تداولت مختلف وسائل الإعلام أخيرا تصريحا لمسؤول بوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الذي ذكر أن الوزارة وجدت أن أسعار العقار في الرياض بدأت تفوق القدرة الشرائية، وأن هناك أراضي بيضاء مساحتها أقل من المرحلة الأولى ما زالت موجودة لم يتم تطويرها بشكل كبير. ولمزيد من الإيضاح في هذا الشأن، فإن أسعار العقار فاقت القدرة الشرائية في أغلبية مناطق المملكة، وليس في مدينة الرياض فحسب، وهو ما سبق الكشف عنه في عديد من التقارير العقارية الأسبوعية في صحيفة «الاقتصادية»، خاصة خلال العامين الأخيرين 2020 ــ 2021 وفقا للبيانات المنتظمة الصدور عن وزارة العدل، وارتباط تلك الارتفاعات المتسارعة في أسعار الأراضي والعقارات بالزيادة غير المسبوقة في حجم القروض العقارية الممنوحة للأفراد خلال الفترة 2019 ــ 2021، التي ناهزت 396 مليار ريال، ولعبت دورا رئيسا في الدفع بالأسعار السوقية نحو الارتفاعات المتتالية طوال تلك الفترة، وتزامنت مع ضعف تأثير وفعالية الرسوم في الأراضي البيضاء، وهو ما يفسر نهاية التصريح المشار إليه أعلاه بقول مسؤول الوزارة "إن هناك أراضي بيضاء مساحتها أقل من المرحلة الأولى ما زالت موجودة لم يتم تطويرها بشكل كبير"، وأكده في الوقت ذاته تدني إجمالي ما تم إنفاقه من متحصلات الرسوم على الأراضي البيضاء على عديد من مشاريع الوزارة الإسكانية، بما لا يتجاوز 2.2 مليار ريال منذ بدء العمل بنظام الرسوم على الأراضي البيضاء حتى تاريخه.
وبالنظر إلى تأثير جميع ما تقدم ذكره أعلاه على جانبي العرض والطلب في السوق العقارية المحلية، سيتأكد أن جانب الطلب قد تم تحفيزه خلال الأعوام الثلاثة الماضية فقط بنحو 396 مليار ريال، وسيرتفع حجم ذلك التحفيز إلى نحو 454 مليار ريال خلال الفترة التي تتزامن مع فترة تنفيذ المرحلة الأولى من نظام الرسوم على الأراضي البيضاء حتى نهاية 2021. في المقابل، وحسبما تؤكده تصريحات وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان لم يتجاوز ما تم إنفاقه من متحصلات الرسوم على الأراضي للفترة نفسها سقف 2.2 مليار ريال، وهو الأمر المرتبط بتحفيز جانب العرض لضخ مزيد من الأراضي لمصلحة الانتفاع والتطوير والاستخدام، والعمل من ثم على تحقيق التوازن المنشود بين جانبي العرض والطلب، إلا أن كل ذلك لم يتحقق، كما تؤكده مستويات الأسعار السوقية للأراضي والعقارات، وفقا لبيانات وزارة العدل، وكما يؤكده التصريح الأخير للمسؤول في وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، وكما تؤكده المقارنة البسيطة بين حجمي التحفيز لجانبي العرض والطلب، التي أظهرت تفوق تحفيز الطلب "454 مليار ريال" بأكثر من 206 مرات مقارنة بتحفيز العرض "2.2 مليار ريال".
الأسئلة المطروحة في السياق، متى اكتشفت الوزارة هذه الارتفاعات في الأسعار وتجاوزها القدرة الشرائية؟ هل كان في وقت مبكر من التاريخ الراهن؟ أم أنه حدث أخيرا؟ وبماذا ستقوم به من سياسات وإجراءات لازمة للعمل على إصلاح هذا التفاوت الكبير بين القدرة الشرائية من جانب، ومن جانب آخر مستويات الأسعار المتضخمة لمختلف الأصول العقارية "أراض، عقارات"؟ وتأكيد أن مضمون الإجابة عن السؤال الأخير المتعلق بماذا ستقوم به الوزارة في مواجهة هذا الصدد، هو الجانب الأهم الذي ستعتمد عليه الأوضاع المستقبلية للسوق، وبناء عليه يمكن التعرف بدرجة أكبر على الاتجاهات المحتملة مستقبلا للأسعار. ففي حال لجأت الوزارة إلى خيارات البحث ــ رغم ندرتها خلال الفترة الراهنة ــ عن زيادة حجم الإقراض العقاري للأفراد، ظنا منها أنه سيقلص الفجوة الكبيرة بين القدرة الشرائية والأسعار السوقية، فهذا سيعني بالتأكيد مزيدا من اتساع تلك الفجوة، وسيعني أيضا مزيدا من ارتفاع وتضخم مستويات الأسعار السوقية لمختلف الأصول العقارية، وهذا سيقود إلى مزيد من التوغل في عمق التحديات الراهنة، وزيادة أكبر في تكلفة الحلول المستقبلية للخروج منها، عدا ما سيقود إليه هذا الخيار من ارتفاع أكبر لحجم الديون العقارية على كاهل الأفراد، وزيادة مخاطرها على القطاع التمويلي تحديدا، إضافة إلى الاستمرار في زيادة التحديات الاقتصادية، والتأكيد هنا على أنها النتائج التي لا يريد أي طرف من الأطراف أن تحدث بأي حال من الأحوال.
