قراءات في الأسواق المالية (8)

16/01/2022 0
عادل عبدالكريم

سنحاول في هذه السطور تقديم شروحات مبسطة عن المعاملات العاجلة حيث يراد بالمعاملات العاجلة في سوق الأوراق المالية: المعاملات التي يتم فيها تسليم الأوراق المالية المباعة، وتسليم ثمنها بعد تنفيذ العقد مباشرة، أو خلال مدة قصيرة، وفي هذا النوع من المعاملات يقوم مالك الأسهم - الراغب في البيع – بتسليم الأسهم إلى الوسيط إما عند إصدار الأمر، أي قبل تنفيذ الأمر وإبرام الصفقة، وهو ما تشترطه بعض أسواق الأسهم، وإما بعد تنفيذ الأمر وإبرام الصفقة، وفي كلا الحالين يتم عمل الترتيبات اللازمة من قبل إدارة السوق؛ لكي يقوم وسيط البائع بتسليم الأسهم المباعة إلى وسيط المشتري، ليقوم بدوره بتسليمها إلى المشتري.

بالإضافة إلى البيع المعتاد الذي يدفع فيه المشتري الثمن من ماله الموجود في ملكه، ويبيع فيه البائع الأسهم المملوكة له، يوجد في السوق المالية نوعان آخران لا يملك المشتري في أحدهما كامل الثمن عند الشراء، ولا يملك البائع الأسهم التي باعها عند البيع، ويسمى الأول منهما بالشراء بالهامش، ويسمى الثاني منهما بالبيع على المكشوف.

حيث أن الشراء بالهامش نوع من أنواع المعاملات العاجلة، يراد به: أن يقوم المستثمر بدفع جزء من ثمن الأسهم التي يريد شراءها من أمواله الخاصة، ودفع الجزء الباقي من أموال مقترضة، ويحصل المشتري على القرض إما من أحد المصارف، أو غيره من المؤسسات التمويلية، أو من أحد بيوت السمسرة، ويتم ذلك - في الحالة الأخيرة - عن طريق اتفاق خاص، يعقده المشتري مع أحد بيوت السمسرة، يقوم بيت السمسرة بمقتضاه بإقراضه جزءا من ثمن الأسهم التي يريد شراءها، على أن تسجل الأسهم المشتراة باسم بيت السمسرة، وليس باسم المشتري والغرض من ذلك أن يتمكن بيت السمسرة من اقتراض المبلغ من أحد المصارف، ورهن الأسهم لديه في مقابل ذلك، حيث إن بيت السمسرة يقوم – في العادة - باقتراض المبلغ الذي يريد إقراضه للمشتري من أحد المصارف بفائدة معينة، ثم يقوم بإقراضه إلى المشتري بفائدة أعلى. والمبلغ النقدي الذي يدفعه المستثمر من أمواله الخاصة يسمى الهامش، وهو نوعان: هامش مبدئي، وهو الحد الأدنى الذي يشترط أن يدفعه المشتري من ماله الخاص عند إرادة الشراء، ويحدد بنسبة معينة من ثمن الأسهم المشتراة، وهامش وقاية يتم دفعه بعد ذلك، عند اقتضاء الأمر؛ ولهذا أطلق عل هذا النوع من المعاملات (الشراء بالهامش).

ويشير الرأي الفقهي بأن لجواز هذه المعاملة يجب أن يخلو الشراء بالهامش من الربا، أي ان يكون القرض بلا فائدة، ويكون من غير السمسار، أو اذا كان التمويل بأسلوب المشاركة بين السمسار والراغب في الشراء، أو نحو ذلك، فيكون مباحا.

وأما النوع الثاني ويسمى البيع على المكشوف: (البيع القصير)، كما يسمى: (البيع بالعجز)، وتقوم فكرة هذا النوع من البيوع على بيع أوراق مالية مقترضة، يقوم البائع باقتراضها من السمسار الذي يتعامل معه، أو من غيره، وتسليمها للمشتري، على أن يقوم – فيما بعد - بشرائها من السوق، وتسليمها للمقرض، متى طلبها. ومن هنا فقد عرف البيع على المكشوف بأنه: (قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين "شركة السمسرة أو شخص آخر"، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد.

والهدف الأساس من البيع على المكشوف هو المضاربة على فروق الأسعار، من أجل تحقيق ربح في الأجل القصير، ولذلك فإنه لا يقدم عليه إلا من يتوقع انخفاض أسعار الأوراق المالية في المستقبل، بحيث يربح الفرق بين السعر المرتفع الذي باعها به في الحال، والسعر المنخفض الذي يشتريها به في المستقبل.

ويشير الرأي الفقهي حيال الجواز من عدمه، بأن هذا النوع من المعاملات غير جائز وذلك لعدم ملكية البائع للأسهم التي اقترضها؛ لبطلان عقد القرض الواقع عليها.

 

المراجع:

1- الأسواق المالية من منظور إسلامي، د. مبارك سيلمان ال فواز. جامعة الملك عبدالعزيز.

2- اتجاه معاصر في إدارة المنشآت والأسواق المالية، د. نادية أبو فخرة مكاوي. مكتبة النهضة العربية.

 

خاص_الفابيتا