قطاع السياحة السعودي.. نقلة نوعية وفرص واعدة

31/05/2021 0
أيمن مؤمن

يشهد قطاع السياحة والسفر في السعودية حالياً عصراً جديداً من التغيير والتنمية، ما يجعله على أعتاب نقلة نوعية، في ظل رؤية المملكة 2030، التى تبني آمالاً عريضة على هذا القطاع الحيوي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، من خلال تحويل المملكة إلى وجهة سياحية عالمية جنباً إلى جنب مع السياحة الدينية.

وتستعد المملكة لاستقبال 100 مليون سائح في عام 2030، بسلسلة من الإصلاحات الاجتماعية والثقافية، وسن حزمة من الأنظمة والقوانين، ومقومات سياحية متميزة تتضمن الموقع الجغرافي، والشواطئ الممتدة على البحر الأحمر و الخليج العربي، والجزر البكر، والمناظر الخلابة، وهطول الأمطار والضباب، والجبال المكسية بالثلوج، والمواقع التراثية، ورحلات الحج والعمرة على مدار العام والتي تعتبر الأهم في هذا القطاع، فضلا عن المشروعات السياحية العملاقة التي يجري إنشائها مثل "نيوم" و"أمالا" و"العلا" و"القديّة" و"البحر الأحمر" و"بوابة الدرعية" وغيرها من مشاريع البنية التحتية السياحية.

وتهدف المملكة إلى رفع الناتج المحلي للقطاع السياحي إلى 5.3 % في عام 2022 ونحو 10% في عام 2030، وأن يصل عدد الزيارات في الداخل إلى 32.5 مليون في عام 2022 ونحو 43 مليوناً في عام 2030، وعدد الزيارات الخارجية 29.5 مليون في عام 2022 ونحو 55 مليوناً في عام 2030.


خلق فرص العمل

يُعتبر قطاع السياحة من أكثر القطاعات توطيناً، وتسعى السعودية إلى توليد 1.6 مليون وظيفة للمواطنين في هذا القطاع بحلول عام 2030، وتوفير 100 ألف فرصة عمل خلال العام الجاري، حيث أضاف القطاع 34 ألف وظيفة جديدة خلال الربع الأول 2021، فيما يبلغ عدد السعوديين العاملين في القطاع حاليا نحو 189 ألفا يمثلون ما نسبته 26% من إجمالي الموظفين البالغ عددهم 726 ألف موظف.


أهم الخطوات 

بخُطى سريعة يمضي القطاع السياحي بالمملكة نحو النهوض في ظل خطوات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية، والتي تضمنت إطلاق إستراتيجية لتطوير رأس المال البشري، وإصدار التأشيرة السياحية، التي تسمح لمواطني 49 دولة دخول السعودية دون تأشيرة مسبقة، بقيمة 440 ريالاً، ويستغرق استخراجها من 5 إلى 30 دقيقة، وتتيح لحاملها الإقامة في المملكة لمدة 90 يوماً خلال السنة الواحدة.

منذ إطلاق التأشيرة السياحية في سبتمبر 2019 وحتى مارس 2020، صدر أكثر من 440 ألف تأشيرة لسائحين من بريطانيا وأمريكا وألمانيا وفرنسا والصين وكندا وجنسيات أخرى، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث علقت المملكة العمل بالتأشيرات السياحية ضمن الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها لمنع انتشار فيروس "كورونا".

ومن أهم الخطوات أيضاً تحويل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى وزارة السياحة، وتأسيس 100 شركة سياحية، وتوقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع شركات استثمارية محلية وعالمية في قطاع السياحة؛ بقيمة إجمالية حوالي 100 مليار ريال، فضلاً عن إنشاء صندوق التنمية السياحي، برأس مال 15 مليار ريال، لتحفيز المستثمرين والمطورين العقاريين المحليين والدوليين لإنشاء مشاريع ومنتجعات سياحية متعددة الاستخدامات، كما وقع الصندوق اتفاقيات تفاهم مع البنوك المحلية لتمويل المشاريع السياحية بما لا يقل عن 150 مليار ريال. وقام الصندوق بالتعاون مع البنوك الإستثمارية بإنشاء صناديق للإستثمار في القطاعات السياحية المختلفة.


