كتب ألكسندر ديك ما لم تتبن الدول النامية منظور حوكمة الشركات corporate governance، فمن غير المرجح أن تسهم الخصخصة في تحسين الأداء والإنتاجية وتفعيل دور المساءلة. يتناول المقال مفهوم سلاسل الحوكمة governance chains التي يمكن أن تساعد مختصي الاستثمار لمراقبة المديرين التنفيذيين من خلال توفير المعلومات وآليات المساءلة. فحصت الدراسة تقديرات نحو 49 دولة للأهمية النسبية وقوة سلاسل الحوكمة الخاصة والرسمية، لاقتراح خطوات يمكن للحكومات اتباعها للتأكد من تحقيق أقصى استفادة من نشاط التخصيص في المستقبل.
التحول الذي تفرضه الخصخصة في الشكل القانوني لملكية المنشآت يضيف أعباء على المشاريع يجيب أن تتواءم معها، فيوفر أصحاب المصالح ومن أهمهم المستثمرون الموارد لمن يديرون تلك المشاريع الاستثمارية. كما أن الموردين والعاملين والممولين هم جميعا مستثمرون من نوع ما لأنهم يعهدون بمواردهم إلى أولئك الذين يتحكمون في المشروع. كمستثمرين في مشروع جماعي طويل العمر، ينتظر كل منهم العوائد الموعودة لهذه المساهمات. إن الوعد الذي يتلقاه المستثمرون مقابل مواردهم يتضمن شروطا خاصة وتفاهمات أوسع حول كيفية معالجة الحالات الطارئة في المستقبل. عدم اليقين يصاحب الوعود، وهذا يظهر مشكلة الوكالة Agency problem التي سبق أن تحدثنا عنها في المقالات.
نقل ملكية الشركات "الخصخصة" وحده لا يضمن تحسين الاستفادة من الموارد. لذا فإن على صانعي السياسات policy makers النظر في أكثر من قضايا المنافسة والتنظيم، واعتماد منظور حوكمة الشركات الذي يؤدي إلى عمليات خصخصة أكثر فاعلية مع مشكلات أقل. ويمكن اتخاذ عدد من الخطوات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار منها: إيجاد طريقة لتقييد أيدي الأطراف العامة والخاصة من خلال توفير المعلومات والمساءلة للمستثمرين. ولا بد من استخدام القوة الناعمة soft power لأن وضع مثل هذه الأفكار موضع التنفيذ أمر صعب، ويمكن أن يقابل بعملية مقاومة شرسة.
مفهوم سلاسل الحوكمة التي يمكن أن تقيد الإمساك بزمام الأمور وتوفر معايير بناء على استخدامها في الشركات القائمة، التي تقيس الفعالية المحتملة لسلاسل الحوكمة المختلفة. تشمل نوعين من السلاسل: سلسلة حوكمة خاصة يوجد فيها عدد قليل من المؤسسات وتوفر كل منها المعلومات والمساءلة، وسلسلة حوكمة رسمية، حيث يزيد التخصص في المعلومات والمساءلة من طول السلسلة والطلب للعمق المؤسسي.
يذكر البنك الدولي أن عمليات التخصيص واجهت الفشل بسبب ضعف الكفاءة في تقديم الخدمات، وعدم ربحية الشركات المملوكة للدولة، وارتفاع الدين العام، وركود معدلات النمو الاقتصادي. وقد ظهر مفهوم الخصخصة في عديد من الدول كأداة سياسية لتعزيز الكفاءة، وتشجيع الاستثمار، وتحرير الموارد العامة للاستثمار في البنية التحتية والبرامج الاجتماعية لتعزيز النمو الاقتصادي وعدالة التوزيع. لكن هذا الاعتقاد تعرض للنقد ومحاولة غرس فكرة أن الخصخصة تؤدي إلى إساءة استخدام قوة السوق وخسائر الرعاية الاجتماعية. إن تصور معظم الناس في الدول النامية هو أن الخصخصة عادة ما تعود بالفائدة على الأغنياء على حساب الفقراء في المجتمع. ويؤكد أدامز Samuel Adams في دراسة شملت 80 دولة نامية تمت فيها عمليات الخصخصة من 1991 إلى 2002. واستنتج أن الخصخصة ليس لها تأثير كبير في النمو الاقتصادي، لكن لها تأثيرات في توزيع الدخل. ومع ذلك، تشير النتائج من مكاسب الخصخصة وجود حوكمة good governance، تساعد على تعزيز النمو والحد من عدم المساواة في الدخل من أي سياسة اقتصادية.
نقلا عن الاقتصادية