خطة لزيادة عدد الشركات المدرجة إلى 270 شركة

06/06/2021 0
د. فهد الحويماني

هناك توجه لدى هيئة السوق المالية لزيادة عدد الشركات المدرجة بنهاية عام 2023 إلى 270 شركة، أي بزيادة من 20 إلى 25 شركة سنويا، وبفارق كبير عن المتوسط السنوي خلال الـ20 عاما الماضية البالغ نحو ست شركات. ورد هذا التوجه في الخطة الاستراتيجية للهيئة للأعوام 2021 إلى 2023، التي تم إعلانها هذا الأسبوع.

ما الحاجة إلى زيادة عدد الشركات المدرجة؟ وما مدى إمكانية تحقيق ذلك؟

في عام 2000 كانت لدينا 75 شركة مدرجة، وارتفع هذا العدد إلى 192 شركة حاليا، منها 186 شركة في السوق الرئيسة وست شركات في السوق الموازية. من باب المقارنة، وبحسب البيانات الظاهرة في المواقع الإلكترونية لبعض البورصات، يوجد نحو 70 شركة في سوق أبو ظبي للأوراق المالية، ونحو 60 شركة في سوق دبي المالي، وفي بورصة الكويت هناك 165 شركة، وفي مصر 221 شركة، والأردن 100 شركة.

لمعرفة الهدف من زيادة عدد الشركات المدرجة، نتذكر أن الهدف الرئيس من وجود أي سوق مالية هو، أنها وسيلة لتمويل الشركات من خلال جزئية الإصدار وإلى كونها وسيلة مرنة وسريعة لتبادل حصص الملكية بين الملاك. وعلى الرغم من أن الشركات عموما لديها وسائل أخرى للتمويل بالطرق التقليدية، من خلال البنوك أو من موارد داخلية أو من خلال العلاقات الخاصة، إلا أن الأسواق المالية تتيح لهذه الشركات فرصة كبيرة للحصول على التمويل بطرق منظمة وسريعة ومن مصادر عديدة. أما بالنسبة إلى المستثمرين، كأفراد ومؤسسات، فزيادة الإدراج ترفع من فرص الاستثمار وتنوعها وتعزز من كون السوق المالية وسيلة بديلة للوسائل التقليدية الأخرى ومكملة لها.

لذا، فإن إدراج شركات جديدة يعني ضخ السيولة في شرايين شركات متعطشة إلى الحصول على السيولة اللازمة لنموها وتطورها واستمرارها في العمل، وهذا يحقق فوائد اقتصادية للبلاد، كخفض البطالة وزيادة الناتج الاقتصادي. هذه بالطبع، النتيجة الحقيقية والمثالية للإدراج، غير أن هناك أحيانا أسبابا أخرى شخصية تتمثل في كون السوق المالية تعد وسيلة جيدة كذلك لتخارج ملاك الشركات من بعض أسهمهم، ولي وجهة نظر شخصية في هذه الجزئية ألخصها على عجالة فيما يلي.

من شروط الإدراج في السوق المالية طرح الأسهم للجمهور بنسبة لا تقل عن 30 في المائة من إجمالي الأسهم، وفي السوق الموازية طرح ما لا يقل عن 20 في المائة من الأسهم، وصحيح أنه أمر طبيعي أن يتخلى بعض الملاك عن أسهمهم في هذه الشركات مقابل أموال تذهب إليهم شخصيا، إلا أن هذا الشرط بمنزلة دعوة إلى التخارج بنسبة 30 في المائة أو أكثر، بينما الأفضل أن يكون هناك حد أعلى لنسبة التخارج من الحصة المطروحة للجمهور. السبب لضرورة الحد من نسبة التخارج هو، أن هناك فرقا بين حصول الشركة على المال وبين حصول الملاك على المال، وكما ذكرنا، فإن الهدف الرئيس من السوق المالية هو، تمويل الشركات للتوسع والنمو والاستمرارية، وليس لبيع حصص الملاك وقت الطرح. ليس المقصود هنا منع عمليات التخارج وقت الإدراج، بل وضع حد أعلى لما يمكن التخارج به، وليكن مثلا 10 في المائة من إجمالي عدد أسهم الشركة، لكي يتم توجيه التمويل لمصلحة الشركة في المقام الأول، ولجعل السوق المالية أكثر جاذبية لسيولة المستثمرين.

بالعودة إلى الخطة الاستراتيجية للهيئة، يتضح أن هناك توجها لزيادة الإدراج ليصل إلى 270 شركة، فهل هذا ممكن؟

نعم، هذا ممكن لعدة أسباب، منها أن الهيئة تتطلع إلى مضاعفة الأموال المستثمرة في السوق المالية إلى أن يصبح حجم الأصول المدارة 800 مليار ريال، وهذا يشمل جميع القنوات المتاحة من محافظ خاصة وصناديق استثمارية وصناديق تحوط وملكية خاصة ورأسمال جريء وغيرها، وهذا من شأنه أن يشجع على دخول الشركات السوق المالية، بما في ذلك الشركات المملوكة للحكومة.

السبب الآخر لإمكانية الإدراج أن الهيئة تستهدف كذلك الشركات الأجنبية لطرح أسهمها في السوق السعودية بشكل مباشر أو من خلال ما يعرف بشهادات الإيداع، وهي عملية إدراج أسهم أجنبية في سوق محلية بحسب شروط وضوابط معينة تقوم الهيئة على دراستها وتنظيمها حاليا. كذلك هناك توجه سابق، لم يرد نصا في الخطة الحالية، وهو ما يعرف بالإدراج المزدوج، بحيث يمكن لشركات أخرى مدرجة في بورصات خليجية وعربية وعالمية أن تدرج أسهمها كذلك في السوق السعودية مع بقائها مدرجة في بورصاتها. كذلك سيتم دعم هذه الجهود من خلال التعامل مع مراكز الإيداع العالمية، التي من خلالها يمكن تسوية العمليات المالية التي تتم بين أطراف متباعدة وغير مرتبطة ببعض بشكل مباشر.

بقي الإشارة إلى أن رؤية الخطة الاستراتيجية للهيئة هي أن تصبح السوق المالية السعودية السوق الرئيسة في الشرق الأوسط ومن أهم عشر أسواق في العالم، ويتم ذلك من خلال أربعة محاور رئيسة، هي تسهيل التمويل وتحفيز الاستثمار وتعزيز الثقة وبناء القدرات. وفي كل واحد من هذه المحاور هناك عدد من الأهداف الاستراتيجية التي ستنفذ على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة لتحقيق تلك “الرؤية”.

 

نقلا عن الاقتصادية