقاط البيع عند 473 وعمليات مدى عند 74. واللافت أيضا أن قروض البطاقات الائتمانية ارتفعت 6 في المائة فقط ربما بسبب محدودية السفر لذلك قد لا تكون استرشادية، أيضا كان نقص أجهزه الصراف الآلي 9.5 في المائة ربما بسبب تكاليفها العالية وتنامي دور نقاط البيع التي سجلت 1.8 مليار عملية بنسبة نمو 182 في المائة. لأسباب إحصائية أظهر التقرير حجم المبيعات المنسوبة لنقاط البيع فقط، الأكبر كان قطاع المشروبات والأطعمة عند 72.8 مليار يليه قطاع المطاعم والمقاهي عند 62.6 يليه قطاع الملابس والأحذية عند 38.1، وأخيرا قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية عند 14.7. جغرافيا ذكر التقرير أربع مدن فقط حسب عمليات بيع نقاط البيع: الرياض عند 147 مليارا وجدة عند 76 والدمام عند 25 ومكة عند 16.
قدم التقرير نافذة مهمة عن الإنفاق الاستهلاكي بما في ذلك جزء مهم من معادلة الطلب في الاقتصاد الوطني، ربما السبب الرئيس اعتماد الإنفاق على مستوى الرواتب العامة التي كانت مستقرة حتى نمو بسيط. خطوة متقدمة للتحليل مفيدة لكثير من ذوي العلاقة تحليليا وتجاريا وماليا. لعله يتوسع لاحقا في تفصيل أكثر عن الخدمات مقابل المصنوعات الوطنية والمستوردة
نقلا عن الاقتصادية
مقال ممتاز ....شكرا لكاتبنا على جهده التنويري في عرض وتحليل البيانات الاستهلاكية القطاعية .......لكن لو قارنا الارقام بين اخر سنة مرصودة واول سنة 2015-2021 نجد الفرق تقريبا 200 مليار ريال ...وهو يمثل مجموع حصيلة الضريبتين المضافة والانتقائية ....وايضا اضطرار العددين للانفاق المحلي في ظل جائحة كورونا ....وكما تفضلت التقرير لم يستعرض انفاق بطاقات الائتمان ......على العموم شكرا لكم . تحياتي
شكرا لك على الاهتمام و تداول الرأي.