أما في حال لجأت الوزارة إلى الخيارات الأكثر جدوى، التي تستهدف خفض التضخم الراهن في الأسعار، والعودة بها إلى المستويات العادلة الملائمة للقدرة الشرائية، فإنه بالتأكيد سيكون الخيار الأمثل! ولكن كيف لها أن تعمل على تنفيذ هذا الخيار إلا بالعمل على تنفيذ عديد من الإجراءات، التي يأتي في مقدمتها: "1" معالجة ضعف آلية احتساب تكلفة الرسوم على الأراضي المشمولة بنظام الرسوم على الأراضي البيضاء، وأن تعتمد السعر السوقي للأرض بدلا من منهجية التقييم الراهنة البعيدة عن أسعار السوق، وهو ما سبق الحديث عنه طوال الأعوام الماضية، وأن اعتماد السعر السوقي للأرض "بحال كان ألف ريال للمتر المربع" كوعاء لاحتساب الرسم عليه، أفضل بكثير من تقييم متر الأرض نفسه بما لا يتجاوز 50 ريالا للمتر المربع، ويسهم في تحقق الفعالية اللازمة للنظام، ويحقق هدفها الرئيس. "2" الإسراع في تنفيذ بقية المراحل التنفيذية للنظام، وتوسيع نطاقها على مستوى جميع المناطق والمحافظات.
وبالتزامن مع ما تقدم، تقع على البنك المركزي السعودي مسؤولية العمل على تحقيق مزيد من ضبط القروض العقارية الممنوحة للأفراد، والعمل على ألا تتجاوز استقطاعاتها الشهرية من 35 إلى 40 في المائة بحد أقصى من الدخل الشهري للمقترض، وعلى أنها قد تكون خطوة متأخرة مقارنة بالأعداد الراهنة للمقترضين عقاريا، إلا أنها خطوة بالغة الأهمية يمكن الاعتماد عليها أيضا بإلزام المؤسسات الممولة، بالعمل على إعادة هيكلة القروض العقارية الراهنة للمقترضين السابقين وفقا لتلك المنهجية المقترحة هنا، التي ستسهم في خفض الضغوط المعيشية على الأفراد، وتسهم أيضا في خفض معدلات المخاطرة على المؤسسات الممولة. تعد هذه الإجراءات من أهم الحلول اللازمة خلال الفترة الراهنة، وسيمتد الحديث عنها في المقال القادم بمشيئة الله تعالى.
نقلا عن الاقتصادية
اعتقد ان هناك عدد من القائمين على الاسكان هم من كبار العقاريين وقد لايكونوا معروفين بهذه الصفة لذلك لن نأخذ منهم الا التصريحات فقط ولكن هناك منهم بالقطع مستفيدون مما يحدث وايضا بالقطع هم اشخاص او كيانات لهم القدرة فى التأثير على اسعار العقار باستحدام الانظمة سواء كانت انظمة اقراض او او انظمة تخطيط المدن او انظمة شروط البناء لذلك لاتتعب نفسك فانت كمن ينطح الجدار فلن يحدث الا مايصب فى مصلحتهم فقط فلن يتغير فى الامر شىء وسيظل تملك المواطن لمسكن هو مشكلة كبيرة الى ان يرث الله الارض ومن عليها وكل مايقال عن حلول لهذا الامر هو مجرد هراء
الله يصلح الأحوال أخي فواز، وبإذن الله تعالى نرى خروجاً من هذه الأزمة ومعالجة من الجذور لأي أسباب تقف ورائها وفقكم الله
كثير من الناس اخذوا القرار الخطا فيما يخص العقار السكني بسبب توقعات ومقالات هذا الكاتب
أكيد تكتب تعليقك هذا من مسكنك الذي تم بناءه في يومين :)
في نهاية الحكاية ما يصح الا الصحيح وان طال الزمن وإذا لم يرتفع متوسط الدخل للمواطنين فمصير اسعار العقار هو النزول مع العلم ان ما ذكره المسؤول عن القدرة الشرائية هي فعلياً ليست قدره شرائية حيث ان القدره الشرائية تفوق قدرة المواطن منذ زمن بعيد وانما حالياً اسعار العقار تفوق القدرة على الحصول على التمويل العقاري وهذا امر مختلف.
