الاستثمار في الأزمات.. وصناعة الثروة

28/06/2020 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

لماذا تنتعش بعض القطاعات الاقتصادية، بشكل مدهش في الوقت الذي يفقد فيه الناس وظائفهم، وسط تزايد المخاوف بشأن اندلاع الموجة الثانية لفيروس كورونا؟، ربما يكون هذا هو السؤال الأكثر انتهازية في أوقات الأزمات، لذلك فإن، أكثر ما يشغل بال الكثير من الراغبين في صناعة الثروة الآن هو معرفة الطريقة المثلى للاستثمار وتحقيق الأرباح وحفظ المال في أوقات الركود الاقتصادي، غير آبهين بتباطؤ الأسواق العالمية التي تصعد إلى أعلى بالسلم وتهبط بالمصعد.

من الضروري حال الاستثمار في الأزمة الراهنة التحلي بالصبر، وإدارة المدخرات بطريقة مناسبة، وعدم اللحاق بمغريات الأسهم والعقارات، بمعنى آخر أنه يتوجب تنويع المحفظة الاستثمارية لحماية الأموال من الضياع، مع تجنب القروض قدر المستطاع، لأن صناعة الثروة في أوقات الأزمات مرتبط بكيفية اقتناص الفرص المتاحة، بينما يفضل البعض الاحتفاظ بالكاش خشية المخاطرة، وقد يبدو من المناسب هنا أن نتعرض لبعض الفرص الاستثمارية التي خرجت من رحم الأزمة.

تعد "التجارة الإلكترونية" أحد أهم القطاعات التي ازدهرت خلال الفترة الماضية، فقد نجحت في تسلق قمة الهرم في سوق التجزئة العالمي، فارتفع الطلب على السلع والخدمات عبر الإنترنت إلى عنان السماء خلال فترة زمنية قصيرة، في الوقت الذي يتشكل فيه إجماع على أن تلك الشركات ستتفوق على نظيراتها مع التحول بالكامل نحو التسوق الإلكتروني، لتثبت بكل صدقية أنها الحصان الأسود الرابح من النزال الحالي.

عقب الأزمة، شهد زخم مبيعات التجزئة الإلكترونية تزايداً مستمراً وبشكل مطرد، مستفيداً من الإغلاق الكامل للمتاجر، وعلى الرغم من أن هذا الإغلاق مؤقت، إلا أن الطلب المزدهر عبر الشبكة العنكبوتية لن يهبط على الأرجح حتى بعد رحيل الوباء، خاصة في قطاعات مثل البقالة، وبالنسبة للمتاجر التي ليس لديها حضور عبر الإنترنت، فإن هذا يعني أن مبيعاتها وعائداتها توقفت أو تحطمت بشكل كبير.

يقيناً، فإن مشهد التسوق يتغير بشكل دراماتيكي، فالشركات التي لا تمتلك إمكانات التجارة الإلكترونية، أو وسائل تطوير وتفعيل وجودها عبر الإنترنت، ستتحمل ولا شك وطأة التحول السريع صوب تجارة الإنترنت، بينما سيتمكن تجار التجزئة الذين واجهوا التحدي بشكل فعال في تجاوز العاصفة بنجاح، ولعلها

فرصة للجيل الجديد من رواد الأعمال للتنبه إلى أهمية وجدوى الاستثمار في التجارة الإلكترونية.

أما العقارات، فهي درة الاستثمارات المربحة في أوقات الأزمات، باعتبارها أصل ثابت لا تتراجع قيمتها، بل إن قيمتها قد تتضاعف بعد انتهاء الأزمات التي تعتبر وقتاً مناسباً لشراء العقارات نظرا لانخفاض أسعارها، وبعد مرور الأزمة قد يتمكن المالك من بيع العقار وجني الكثير من الأرباح، لكن من المرجح حدوث انخفاضات في أسعار العقارات خلال الأشهر المقبلة، بفعل البطالة وانهيار قطاع الوظائف، وخفض الأجور، وعدم اليقين الاقتصادي، الأمر الذي سيجعل البعض حذراً بشأن شراء منزل.

ضمن الملاذات الآمنة، يتصدر الذهب القائمة والذي لم يتوقف عن تسجيل أرقاما قياسية منذ مارس الماضي، وهناك احتمالية كبيرة لتحركه فوق مستوى 2000 دولار للأونصة في النصف الثاني من العام، إذ يعد الملاذ الأكثر أماناً واستقراراً ضد التضخم وانحطاط العملات الورقية مقارنة بالملاذات الأخرى كالدولار وسندات الخزانة الأمريكية، وبالرغم من انخفاضه بشكل مؤقت خلال فترات زمنية محددة، إلا أن قيمته ترتفع على المدى البعيد، وللاستثمار الأفضل في

المعدن النفيس وبخاصة السبائك الذهبية، يتعين الاحتفاظ به سنتين أو ثلاث للاستفادة القصوى منه عند بيعه.

 

خاص_الفابيتا