السعودية ووادي السيليكون بمنطقة المينا

09/09/2021 2
طلعت بن زكي حافظ

أعلنت المملكة مؤخراً في حفل فعالية “Launch” عن حزمة من المبادرات والبرامج النوعية في مجالات ترتبط بالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومعالجة البيانات، بقيمة تصل إلى أربعة مليارات ريال سعودي، وبمشاركة عشرة من الشركات العملاقة الرائدة في مجال التقنية المتطورة على مستوى العالم، من بينها؛ غوغل، أوراكل، ومايكروسوفت وغيرهم.

ويُعول على هذا التظاهرة التقنية والتكنولوجية المتقدمة أن تعزز من القدرات الوطنية في مجال التقنيات الرقمية وصولاً لتحقيق الهدف السامي والنبيل، بأن يكون لدى المملكة مبرمج من كل 100 سعودي بحلول العام 2030. كما وتَهدف المبادرات أيضاً إلى التشجيع على الابتكار والإبداع وتحقيق الريادة العالمية.

وما سيدعم من تعزيز القدرات الوطنية في مجال التقنيات الرقمية، إطلاق برامج ومراكز تدريبية تخصصية بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة في مجال التدريب التقني والابتكار، مثل شركة آي بي إم، وأبل، وسيسكو، وأمازون وغيرهم.

وتُعد هذه المبادرات والبرامج في مجال تكنولوجيا المعلومات والابتكار الأكبر على مستوى منطقة المينا التي تضم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبذلك يُعول عليها أن تَجعل من المملكة مركزا تقنيا إقليميا ضخما لأهم الرياديين والمبتكرين والمبرمجين من المنطقة والعالم، سيما أنه يتوقع لها أن تؤسس لـ400 شركة ناشئة متخصصة في مجالات معالجة البيانات والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة بشكل كبير، وباستثمارات تقدر بنحو 83 مليار ريال سعودي بحلول العام 2030.

ويتوقع المراقبون والمتابعون لهذه الجهود ولتلك المبادرات والبرامج أن تصبح المملكة محور ارتكاز للتقنيات الحديثة والمتطورة في مجال البرمجيات المتقدمة، بما في ذلك في مجال الاختراع والابتـكار، بحيث تصبح المملكة أشبــــه ما يكون بوادي السيليكون "Silicon Valley" المتواجد بولاية سان فرانسيسكو الأمريكية، الذي اشتهر بوجود عدد كبير جداً من مطوري ومنتجي الشرائح والرقاقات السيليكونية، بالإضافة إلى أنه موطن للاختراعات والابتكارات الجديدة في مجال التكنولوجيا المتطورة.

ويتوقع أن إطلاق تلك البرامج والمبادرات، ستساعد على نمو الاقتصاد الرقمي واقتصاد الفضاء في المملكة، سيما أن هذا هو توجه العالم خلال السنوات القادمة، حيث يشكل الاقتصاد الرقمي في العالم نحو ربع حجم الاقتصاد العالمي بقيمة تصل إلى 23 تريليون دولار، في حين يتوقع أن تتجاوز قيمة اقتصاد الفضاء تريليون دولار خلال العام 2040.

وتتويجاً للمبادرات الجادة في مجال تقنية وتكنولوجيا المعلومات في المملكة خلال الفترة الماضية، كشف المهندس عبدالله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عن تصنيع المملكة لأول رقائق ذكية داخل المملكة بسواعد وعقول وطنية، والتي ستستخدم في تطبيقات عسكرية وتجارية ومدنية وتمتلك لقوة معالجيه تفوق ستين ألف ضعف التي استخدامها الإنسان في رحلته للقمر.

وبهدف دعم وتعزيز قدرات الشباب والشابات من المواطنين والمواطنات المرتبطة بمجلات البرمجة الحديثة والمتطورة، وبالذات المتقدمة منها المتعلقة بالبيانات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وغيرها، تم إطلاق ثلاث مبادرات رئيسة وهي: طويق، وهمة، وقمة بالإضافة إلى أكاديمية "سادايا"، والتي ستعمل جميعها على الرفع من القدرات الرقمية للمواطنين والمواطنات في مجالات البرمجة، وتعزيز الثقة بين الشركات التقنية والجهات التمويلية، بما في ذلك التشجيع على الابتكار والإبداع من خلال التجمعات والمنصات المركزية. فعلى سبيل المثال، تستهدف أكاديمة سادايا بالشراكة مع مبادرة "طويق"، تأهيل 25 ألف مختص وخبير في البيانات والذكاء الاصطناعي قبل حلول العام 2030، منها 5000 وظيفة عليا على مستوى خبير الذين سيتم ابتعاثهم للخارج للحصول على شهادات عليا (ماجستير ودكتوراة).

جدير بالذكر أن مبادرة "طويق" ستركز على أن يصبح لدى المملكة مبرمج من كل 100 مواطن سعودي بحلول العام 2030 في مجالات الأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، في حين ستركز مبادرة "همة"، على تحقيق الريادة العالمية للمملكة في صناعة التقنية، من خلال دعم سوق التقنية بأكثر من 20 منتجاً بما في ذلك دعم الرياديين في المراحل الأولى والمراحل المتقدمة بميزانية مرصودة خصصت لهذه الأغراض تقدر بـمبلغ 2.5 مليار ريال، وأخيراً ستركز مبادرة "قمة" على تشجيع الابتكار والإبداع من خلال التجمعات والمنصات المركزية التي تدعم الجوانب التقنية والرقمية.

برأيي دون أدنى شك إن مثل هذه البرامج وتلك المبادرات التقنية والتكنولوجية المتقدمة يكتنفها العديد من الصعوبات والتحديات، وبالذات فيما يتعلق بتوفير الكوادر البشرية المؤهلة لإدارتها، سيما أن الزمن المستهدف لتحقيق الأهداف الرئيسة لتلك المبادرات ليس بذلك البعيد قياساً بعمر الزمن. ولكن رغم ذلك بالعزيمة والإصرار وتكاتف الجهود سنصل بإذن الله إلى المبتغى والمقصود، وبالذات لو وضعنا أمام نصب أعيننا المقولة الشهيرة للأمير محمد بن سلمان "همة السعوديين مثل جبل طويق، ولن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل وتساوى بالأرض".

 

نقلا عن الرياض