أقرت هيئة السوق المالية القواعد المنظمة للبيع على المكشوف، وكذلك أقرت لائحة إقراض الأوراق المالية المدرجة، وأعلنت أنه سيبدأ العمل بهذه القواعد واللائحة من 25 آذار (مارس) 2021. هذا يعني أنه بدأت السوق المالية بالتعامل بهذه الآلية، وأنه من الممكن أن يتم اقتراض الأسهم وبيعها على المكشوف، وكذلك تغطية المراكز المكشوفة، من خلال شراء الأسهم التي تم بيعها على المكشوف وإعادة الأسهم المقترضة إلى أصحابها.
تجدر الإشارة أولا إلى أن البيع على المكشوف ليس فقط للمضاربة بهدف تحقيق ربح من هبوط الأسعار، لكنه ضروري جدا لعمل صانع السوق، الذي بحكم طبيعة عمله لا بد أن يقوم ببيع بعض الأسهم حتى إن لم يكن يملكها. كذلك هناك حاجة ماسة لدى صناديق المؤشرات لمزاولة البيع على المكشوف لإعادة التوازن للصندوق ومنع انحراف سعره عن السعر العادل، إلى جانب أنه يستخدم من قبل كبار المتعاملين في عمليات المراجحة "آربيتراج" بين سعر الصندوق وأسعار مكوناته. وكذلك الشيء نفسه يحدث في العقود المستقبلية، حيث يستخدم البيع على المكشوف لإعادة أسعار العقود إلى أسعارها العادلة.
للتمكن من البيع على المكشوف، يجب أولا اقتراض الأسهم من مركز الإيداع، وهو المركز المعني بحفظ جميع الأوراق المالية وتسجيلها بأسماء أصحابها، وغير ذلك من عمليات ضرورية لجعل السوق المالية تعمل بشكل دقيق وصحيح. لكن المتداول العادي لا يمكنه اقتراض الأسهم مباشرة من مركز الإيداع، بل يقوم الوسيط بذلك بدلا عنه، بعد أن يكون لدى الشخص حساب لدى الوسيط يسمح له القيام بذلك. غالبا يحتاج العميل إلى حساب الهامش، وهو حساب مخصص للبيع على المكشوف، الهدف منه أن يكون هناك ضمانات كافية لدى العميل ليستطيع البيع على المكشوف.
ما نوع هذه الضمانات؟ الضمان المطلوب من العميل عادة يكون مبلغا نقديا يكفي لتغطية فرق السعر فيما لو ارتفع سعر السهم الذي تم بيعه على المكشوف، وبالنسبة إلى الوسيط، فإنه يحتاج إلى تقديم ضمانات لمركز الإيداع بشكل نقدي أو على هيئة أوراق مالية يقبلها المركز. لنفرض أن عميلا باع ألف سهم على المكشوف بسعر 100 ريال، فأصبح على الفور لديه في حسابه 100 ألف ريال عبارة عن متحصلات البيع. هدف العميل بالطبع هو، أن يعود إلى شراء الأسهم بسعر أقل من 100 ريال لاحقا، وبذلك يكسب من فارق السعر. المشكلة تأتي بسبب ضرورة التأكد من أن لدى العميل مبلغا كافيا لإعادة شراء الأسهم لاحقا، إما نتيجة طلب مباشر من مركز الإيداع لإعادة الأسهم التي تم اقتراضها إلى مالكها الأصلي، وإما لمجرد حماية العميل من الدخول في مخاطر عالية. فمثلا، لو أن سعر السهم ارتفع إلى 120 ريالا، ففي هذه الحالة يكون لدى العميل خسارة ورقية بمقدار 20 ألف ريال، بينما المبلغ الذي لديه فقط 100 ألف ريال، وهذا لا يكفي لشراء ألف سهم كما ينبغي. لذا، قد يشترط الوسيط من البداية أن يكون هناك مبلغ نقدي يعادل 25 في المائة من قيمة العملية، وبعد ذلك قد يحتاج العميل إلى إيداع مبلغ إضافي أو تقديم ضمانات مناسبة ليبقى الحساب في وضع آمن، فيما لو ارتفع سعر السهم.
