هل يحطم الركود أسطورة كوكب اليابان؟

16/08/2020 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

هل انتهت سنوات الازدهار الاقتصادي في اليابان؟، وهل تنجح اليابان في التغلب على معوقات الركود، والعودة من جديد على متن قطار التعافي، أم تخسر مكانتها كأكبر ثالث اقتصادٍ عالمي؟، وكيف ستواكب احتياجات العالم الجديد في عصر ما بعد كورونا؟، أسئلة يتردد صداها بشده هذه الأيام، ليس فقط في طوكيو بيت القصيد، ولكن أيضاً بين جنبات الاقتصاد العالمي، بسبب ما يواجهه الاقتصاد الياباني من أوقات عصيبة، أدخلته في غمار الانكماش الأكبر خلال خمسين عامًا، وهو الأمر الذي تسبب في فقدان مئات ألاف الوظائف في البلد الآسيوي المعروف بابتكاراته وصادراته التكنولوجية التي غزت العالم لعقود، حتى أطلق عليه البعض كوكب اليابان.

في ديسمبر الماضي، أطلقت الحكومة اليابانية حزمة مساعدات مالية بنحو 120 مليار دولار بهدف مكافحة آثار انتشار فيروس كورونا القاتل، والتي حدت من إنفاق المستهلكين ونمو قطاع الأعمال؛ وعلى الرغم من ذلك، لم تستطع حزم المساعدات المالية الحيلولة دون الانزلاق إلى مستنقع الانكماش الاقتصادي، نتيجة إجراءات الطوارئ الصارمة والإغلاقات في طوكيو وأوساكا على وجه الخصوص، ولا شك أن أي ضربة أخرى للاقتصاد الياباني الذي أضحى في وضع شديد الخطورة، سينتشر تأثيرها بلا شك في الاقتصادات المرتبطة به وخاصة الآسيوية.

قبل اندلاع الجائحة، كان الاقتصاد الياباني يعاني بالفعل من آثار الإعصار المدمر، والأقوى منذ 60 عامًا، والذي ضرب البلاد في أكتوبر 2019، ورغم أن المسؤولين أظهروا تفاؤلهم خلال الكارثة

بشأن تخفيف آثار الإعصار، إلا أن الاقتصاد تعرَّض لهزة عنيفة أخرى قبل أن يتعافى، وتمثلت في الضرائب المرتفعة والإغلاق التام، الأمر الذي جعل البلاد على شفا ركود كامل.

رغم الصدمة طويلة الأمد التي من المتوقع أن تضرب الاقتصاد العالمي ككل؛ إلا أن اليابان ستعاني بوجهٍ خاص، بسبب ارتباطها العضوي بالصين "موطن الوباء المميت" كأكبر شريك تجاري؛ إذ يعتمد المصنعون اليابانيون على الشركات الصينية لتوريد منتجاتهم، إلى جانب أن الصين تعد مصدرًا رئيسيًّا للأفواج السياحية لليابان، بالإضافة إلى الهزة العنيفة التي ضربت صناعة السيارات حجر الزاوية في الاقتصاد الياباني لعقود طويلة، فيما تهدد مئات ألاف الوظائف المفقودة الإنفاق الاستهلاكي وتدفق حركة الواردات، بينما تؤدي ظروف العمل الضعيفة في بلد يعتمد بقوة على الصادرات إلى استثمار أقل في المعدات أو التوريدات، وهذا الأمر مخيب للآمال.

في اليابان، يُنظر إلى سرعة التعافي على أنها مرتبطة مباشرة بنجاح الحليف الأمريكي في القضاء على كورونا، وقد يتأخر انتعاش اليابان إذا لم يتوقف انتشار الفيروس في الولايات المتحدة وإذا لم تنمو الصادرات إلى الصين بشكل أساسي، إلا أن الخطر القادم الآن هو أن نسبة كبيرة من اليابانيين سيتعين عليهم مواجهة تدهور ملحوظ في مستويات المعيشة ومواجهة صعوبات اقتصادية بالغة ربما لأربع سنوات قادمة، وهذا بدوره يمكن أن يضعف الطلب ويزيد من الرياح المعاكسة للنمو في الأجل الطويل، خاصة مع تهاوي رهانات اليابان على إقامة دورة الألعاب الأوليمبية في طوكيو عام 2020، في تحقيق انتعاش اقتصادي مرتقب؛ إلا أن الإغلاقات الأخيرة حالت دون ذلك؛ وبالتالي فإن الاقتصاد الياباني يبدو الآن بحاجة إلى تعويض ما، وقد يتمثل هذا التعويض في نقل

الأعمال التجارية إلى الإنترنت، والاستفادة من التكنولوجيا في العمل عن بعد لساعات طويلة للحفاظ على استمرارية الاقتصاد المتباطئ، وهو أمر ضروري يتوجب على القطاع العام والخاص القيام به لتجاوز الأزمة؛ استعدادًا لعاصفة عصر ما بعد كورونا. 

 

خاص_الفابيتا