ماذا تعني التوقعات القاتمة للفيدرالي الأمريكي؟

14/06/2020 0
د. خالد رمضان عبد اللطيف

يبدو أن الأسواق العالمية باتجاه نقطة تحول كبيرة في النصف الثاني من العام الجاري، في ظل التوقعات القاتمة الأخيرة الصادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أكبر بنك مركزي حول العالم، والتي أكد فيها أنه لا يفكر في زيادة معدلات الفائدة عن نطاقها الحالي حتى عام 2022، وأن الاقتصاد الأمريكي لازال أمامه طريقاً طويلاً للتعافي، وأن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة، مرجحاً استمرار عدم المساواة في سوق العمل على مدى العقود الأربعة المقبلة.

بداية، فإن استبعاد زيادة معدلات الفائدة قبل نهاية عام 2022، يعني الإبقاء على سياسة نقدية فضفاضة للغاية خلال العامين القادمين، حتى التأكد من تحسن الاقتصاد، بمعنى آخر، فإن تحرك البنك المركزي الأمريكي نحو تشديد سياسته النقدية في الأمد القريب يبدو احتمالاً ضعيفاً للغاية، وهذا الموقف الحذر يشير إلى أن المُستثمرين المُتعطشين للحصول على عوائد لن يحصلوا على أي دخل من الأصول منخفضة المخاطر،

مثل السندات الحكومية أو النقد المُدخر في حسابات التوفير الخاصة بهم، ولإيجاد عوائد مقبولة، ينبغي عليهم البحث عن أسهم ذات ربحية كبيرة عالية الجودة، بحيث تكون مدفوعاتها آمنة وتُقدم عوائد أكبر.

وفي حين يسيطر اللون الأحمر على أسواق الأسهم مع تراجع شهية المخاطرة لدى المستثمرين، تبدو المكاسب واضحة في الأصول الآمنة كالذهب والدولار الأمريكي والين الياباني والفرنك السويسري، وغيرهما من أصول الملاذ الآمن، لكن في بيئة من المُرجح أن تظل فيها أسعار الفائدة مُقتربة من الصفر على الأقل حتى عام 2022، فإن تنويع المحافظ باستخدام الأسهم المُدرة للأرباح الكبيرة ذات التوزيعات المُتزايدة والمُنتظمة تعد الاستراتيجية الأفضل، حيث يُمكن للمُستثمرين الدفاعيين الحصول على المزيد من الدخل المنتظم من خلال هذه الأسهم دون خوف من تراجعها على نحو كبير.

من جهة أخرى، تضعف تلك التوقعات القاتمة الآمال بشأن حدوث تعافي للاقتصاد الأمريكي على شكل حرف V، كما تنسف فكرة التعافي السريع للنشاط الاقتصادي سواء على مستوى النمو المتباطئ أو حركة التوظيف المدمرة مع نحو 43 مليون عاطل، ومن المتوقع الآن أن بعض الوظائف المفقودة خلال فترة

الانكماش ستختفي ولن تعود مجدداً بفعل شيوع حالات الإفلاس والعجز عن سداد القروض والحاجة إلى إعادة توزيع العمالة وتغير سلوك المستهلكين.

في المقابل، يجب التنبه إلى أن هذه التوقعات القاتمة من جانب البنك المركزي الأمريكي ورئيسه جيروم باول لا تحظى بالقبول لدى إدارة البيت الأبيض، وتحديداً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يرى أن "الاحتياطي الفيدرالي خاطئ في كثير من الأحيان، فأنا أرى الأرقام أيضاً وأفعل كثيراً أفضل مما يقوم به، سيكون لدينا فصل ثالث جيد جدًا، وربع رابع رائع.. عام 2021 سيكون واحد من أفضل سنواتنا على الإطلاق وسنحصل على اللقاح والعلاج قريبا، هذا رأيي"، وفي ذات الخندق يقف لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض مدافعاً عن تفاؤل الرئيس ويتوقع نمواً بنحو 20 بالمائة خلال الربعين الثالث والرابع، و4 بالمائة أو أفضل في عام 2021، وبالرغم من هذه الانتقادات المتكررة والاحتقان بين ترامب وباول، إلا أن هناك إشادة من البيت الأبيض بالاحتياطي الفيدرالي بشأن اعتزامه عدم تحريك معدلات الفائدة القريبة من الصفر حتى 2022. 

 

خاص_الفابيتا