الحج والعمرة 

تُعد مواسم الحج والعمرة من أكبر التجمعات البشرية في العالم، ما يجعلها من الروافد الحيوية المهمة للاقتصاد السعودي، حيث تتجاوز إيراداتها 40 مليار ريال سنوياً، وفق تقديرات غير رسمية، ومن المتوقع أن تتجاوز هذه الإيرادات 50 مليار ريال سنوياً مع تحقيق أهداف رؤية المملكة باستقبال 30 مليون معتمر بحلول عام 2030، ولكن تراجع عدد المعتمرين خلال عام 1441هـ بنسبة 70% إلى نحو 5.82 مليون معتمر، واقتصر موسم الحج العام الماضي 1441هـ على أعداد محدودة جداً بلغت نحو 10آلاف حاج من داخل المملكة، بسبب جائحة "كورونا". 
 

 
 السياحة المحلية

يبدو أن خطة السعودية في الإبقاء على جزء كبير من إجمالي إنفاق السعوديين على السفر والتسوق في الخارج على المستوى المحلي، بدأت تؤتي ثمارها، حيث يشهد السفر المحلي ارتفاعاً ملحوظاً بالتزامن مع جائحة "كورونا"، من خلال الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، وتفعيل قطاع السينما، وإطلاق حملات ترويجية للمواقع السياحية على مسار البحر الأحمر، وتطوير منصة "روح السعودية" وحملة موسم صيف السعودية "تنفس" وحملة "الشتاء حولك". وكان إنفاق السياحة المحلية قد صعد بنسبة 10% إلى 53 مليار ريال خلال العام 2019 مقابل 48 مليار ريال في عام 2018.  


أبرز القطاعات المستفيدة

قطاع السياحة واسع ومتشعب، ويعتبر المحرك الأساسي لعدة قطاعات أخرى منها على سبيل الذكر قطاع الأسمنت وقطاع الأغذية والقطاع العقاري، وقطاع الطيران، الذي يُعد من أكبر القطاعات المستفيدة منه، نظراً لتوسعة وتطوير البنية التحتية للعديد من المطارات وإنشاء مطارات جديدة، لاستيعاب الزيادة في عدد المسافرين والرحلات.

كما يٌعد أيضاً قطاع الإيواء السياحي، من أبرز القطاعات المستفيدة، حيث يتطلب تحقيق هدف المملكة جذب 100 مليون زائر سنوياً بنهاية 2030، زيادة كبيرة في أعداد الغرف الفندقية. وتسعى المملكة بالتعاون مع المستثمرين من الداخل والخارج والصناديق الاستثمارية المحلية ومن بينها صندوق التنمية السياحي إلى بناء 500 ألف غرفة فندقية في جميع أنحاء المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما بلغ عدد الفنادق في المملكة بنهاية عام 2019 أكثر من 2600 فندق بنسبة ارتفاع بلغت أكثر من 11 % مقارنة بعام 2018. 

الفرص والمحفزات والتحديات

لا شك أن القطاع السياحي يمر بمرحلة ذهبية الآن، وتتلاشى أمامه معظم التحديات والصعوبات، وتكتمل فيه العناصر الأساسية التي تجعله قطاعاً قوياً زاخراً بالفرص الاستثمارية الواعدة على المدى البعيد، في ظل المشاريع الحكومية العملاقة التي يجري تنفيذها، وتوجه الدولة لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في عملية التنمية، خاصةً بعد انتهاء جائحة "كورونا" وعودة الأوضاع لطبيعتها إن شاء الله.

ومن المحفزات للقطاع على المدى القصير والمتوسط، بدء تخفيف قيود السفر، واستئناف دخول السياح الأجانب قريباً، وارتفاع الطلب على السياحة الداخلية، وعودة الفعاليات الترفيهية، وتوسع المملكة في تقديم اللقاحات والذي اقترب من 14 مليون جرعة حتى الآن، وعودة العمرة، وإقامة الحج، فضلاً عن افتتاح بعض المشاريع الحكومية والخاصة خلال الفترة المقبلة.

كان القطاع السياحي في المملكة كغيرها من دول العالم، أكثر القطاعات المتضررة من جائحة "كورونا"، لذلك فإن حالة عدم اليقين حول القضاء التام على فيروس "كورونا" وانتهاء هذا الكابوس العالمي، أو ارتفاع منحنيات الإصابة والوفيات إلى مستويات تؤدي إلى فرض غلق شامل للاقتصاد، أو ظهور فيروسات مشابهة -لا قدر الله- سيكون التحدي الأكبر أمام انتعاش هذا القطاع الواعد. 

  

خاص_الفابيتا