تعيش المملكة في هذا الوقت فترة ذهبية يمكن استغلالها من خلال تنمية ريادة الأعمال لتحقيق إصلاحات اقتصادية هيكلية تسهم في حل كثير من الإشكالات التي تعانيها السوق، ومنها توطين الوظائف، وتنمية المشاريع الإنتاجية ذات الأثر الاقتصادي والتنموي في المجتمع. ريادة الأعمال Entrepreneurship نما كمصطلح حول العالم ليعرف أصحاب المشاريع الذين بدأوا من الصفر وتحملوا المخاطر في سبيل إنجاح أفكارهم ووضعها في إطار تنفيذي يدر دخلا، من خلال الاستفادة من النماذج المتاحة للعمل وابتكار نماذج متطورة تواجه المشكلات وتتغلب عليها. في المملكة قدمت الدولة الرعاية والاهتمام، وحفزت الشباب على الانضمام إلى قطاع رواد الأعمال من خلال الدعم المادي والتحفيز المعنوي، وتقديم البرامج الأكاديمية والاستشارية المساندة لإيجاد جيل من رواد الأعمال تفاخر بهم مستقبلا من خلال نجاحات يمكن أن تصبح نماذج عالمية في استثمار الفرص والتغلب على المخاطر.
وفي السياق ذاته تمتلك المملكة الإمكانات المادية والبشرية التي تؤهلها لاكتساب نمط اقتصادي منتج ينافس للحصول على موقع بين الدول المتقدمة، تحقيقا لرؤية المملكة 2030، والمكانة التي تستحقها، وتنفيذ إصلاح اقتصادي بناء. ومن أجل ذلك فإن الإصلاح الاقتصادي المستهدف هنا سيسهم في تحقيق مكاسب عديدة على مستوى الاقتصاد الوطني، من أهمها تطوير السوق واحتضان المشاريع ذات الأثر الاقتصادي، وتحقيق استثمار أمثل للموارد الاقتصادية والبشرية، والمساهمة في ترجيح جميع ميزان المدفوعات بين المملكة والدول الأخرى. وفتح قنوات الاستثمار المحلي وتنمية الشركات الوطنية وتوفير سوق جاذبة للاستثمارات الأجنبية في المملكة، وعملية الإصلاح هذه ستقود إلى تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك من جانب والادخار والاستثمار من جانب آخر.
تعد رؤية المملكة 2030 خريطة طريق نحو تحقيق فعال لريادة الأعمال، وفرصة تساندها الدولة من أجل إصلاح اقتصادي مثمر يعتمد على توجيه الاقتصاد من الاعتماد على مورد دخل ناضب إلى استثمار قدرات شباب المملكة لتحقيق التنوع الاقتصادي، وبناء قاعدة إنتاج تضاهي كثيرا من الدول وتسهم في إيجاد الحلول حول العالم.
هذه الجهود المتعددة يجب أن توضع في قالب واحد، يتم فيه دمج ثقافة ريادة الأعمال منذ الصغر من خلال التعليم والإعلام الموجه لبناء قدرات بشرية مؤهلة. الحاجة إلى وجود خطة شاملة master plan لتحقيق ذلك أصبحت ضرورة لتوحيد الجهود، واستثمار الفرص، وتوفير أدوات الرقابة اللازمة لتقييم مستوى التنفيذ والتقدم في هذا الاتجاه. وقد يتوافر ذلك من خلال برامج تحفيزية تتولاها جهة رسمية تقوم بالتخطيط لريادة الأعمال بتكامل مع جميع أجهزة الدولة ومواردها لتحقيق إصلاح اقتصادي مثمر. وهذا بالتأكيد أكبر من دور هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تسهم جزئيا في تحقيق ريادة أعمال على مستوى مؤسسي وتمويلي يمكن تطويره لتكون فعليا ريادة الأعمال إحدى أهم أدوات تحقيق رؤية المملكة والوصول إلى كثير من أهدافها.
نقلا عن الاقتصادية