تَضمن حديث معالي الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان وزير المالية، في مؤتمر "يورومني" الافتراضي، المنعقد يوم الخميس الماضي عدداً من المضامين الاقتصادية التي شخّصت واقع الاقتصاد الوطني خلال أزمة جائحة فايروس كورونا المستجد وكيف تعاملت الحكومة السعودية مع تداعياتها بما يكفل التخفيف من تبعاتها وآثارها السلبية على القطاع الخاص والأفراد والمستثمرين على حد سواء وفي نفس الوقت يضمن استمرار نمو القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي كانت أكثر تأثراً من غيرها بالجائحة.
رغم فداحة الأزمة وتداعياتها السلبية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي وعلى جميع اقتصادات دول العالم بلا استثناء، بما في ذلك اقتصادات الدول العظمي الأعضاء بمجموعة دول العشرين، إلا أن المملكة قد تمكنت من تحويل تحديات الجائحة إلى فرص أسهمت وكما أشار الوزير الجدعان في نمو قطاعات وأنشطة اقتصادية مهمة، بدأت تثمر وتحقق نمواً إيجابياً، كقطاع السياحة والترفيه والرياضة والقطاع المالي والتكنولوجي ما بين 3 و8 % خلال العام الجاري.
وعلى الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية خلال العام الحالي بأكثر من نصف ما كانت عليه في العام الماضي، وما تبعها من تأثير واضح على الإيرادات العامة للدولة، إلا أن الحكومة السعودية رغم ذلك استجابت لتداعيات الجائحة باتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الوقائية للقطاع الخاص، بحجم مخصصات مالية بلغ 280 مليار ريال، والتي كان لها دور فاعل في توفير السيولة النقدية للقطاع الخاص، ما ساهم في دعم رواتب العاملين بالقطاع والمحافظة على وظائفهم.
وتحدث الوزير عن دور رؤية المملكة 2030 في المساهمة في تعافي الاقتصاد الوطني، ما مكن المملكة من تنفيذ برامج الرؤية ومبادراتها، وفق خطة واضحة الملامح تستهدف تنويع الاقتصاد وتضمن عدم تأثر الخطط التنموية بتقلبات أسواق النفط، بما في ذلك تعزيز دور القطاع الخاص في المنظومة الاقتصادية الهادفة إلى تنويع الاقتصاد.
أستخلص من حديث معالي الوزير، بأن المملكة تصرفت بحكمة وتعقل واتزان مع تداعيات جائحة كورونا المستجد وبالسرعة المطلوبة، وبما يدعم القطاع الخاص والفرد والمستثمرين على حدٍ سواء، وبما يحافظ على الأنشطة الاقتصادية ويكفل في نفس الوقت استمرار وتيرة النمو الاقتصادي للمملكة والمحافظة على الاستثمارات ومستويات السيولة المحلية.
ولكن وعلى الرغم من ذلك قد يتساءل البعض عن مدى استفادة المواطن العادي الذي لا ينتمي للقطاع الخاص أو لفئة المستثمرين من هذه المبادرات والبرامج، سيما في ظل إلغاء الدولة لبدل غلاء المعيشة ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 %.
برأيي أن تعافي الاقتصاد سيعود بالنفع على المواطن في المقام الأول، من حيث تحسين مستوى الخدمات العامة وخفض معدلات البطالة المرتفعة في المملكة وخلق الوظائف في الاقتصاد، هذا بالإضافة إلى عدم الحاجة للجوء الدولة مستقبلاً للمزيد من الاقتراض سواء محلياً أم دولياً أو إلى فرض المزيد من الرسوم والضرائب أو رفع نسب الحالي منها لتلبية احتياجات السيولة. كما أن حِزم الدعم التي أُعلن عنها في وقتٍ سابق، قد تضمنت تخصيص ما يزيد على 18 مليار ريال لدعم الأفراد، وتخصيص مبلغ 47 مليار ريال مع بداية الجائحة للمحافظة على صحة المواطن والمقيم بمن في ذلك مخالفو نظامي الإقامة والعمل، وكذلك لتوفير الدعم اللازم لمنظومة الرعاية الصحية، ومضاعفة عدد الأسرّة للرعاية المركزة، وتوفير الأجهزة الطبية المطلوبة للتعامل مع الجائحة.
نقلا عن الرياض