إضافةً إلى تعليقك الكريم أخي عبدالله، حتى القدرة على زيادة الاقتراض على الأفراد وصلت إلى نهاية طريقها (بلغ حجم إجمالي القروض الاستهلاكية والعقارية وبطاقات الائتمان بنهاية 2021 نحو 955 مليار ريال، بنمو سنوي +27.5%) وهو المسار الذي ساهم (تحديدا العقارية) في تسارع ارتفاع أسعار الأراضي والعقار، ومع تراجع معدلات نموه خلال الفترة الراهنة يكون النبع الذي غذّى التضخم عقاريا تلاشى تدريجيا، وهو أيضا الانعاش الأخير الذي استفاد منه سوق العقار، وبحال وصل الجميع إلى طريق مسدود أمام رفع الأجور + رفع القروض العقارية = سيكون المشهد عقاريا مختلفا جدا عما حققه خلال 2019-2021
اذا البنك بيخفض نسبة الاستقطاع من 60-65 % الى 35-40 % من الراتب يجب ان تخفض الاسعار المنازل والاراضي الى حدود 20-25% على الاقل من حدود اسعارها الحالية وبالرغم اني استبعد انخفاض اسعار العقارات بتلك النسبة الى اذا وجدت قوة قاهرة واتفق معك في آلية احتساب الرسوم الحاليةا المفروض من القيمة السوقية اذا المتر واصل 5000 ريال تحسب 2.5% منها بتطلع 100 ريال ولو استمرت كل سنة راح تنقص قيمة الارض السوقية فمضطر يبيعها بسرعة او يبنيها
إضافةً أخي الموقر إلى مضمون الرد على الأخ عبدالله أعلاه، سيجد البنك المركزي نفسه وتحته البنوك مضطرين جميعاً إلى إصلاح آلية منح القروض بعد ظهور واتساع حالات التعثر، وستمتد تلك الإصلاحات إلى إلزام البنوك بالتقيّد بنظام الرهن العقاري الذي تم القفز عليه من قبل الممولين بتوقيع العملاء على (سند أمر) لضمان قروضهم، وليصبح العقار المباع هو ضمان القرض، وهذا سيؤدي إلى زيادة تحوّط الممولين وخفض الإقراض إدراكاً منهم لحجم المخاطر، وللأسف أن كل هذا سيحدث بعد فوات جزء كبير من الوقت وبعد أن تحمّل المقترضين مخاطر عالية جداً..
للأسف ليس لك قبول في هذا الاتجاه بسبب تحذيراتك المستمرة عن تضخم العقار منذ عشر سنوات....!! والان وقد تضاعف العقار أكثر من خمس اضعاف منذ تحذيرك ذلك الوقت وفاتت الفرص على من طبقوا نظريتك وآمنوا بها فمن الطبيعي لن يكون لك القبول إلا لو هبط العقار بنفس النسبة للارتفاع أي ٨٠٪ من الاسعار الحالية....!!
مين قدّك وأنت ترد ومعصّب من مسكن بنيته في يومين :)
شكرا استاذ / عبدالحميد على مواصلة جهودك التنويرية للجموع بمخاطر ما يجري على مؤشرات الاقتصاد الكلي خصوصا معدلات التضخم والبطالة وتدنى الاموال التي تذهب للقطاعات الانتاجية بسبب وجود تجارة الاراضي والتي يعتاش منها السماسرة ولا تضيف شيئا للبلد البتة .....ننتظر منك الكثير خصوصا مقالاتك التي كالعادة تكون مليئة بالاحصاءات الدامغة والتي تظهر الدمار الذي حل بالقطاعات الانتاجية في البلد بسبب تضخم اسعار الاراضي ومن ثم العقارات ...يجب ان نحذو حذو الدول المتقدمة ونضع تكلفة لاقتناء الاراضي من اجل التشحيح ...ويجب وقف استعمال الاراضي كمخرن للقيمة وكذلك اداة للمضاربات التي تغذي الانشطة الاقتصادية الهدامة وتصرف الاموال عن الانتاج ...تحياتي
صبحك الله بكل خير أخي الوافي شاري راسي، وشكرا جزيلا لكل ما تفضلت به حفظكم الله. أؤكّد لكم وفقكم الله أن عديداً من الكتاب والمختصين وفقهم الله، كرّسوا جهودهم في اتجاه كل ما يعزز توجهات وتطلعات اقتصادنا الوطني نحو مواقع أعلى وأفضل على مستوى التنافسية والإنتاجية، والأجمل أنّها تلتقي مع كثيرٍ من جهود الأجهزة الحكومية الساعية إلى ترجمة جميع مستهدفات رؤية المملكة 2030 حتى قبل مواعيد استحقاقها، ومن أهم تلك المستهدفات التي التقت عندها كافة تلك الجهود؛ ما أشرت إليه بخصوص القضاء على تشوهات الاقتصاد الوطني، ومنها المضاربات المحمومة في مختلف الأسواق، وعلى رأسها وأخطرها المضاربة على الأراضي التي تشكّل العمود الفقري للقطاع المنتج والاستقرار المعيشي للأُسر (المجتمع)، وهذا مرهون خلال الفترة الراهنة بالتقدّم الجاري تحقيقه من فترة إلى أخرى، ويتزامن معه جهود الجهات البحثية والأكاديمية المستقلة عبر طروحات عديدة سواءً عبر المنتديات والمؤتمرات المتخصصة، أو عبر الطروحات الإعلامية المختلفة.. نسأل الله جميعاً سرعة تحقق تلك المستهدفات ورؤيتها واقعاً قريباً على أرض الواقع، وتفضل أخي الموقر بقبول وافر التحية والتقدير