الشورى وتوطين الوظائف القيادية

13/09/2020 0
محمد العنقري

سيشهد الأربعاء القادم في مجلس الشورى مناقشة إلزام منشآت القطاع الخاص توطين الوظائف القيادية بنسبة 75 بالمائة، ويرى مقدمو المقترح من أعضاء مجلس الشورى أن هناك سيطرة للعمالة الوافدة على الوظائف القيادية بالكثير من المنشآت في القطاعات الاقتصادية المحورية بنطاق واسع وأن ذلك يعيق تنفيذ برامج التوطين ويرفع من نسبة تنقل الشباب السعودي بين المنشآت ويقلل من فرص تعزيز خبراتهم مما يضعف تنافسيتهم بالوصول لمناصب قيادية على اعتبار أن السوق مليء بالشباب السعودي المؤهل بشهادات عليا ولديهم القدرة على إثبات جدارتهم وهذه حقيقة كون التنمية البشرية نالت اهتماماً كبيراً ورئيسياً بخطط الدولة حيث يصل عدد الجامعات الحكومية لقرابة 30 جامعة منتشرة بكافة المناطق مع جامعات أهلية ومئات المعاهد والكليات المهنية إضافة لبرامج الابتعاث التي استقطبت أكثر من 200 ألف طالب وطالبة على مدى العقدين الماضيين.

فبحسب ما نقلته وسائل الإعلام فإن مقترح أعضاء الشورى الذين تقدموا به يقوم على تعديل الفقرة الثانية من المادة «26» من نظام العمل والتي تنص على الآتي ( 1- على جميع المنشآت في مختلف أنشطتها، وأيًا كان عدد العاملين فيها، العمل على استقطاب السعوديين وتوظيفهم، وتوفير وسائل استمرارهم في العمل، وإتاحة الفرصة المناسبة لهم لإثبات صلاحيتهم للعمل، عن طريق توجيههم وتدريبهم وتأهيلهم للأعمال الموكولة إليهم.

2 - يجب ألا تقل نسب العمال السعوديين الذين يستخدمهم صاحب العمل عن 75 % من مجموع عماله، وللوزير في حالة عدم توافر الكفايات الفنية أو المؤهلات الدراسية، أو تعذر إشغال الوظائف بالمواطنين أن يخفض هذه النسبة مؤقتًا.

إذاً التعديل كما يفهم مما نشر عن المقترح أنه سيتم تغيير نسبة التوطين لتستهدف الوظائف القيادية وليس النسبة الإجمالية في كل منشأة وهنا لابد من إيضاح من الأعضاء المقترحين إذا تم ربط النسبة بالوظائف القيادية فماذا عن النسبة لإجمالي العاملين بالمنشأة هل ستلغى وفي هذه الحالة تصبح مشكلة التوطين أعمق لأن الوظائف القيادية أياً كانت أهميتها يبقى عددها محدوداً قياساً بالوظائف التي يمكن استيعاب أعداد كبيرة من المواطنين فيها وبهذه الحالة لابد من توضيح النسب المطلوبة للتوطين من العدد الكلي للعاملين بكل منشأة وبما أن المادة حددت النسبة الإجمالية والتي تشمل كل الوظائف فبالإمكان إضافة فقرة توضح بعض التفصيلات بأن تكون نسبة توطين الوظائف القيادية أيضا هي 75 بالمائة دون تغيير للنسبة الإجمالية فالخبر يتحدث عن تعديل وليس إضافة فقرة ولذلك من المهم النظر لنسبة إجمالي العاملين فصحيح أن وجود نسبة دون تحديد للتفاصيل بداخل مستهدفات هذه النسبة يتيح للمنشآت مساحة واسعة في أين ترفع نسب التوطين مما يعني أنه يمكن أن تكون أغلب الوظائف القيادية من الوافدين وهم بالتأكيد نسبهم تبقى محدودة قياساً بأعداد العاملين بالوظائف المتوسطة والدنيا.

ومن جهة ثانية لماذا يكون المقترح لتعديل المادة 26 بفقرتها الثانية ويوجد مادة أخرى وهي برقم «42» والتي تنص أنه (على كل صاحب عمل إعداد عماله السعوديين، وتحسين مستواهم في الأعمال الفنية والإدارية والمهنية وغيرها، بهدف إحلالهم تدريجيًا في الأعمال التي يقوم بها غير السعوديين. وعليه أن يعد سجلاً يقيد فيه أسماء العمال السعوديين الذين أحلهم محل غير السعوديين بحسب الشروط والقواعد التي تحددها اللائحة). أي أن المادة تنص على إحلال المواطنين بوظائف قيادية أي يمكن التعديل على هذه المادة بإضافة نسبة إلزامية للوظائف القيادية على اعتبار أنها المادة التي تعنى بإحلال المواطنين بالوظائف القيادية بعد تأهيلهم وتدريبهم، وبذلك تكون الفائدة أكبر على المدى البعيد تحديداً ويمكن طلب خطة مبنية على خارطة طريق بعدد سنوات معين وبمناصب محددة لتوطينها فالصلاحية أعطيت لوزير الموارد البشرية بالتدرج بالتطبيق حسب المادة 26 إنما يمكن مناقشة وضع الجدول الزمني لذلك مما ييسر قياس نجاح تنفيذ النظام ويزيل المعوقات التي تواجه تطبيقه من خلال المراجعة الدورية للتنفيذ.

بقاء نسبة للتوطين من العدد الإجمالي للموظفين بمنشآت القطاع الخاص يجب النظر له على المدى البعيد حيث يدخل سوق العمل سنوياً قرابة 350 ألف مواطن ومواطنة ومنهم على الأقل 200 ألف طالب عمل حقيقي ممن أنهوا تعليمهم الجامعي أو المهني أو التعليم العام ويرغبون بالعمل هذا يعني إضافة أكثر من 3،5 مليون من القوى العاملة خلال العشر سنوات القادمة إذا افترضنا أن عدد الداخلين لسوق العمل ثابت بينما الواقع أنها متغيرة سنوياً للأعلى في مجتمع المملكة الذي يعد فتياً حيث تبلغ نسبة الشباب دون 20 عاماً قرابة 50 بالمائة من إجمالي عدد المواطنين وهو ما يعني أن القوى العاملة تزداد لدينا والحاجة لأن تكون نسب التوطين لإجمالي موظفي القطاع الخاص محددة وتأخذ بعين الاعتبار النمو السكاني والزيادة بالقوى العاملة حتى لا يكون هناك حاجة لتعديل الأنظمة بين فترة وأخرى مما يربك تنظيم سوق العمل وخطط معالجة ملف البطالة.

 

نقلا عن الجزيرة