تطورات سوق العمل المحلية 2020

25/01/2021 0
عبد الحميد العمري

أظهرت أحدث إحصاءات سوق العمل المحلية بنهاية الربع الثالث 2020، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تراجع معدل البطالة بين المواطنين إلى 14.9 في المائة (7.9 في المائة للذكور، 30.2 في المائة للإناث)، مقارنة بمعدله السابق 15.4 في المائة (8.1 في المائة للذكور، 31.4 في المائة للإناث) بنهاية الربع الثاني 2020، ورغم تراجعه الأخير فلا يزال المعدل يقع في مستويات مرتفعة بكل تأكيد، وهو ما يشير إلى استمرار الآثار العكسية على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص، التي نتجت عن تفشي الجائحة العالمية لكوفيد - 19 التي طغت آثارها السلبية على جميع الاقتصادات حول العالم، والتأكيد أيضا في هذا المقام على الأهمية الكبيرة التي قامت بها الدولة للتصدي لتلك الآثار، وتخفيف وطأتها على الاقتصاد الوطني بشكل عام، وعلى سوق العمل المحلية وحماية وظائف العمالة الوطنية بالدرجة الأولى، التي أسهمت أحزمتها الحمائية في حماية أكثر من 1.2 مليون عامل وعاملة من المواطنين في منشآت القطاع الخاص، لعبت دورا محوريا في تخفيف حدة تلك الآثار العكسية لتفشي الفيروس إلى حد بعيد، ما منع تكرار ما حدث في كثير من أسواق العمل حول العالم، التي تضاعفت فيها معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة في منظور أكثر من خمسة عقود إلى ستة عقود زمنية مضت.

ووفقا لتلك الإحصاءات حتى نهاية الربع الثالث 2020، فقد سجل توظيف العمالة الوطنية في القطاع الخاص نموا سنويا بلغ 5.3 في المائة، ونموه خلال الفترة نفسها في القطاع الحكومي 4.5 في المائة، بينما سجل للعمالة الوافدة انخفاضا سنويا في القطاع الخاص بلغت نسبته 1.7 في المائة، مقابل تسجيله معدل نمو سنوي قياسي في القطاع الحكومي وصل إلى نسبة 41.3 في المائة، وقد جاء النمو السنوي القياسي للعمالة الوافدة في القطاع الحكومي من نموها 99.9 في المائة في المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لنظام التأمينات الاجتماعية، مقابل نموها السنوي بما لا يتجاوز 0.9 في المائة في الأجهزة الحكومية الخاضعة لنظام الخدمة المدنية، وهنا تلاحظ زيادة في توظيف العمالة الوافدة في المؤسسات والهيئات الحكومية الخاضعة لنظام التأمينات الاجتماعية.

في جانب أحدث زمنيا بخصوص إحصاءات سوق العمل المحلية، فقد أظهرت إحصاءات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المتعلقة ببيانات التوظيف في منشآت القطاع الخاص حتى نهاية الربع الرابع من عام 2020، تباطؤ وتيرة النمو السنوي للعمالة الوطنية في منشآت القطاع إلى 2.9 في المائة (0.6 في المائة للذكور، 7.6 في المائة للإناث)، مقارنة بنموها السنوي خلال الربع السابق 5.3 في المائة (3.8 في المائة للذكور، 8.5 في المائة للإناث)، بينما سجل انخفاضا لمقارنة بالربع الثالث من العام نفسه 0.6 في المائة (-2.2 في المائة للذكور، 2.7 في المائة للإناث)، ما يشير إلى احتمال بقاء معدل البطالة بمستواه الراهن عند المعدل نفسه، ويؤمل ألا يعود إلى الارتفاع مجددا، على أمل أن يحقق التوظيف في مختلف الأجهزة الحكومية معدلات نمو تسهم في تعويض هذا التباطؤ في نمو التوظيف لدى القطاع الخاص.

في المقابل سجلت أعداد العمالة الوافدة في القطاع الخاص انخفاضا سنويا بلغت نسبته 2.6 في المائة (-2.6 في المائة للذكور، -1.8 في المائة للإناث) بنهاية الربع الرابع 2020، مقارنة بانخفاضها السنوي خلال الربع السابق 1.7 في المائة (-1.8 في المائة للذكور، +1.9 في المائة للإناث)، ووصل صافي الانخفاض في أعداد العمالة الوافدة خلال عام 2020 إلى أكثر من 164.5 ألف عامل، ليستقر بنهاية العام عند مستوى 6.3 مليون عامل وافد ووافدة، مقابل 1.75 مليون عامل مواطن ومواطنة، وليصل معدل التوطين بنهاية العام إلى 21.8 في المائة من إجمالي العمالة في مختلف منشآت القطاع الخاص.

أكدت التطورات السابقة أعلاه، أن الحلول الجادة للتوطين ومعالجة أسباب انخفاضه، ولمواجهة تحديات البطالة بين صفوف الموارد البشرية المواطنة، تبدأ من الأجهزة الحكومية الخاضعة لنظام التأمينات الاجتماعية، وتقف على القدر نفسه من الأهمية القصوى للتوطين في منشآت القطاع الخاص، كما تقتضي مواجهة تحديات التوطين والحد من ارتفاع معدل البطالة، أن يستمر العمل بصورة أكثر حزما وقوة على معالجة أوجه القصور الكامنة في برامج التوطين الراهنة، وأن يتم رفع كفاءتها وفاعليتها لينضم إليها على وجه السرعة برنامج توطين الوظائف القيادية والتنفيذية العليا، كما يتعين على وزارة الموارد البشرية وضع الضوابط والإجراءات اللازمة لزيادة توطين الوظائف الأجهزة الحكومية المشار إليها أعلاه، ولهذا ما يستحق أن يستمر الحديث حوله والتوسع في مناقشته مستقبلا بمشيئة الله تعالى.

 

نقلاعن الاقتصادية