أعلنت وزارة الداخلية صدور الموافقة الكريمة على تخفيف الإجراءات الاحترازية الصحية التي مثلت خطوة كبيرة نحو العودة للحياة الطبيعية؛ إذ سمح على سبيل المثال بعودة التجمعات بالطاقة الكاملة في الأماكن العامة كالمطاعم ودور السينما وأيضًا عدم الإلزام بارتداء الكمامة بالأماكن المفتوحة وأيضًا السماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في الحرمين الشريفين والعديد من الإجراءات التي تعد تخفيفًا واسعًا للإجراءات الاحترازية لكن مع ارتداء الكمامة بالأماكن المغلقة أو التي لا يمكن التأكد من سلامة الوضع فيها إضافة لشرط الحصول على جرعتين من اللقاح لدخول الأماكن العامة. ويوضح بيان الوزارة بالتفصيل بنود التخفيف والالتزامات كافة التي يطلب التقيد بها وذلك بعد أن شهد العالم أسوأ أزمة وبائية منذ قرن كامل أدت لأكبر إغلاق اقتصادي واجتماعي بالعالم دون استثناء لأي دولة حتى يتم احتواء انتشار الوباء الخطير.
وقد قامت المملكة بجهود جبارة في هذه الجائحة؛ إذ تم إدارة هذه الأزمة باقتدار على المستويات كافة مما وفّر حماية صحية للمجتمع؛ إذ كان عدد الإصابات من الأقل عالميًّا بنسبة وصلت إلى 1،5 بالمائة عند 547 ألف إصابة من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 34 مليون نسمة ونسبة التعافي من الأعلى عالميًّا التي وصلت إلى 97 بالمائة من إجمالي الإصابات بينما نسبة الوفيات من إجمالي الإصابات المسجلة رسميًّا وصلت إلى 1،5 بالمائة. وتعد المملكة من بين أفضل دول العالم تعاملاً مع أزمة كورونا بحسب العديد من المؤشرات التي أصدرتها وكالات عالمية فقد حمت الاقتصاد الوطني بمبادرات تخطت تكلفتها 220 مليار ريال واعتمدت ميزانية تنموية للعام الحالي عند 990 مليارًا كمصروفات لاستعادة النمو الاقتصادي وخصصت ميزانية إضافية لقطاع الصحة بقرابة 50 مليار ريال أما بقية الإجراءات فكانت ناجحة في تحقيق التباعد الاجتماعي بما فيها تجربة التعليم عن بعد لأكثر من 7 ملايين طالب بمختلف المستويات التي أصبحت تجربة دولية مشهودًا لها بالنجاح وعملت مع دول أوبك + التي تضم 22 دولة لأكبر منتجي النفط بالعالم لعودة التوازن للسوق ووصلت الأسعار إلى 85 دولارًا للبرميل ارتفاعًا من نحو 16 دولارًا لخام برنت من خلال قيادتها لهذا التحالف الذي حمى ليس فقط صناعة النفط بل الاقتصاد العالمي وبمبادرة منها دعت لها بعد الانهيار الحاد بالأسعار قبل نحو عام ونصف إضافة لدورها البارز في تنسيق وتنظيم جهود مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم عندما رأست قمة المجموعة في العام الماضي الذي شهد اندلاع أزمة كورونا التي نتج عنها نجاحات كبيرة بعودة نمو الاقتصاد العالمي لمستويات جيدة وتضافر الجهود والتعاون لدعم إنتاج اللقاحات التي تعد السلاح الرئيسي بمواجهة تفشي الفيروس.
هذا التخفيف للاحترازات سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني إذ سيرتفع مستوى التشغيل بقطاعات النقل والسياحة والترفيه وهذا بدوره سيعزز من رفع معدلات نمو الاقتصاد غير النفطي وعودة النشاط بنسب كبيرة لقطاعات التجزئة عمومًا مما سيشجع على ضخ الاستثمارات وسينعكس كذلك في زيادة نسب التوظيف تدريجيًّا إضافة لانعكاسات إيجابية على حركة بعض القطاعات المستفيدة بالسوق المالية وعودة زخم الاستثمارات لها وخصوصًا إذا استمرت وتيرة انخفاض عدد الإصابات التي باتت أقل من خمسين إصابة يوميًّا بمناطق المملكة كافة مع ارتفاع نسبة من حصلوا على اللقاحات لأكثر من 67 بالمائة من السكان وبنسبة 58 بالمائة حصلوا على جرعتين أي إن الوصول للمناعة المجتمعية عند نسبة 70 بالمائة لمن حصل على جرعتين بات قريبًا وهو ما يساهم أكثر بالعودة لما قبل الجائحة تمامًا لما تبقى من احترازات لكن الوصول لهذا الهدف يتطلب الالتزام الدقيق بالتعليمات والاحترازات المتبقية كافة وكذلك استكمال الحصول على اللقاح والوعي المجتمعي بأهمية ذلك الذي يظهر من خلال النسبة المرتفعة للحاصلين عليه وأن يتذكر كل فرد أن الجائحة لم يعلن تخفيض مستوى خطورتها عالميًّا حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.
العودة للحياة الطبيعية عالميًّا كان يقال إنها بعيدة وتحتاج لسنوات إلى أن طورت واعتمدت اللقاحات منذ نوفمبر العام الماضي 2020 واليوم تغير الحال ليصبح معاكسًا بحيث أصبحت العودة للوضع الطبيعي محليًّا قريبة جدًّا بفضل ما بذل من جهود لحكومة المملكة حققت معها أفضل النتائج قياسًا بأكثر دول العالم تقدمًا إلا أن استمرار تعاون المجتمع مع الجهات الرسمية والالتزام بالتعليمات سيساعد على إلغاء أي مخاطر بعودة ارتفاع الإصابات مع ضرورة أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم الانجراف للشائعات أو التفسيرات الخاطئة لأي تخفيف للإجراءات.
نقلا عن الجزيرة