فاعلية اللقاحات ... حقائق علمية أم فقاعات تجارية ؟!

22/11/2020 0
محمد مهدى عبدالنبي

خلال عشرة ايام فقط من 9 الى 18 نوفمبر الجارى قفزت فاعلية لقاح شركة فايزر الامريكية للوقاية من فيروس كورونا المستجد من 90 % الى 95 % ، و ذلك بعد يومين فقط من اعلان لقاح شركة موديرنا الأمريكية بفاعلية 94.5 % ، لينتقل مشهد عداد كورونا من حصر يومى لألاف الاصابات و الضحايا الى انتظار أعلان الفائز ببلوغ العلامة المئوية الكاملة لفاعلية اللقاح المنتظر .

يجب أن يستوقفنا هذا المشهد الذى يمثل نقطة تحول "قد تكون ايجابية أو سلبية" فى رواية الجائحة المفتوحة ، لنبدى عدة ملاحظات و استفهامات تفرضها معطيات اللحظة بغية استشراف ما هو قادم ...

أولا | الأمل العالمى فى العودة الى "الحياة قبل كورونا" لا يتعارض مع التفكير المنطقى فى طريقة و توقيت استطلاع هلال اللقاح المخلص ، فقد يتغافل هذا الامل عن النظر لتفاصيل مهمة تحت ضغط العاطفة و الحاجة و لكنه لا يغفل ابدا عن مكاشفة نفسه فى مواجهة النتائج النهائية التى يلوح بها وسطاء الازمة بين الفيروس و الانسان .

فحسب منظمة الصحة العالمية فإن نحو 23 لقاح " منهم اربعة لقاحات صينية " للوقاية من كورونا حول العالم قد دخلوا بالفعل تجارب المرحلة الثالثة و الاخيرة قبل التقدم للحصول على الموافقات النهائية من الجهات الرسمية لاعتماد إستخدام اللقاحات تجاريا قبل نهاية 2020 ، مع وعود رفيعة المستوى بأن يكون 2021 عام تصحيح الاوضاع ، رغم تحذيرات اغلب قادة الدول الغربية تحديدا من شتاء صعب و معركة طويلة ضد الجائحة !

ثانيا | هنا يتأرجح الامل و لكنه يميل الى تصديق و تقدير مجهودات مطورى اللقاحات على حساب رؤى أهل السياسة و الاقتصاد ، و لكن سباق استعراض نسب فاعلية اللقاحات من الامريكتين فايرز و موديرنا يثير علامات التعجب فعلا فى توقيته بعد مد الموجة الثانية و جزر الانتخابات الامريكية و اقتراب الصين من تعديل صورتها العامة من مصدر انتشار الوباء الى منقذ يقدم الدواء .

التعجب يستمر ايضا فى طريقة زف بشائر نسب فعالية لقاحات فايرز و موديرنا التى جاءت فقط عبر بيانات صحفية صادرة من الشركتين ، بدون نشر اى حقائق علمية كافية قامت عليها أو حتى نتائج لدراسات موثقة يمكن تقيمها من متخصصين بهدف تبادل الخبرات العالمية بشأنها لتوحيد و دفع الجهود المبذولة لكتابة النهاية الطبية للجائحة .

ثالثا | على الاضواء المزعجة لما تقدم ينقسم أهل الاختصاص العلمى الى عدة فرق بين محايد و مشجع للعبة الحلوة بدون الانشغال بتفنيد المنهج العلمى لصالح الاشادة الاعلامية و الثقة العامة بالشركات الامريكية ، و بين فريق ثان مؤيد يروج لطريقة جديدة يتم تطوير لقاحات فايزر و موديرنا بها تسمى " الذرات الاخرى للحياة NRA " التى يمكن ادخالها فى الجسم لتتحول لمادة بروتينية تمنح المناعة و تمنع الفيروس من استعمار الخلايا .

و فريق ثالث يرى ان تلك النسب فوق المتوقع فى ضوء معطيات اللحظة و يشكك أيضا واصفا تلك التجارب بالعمياء من حيث عدد و طبيعة المشاركين فيها ، و ذلك بالاعتماد على بيانات خبراء فايزر و موديرنا انفسهم التى تفصح عن أن ما تم بمثابة تحليلات مرحلية قيد التطوير لا تعمل كأثباتات علمية نهائية لنسب الفاعلية المعلنة .

رابعا | الاولوية للقاحات الدول الغربية و لا يمكن لأسواق الدول الاوروبية استقبال لقاحات من الصين و روسيا الا بعد اجراء الفحوصات الدقيقة جدا عليها للحصول على الموافقات النهائية من الوكالة الاوروبية للأدوية و ذلك حسب تصريحات مديرها " غيدو رازى " نهاية اكتوبر الماضى ...

هنا يجب التوقف أمام ما تفعله الصين فى تلك المعركة من أشد الانتقادات الرسمية لتصديرها الوباء للعالم مرورا بالاتهامات الامريكية مايو الماضى حول قرصنة بكين لإبحاث تطوير اللقاحات ، وصولا لتمدد شركة سينوفارم الصينية تحديدا فى بدء انتاج لقاحها ضد كورونا فى 18 دولة حول العالم حتى قبل الاعلان عن الانتهاء الكامل للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية .

الصين الان تفعل مبادرة " طريق الحرير الصحى " ليغزو لقاحها الارخص مبدئيا بنحو 30 % عن نظرائه الغربيين اغلب الدول النامية ، بالاضافة لتعهد رئيسها "شى جين بينج" بمد ايادى المساعدة الناعمة ليكون اى لقاح صينى لفيروس كورونا المستجد بمثابة منفعة عامة عالمية ، مع تقديم مليار دولار كقروض صينية ميسرة لدول أمريكا اللاتينية و منطقة البحر الكاريبي حتى تتمكن تلك الدول الموبؤة من دفع ثمن اللقاحات لبكين .

ختاما ... ثمة اسئلة لا تطرح للاجابات فقط و لكن لتظهير بعض الحقائق ايضا ، على رأسها بعد استعراض ماسبق سؤال عنوان المقال ... هل نحن فعلا أمام نسب فاعلية علمية أم فقاعات تجارية يجرى الترويج لها على شرف الموجة الثانية ؟! ، و هل تحمل احتمالات الايام القادمة مفاجأت قيد التحضير قد تغير من سباق نسب فاعلية اللقاحات التى تتأهب لغزو الاسواق ؟! ... و ماذا عن الأمل العالمى الذى نرجو أن ينتصر سريعا و حقا رغم كل ما يحدث .

 

خاص_الفابيتا