لمنظومة الحماية الاجتماعية دور بارز في المجتمع تتحقق من خلالها أهداف عديدة للوصول لحياة كريمة لكافة المحتاجين لبرامج الدعم التي تندرج تحت هذه المنظومة، والمملكة رائدة في هذه البرامج وينفق من خلالها عشرات المليارات على شكل إعانات مباشرة وغير مباشرة، ولعل الضمان الاجتماعي من أكبر برامج الحماية الاجتماعية يُضاف لها حساب المواطن وغيرها الكثير من البرامج، بل إن برامج التقاعد هي من أهم ركائز الحماية الاجتماعية لكن حتى تكتمل هذه المنظومة لا بد من وضع برامج يبادر لها أهل المهن من تخصصات طبية وهندسية ومالية وقانونية والكوادر التعليمية وصناعيين ومختصين بأعمال فنية بقطاعات التشغيل والصيانة ومحترفي الألعاب الرياضية.
فبين فترة وأخرى تخرج تقارير إعلامية عن لاعب كرة قدم سابق أو بأي لعبة أخرى إما يعاني من ظروف مالية أو صحية صعبة أو يتوفى وهو مثقل بالديون رغم أنه كانت لهم مشاركات مهمة مثَّلوا فيها أنديتهم أو المنتخبات بمناسبات عديدة، فاللاعبون أعمارهم في الملاعب قصيرة ويعتزلون عادة في مرحلة الشباب وبأعمار تتراوح حول 35 عاماً ولا يكون له وظيفة ثابتة أو دخل مستدام، وبطبيعة الحال لا يمكن بهذا العمر المهني القصير والمتذبذب المحكوم بالتنقلات وطبيعة الاحتراف الرياضي أن يتم تسجيلهم في التأمينات الاجتماعية، فعالم الاحتراف الرياضي يصعب فيه التعامل مع المحترفين كموظفين، والأمر ذاته ينطبق على أي مهنة ينطبق على المنتسبين لها ما يواجهه الرياضيون خصوصاً من يعملون لحسابهم الخاص وحتى من هم موظفون قد يتعرّضون لظروف يحتاجون فيها لدعم يغطي احتياجهم أو جزءاً منه ومع تطور أنظمة التنمية الاجتماعية فإن التوجه لتأسيس لإنشاء صناديق ادخارية للمهنيين والرياضيين سيكون له دور داعم في تغطية احتياجهم عندما تواجههم أي ظروف تتطلب دعماً، بل وحتى يمكن أن يمثّل ادخارهم داعماً لحصولهم على راتب تقاعدي وفق ضوابط مهينة كمبلغ مقطوع وبشروط معينة، إضافة لتقديم دعم بسقف محدد وفق ظروف الحالة لأي منسوب يشترك بهذه الصناديق ويفضّل أن يكون الاشتراك إلزامياً.
فمثل هذه الصناديق ستكون داعماً لأصحاب المهن ومحترفي الألعاب الرياضية مع ما تقدّمه الدولة من دعم لبرامج الحماية الاجتماعية الأخرى، فعندما يبدأ اشتراك لهذه الصناديق ويستمر لفترة محددة تكون هي الحد الأدنى عندها يمكنه الحصول على الدعم عندما تكون حالته تستدعي ذلك، مع وضع سياسات وحوكمة تضبط أداء هذه الصناديق وتكون بإشراف من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وأيضاً الجهة التي يتبع لها المهنيون والمحترفون أي من ترخص لهم مزاولة أنشطتهم فإن مثل هذا التوجه بأي صبغة مناسبة يمكن تطبيقها التوسع من دائرة الحماية الاجتماعية وتغطي حالات عديدة تكون أحياناً معقدة بحيث تتطلب دعماً كبيراً، وهناك تجارب عالمية كثيرة لمثل هذه المبادرات، بل إن بعضها يقدِّم مشاريع سكنية لمنسوبي هذه المهن، أي أن ما يمكن عمله من هذه الصناديق يمثِّل داعماً كبيراً لأهل المهن والاحتراف ويوسع من الإقبال على هذه الأعمال.
كلما زادت دائرة تغطية الحماية الاجتماعية ومزايا تخدم المهن فإن التوجه لها يرتفع، فمهما بلغ حجم البرامج التي تقدّم من الدولة يبقى هناك حاجة أيضاً لدور ادخاري يقوم بت المهنيون والمحترفون، فرفع نسبة الادخار إلى 10 بالمائة من دخل الأفراد يعد من أهداف رؤية 2030 وهو ما يتطلب تنوعاً بالمنتجات الادخارية ومشاركة من جميع المستفيدين.
نقلا عن الجزيرة