اقتراض الأسهم من قبل الوسيط يمتد إلى عام كامل، لكن من الممكن - وهو نادر الحدوث - أن يطلب مركز الإيداع من الوسيط في أي وقت إعادة الأسهم التي تم اقتراضها، وبالتالي سيقوم الوسيط بتوجيه العميل لإعادة شراء الأسهم من السوق خلال فترة قصيرة. لم أجد في التنظيم ذكر المدة المتاحة لإعادة شراء الأسهم، لكن المدة غالبا تكون خلال يوم أو يومين بالكثير.
هيئة السوق المالية قامت بعمل عدد من الضوابط المهمة التي تساعد على الاستفادة من البيع على المكشوف دون زعزعة للسوق المالية واستقرارها، ومن أهم هذه الضوابط أنه لا يسمح بالبيع على المكشوف لأسهم أي شركة لديها أسهم مكشوفة تتجاوز 10 في المائة من عدد الأسهم الحرة للشركة. هذا يعني حتى لو أرادت مجموعة من المضاربين الإطاحة بسهم ما، فلن يستطيعوا بيع أكثر من 10 في المائة من أسهم الشركة، وهذه كمية قليلة من الصعب أن يكون لها تأثير سلبي كبير في سعر السهم.
هناك شرط آخر كذلك ممكن أن يجعل عدد الأسهم المبيعة على المكشوف أقل بكثير من 10 في المائة من الأسهم الحرة، وهو شرط ألا يتجاوز عدد الأسهم المكشوفة عشرة أضعاف متوسط كمية التداول اليومية، التي تقاس بمتوسط كمية التداول لآخر 60 يوما. مثلا، لو أن شركة متوسط كمية التداول اليومية لأسهمها مليوني سهم، فلا يمكن فتح مراكز بيع على المكشوف لأكثر من 20 مليون سهم، بغض النظر عن عدد الأسهم الحرة.
تنظيم آخر مفيد، وهو أنه لا يمكن تنفيذ عملية البيع على المكشوف على أفضل سعر للطلب، كما يحدث في البيع العادي، بل يجب أن يكون سعر التنفيذ أعلى من أفضل سعر للطلب. بمعنى، لو أن أفضل طلب حاليا 20 ريالا، فلا يمكن تنفيذ بيع على المكشوف بسعر 20 ريالا، ويجب أن يكون بسعر أعلى من 20 ريالا، والهدف من ذلك ألا ينتج عن البيع على المكشوف هبوط متتال للسعر.
نقطة أخيرة يساء فهمها أحيانا، وهي مقولة إن من يبيع على المكشوف عليه دفع أي أرباح موزعة تقوم بها الشركة أثناء احتفاظه بالمركز المكشوف، التي على الرغم من صحتها، إلا أن سعر السهم ينخفض في اليوم التالي للأحقية بمقدار الأرباح الموزعة، وبالتالي فإن خصم مبلغ الأرباح الموزعة من حساب البائع يتم تعويضه من الربح الناتج عن انخفاض سعر السهم.
إضافة إلى كل ما تم ذكره من ضوابط، يحق للهيئة إيقاف العمل بالبيع على المكشوف متى رأت في ذلك حماية للسوق وللمتعاملين، مثلا بسبب إفراط في عمليات البيع أو بسبب تطورات سلبية معينة، أو لأي سبب آخر، وهذا لا يعني أنه لن يمكن إعادة الشراء لتغطية المراكز المفتوحة، بل فقط إيقاف مزيد من عمليات البيع على المكشوف.
ختاما، البيع على المكشوف ضرورة ملحة، والسوق المالية وصلت إلى مستوى يجعل من الضروري إيجاد هذه الآلية في السوق، وعلى المتداول فهمها بشكل صحيح قبل التعامل بها.
نقلا عن الاقتصادية
حسب الفتاوى الشرعيه ان هذا البيع ( البيع على المكشوف ) لايجوز لما يحويه من الغرر والجهاله وبيع ماليس عند الانسان ... قال صلى الله عليه وسلم ( لا تبع ماليس عندك ) .... والله اعلى واعلم .