بلا شك فان الاجراءات الاحترازية التي اعتمدتها كثير من دول العالم للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وبقاء السكان لفترات طويلة في المنازل قد أدى الى ظهور واقع جديد سواء على المستوى الانساني أو على البيئة، التي ربما ستكون مجالا خصبا للدراسات المستقبلية بعد انحسار هذه الازمة.
فمن الناحية الاقتصادية على مستوى اقتصاد الاسرة، وعند النظر الى واقع السكان في المملكة خاصة، ودول الخليج بصفة عامة من الناحية الاقتصادية،فإن استمرار دفع الرواتب للموظفين في القطاعين العام والخاص، والتزام المواطنين والمقيمين بالبقاء في منازلهم خفض بدون شك مصروفاتهم اليومية والشهرية لكثير من المستلزمات التي كانوا يشترونها، واصبحت مشتريات رب الاسرة مقتصرة غالبا على المواد التموينية والادوية لمن يحتاجها في المنزل، وبالتالي ساهم هذا الانخفاض في المصروفات في تعزيز وزيادة المبالغ المدخرة عند رب الاسرة .
هذا الوضع الذي لم يخطط له رب الاسرة، أو الشخص العامل ربما يكون نموذجا مستقبليا لطريقة ادارة ميزانية الاسرة أو الميزانية الشخصية للفرد، وذلك بضبط المصروفات وتقليلها، لاسيما بعد أن تعود على الاعتماد بشكل اكبر على البيت في مجال الطبخ والغسيل والحلاقة وغيرها، وربما اكتسب عادات ومهارات بسيطة تحسن مستوى الادخار الاسري والفردي بحيث لا يتم الانفاق الا على الضروريات، او على الاقل التقليل من شراء الكماليات.
ان الحياة المترفة وتوفر كل الاحتياجات والخدمات الشخصية خارج محيط البيت أدت الى اعتماد الافراد المتزايد على العمالة في كثير من المناشط الحياتية التي من الممكن القيام بها في البيت كغسيل الملابس وإعداد الاكل والشرب والحلاقة وغيرها، والتي تستهلك نسبة كبيرة من الميزانية الأسرية والفردية، كما أن كثرة التجوال في المدينة بدون هدف تضاعف المصروفات على ميزانية الفرد والاسرة وذلك من خلال زيادة الانفاق على وقود السيارة، والمصروفات المصاحبة لهذه الجولات في الاكل والشرب وزيارة المواقع الترفيهية التي من الممكن الاستغناء عنها، وربما شراء الكماليات التي لا يحتاجها الفرد والأسرة، ولهذا فقد حد الالتزام بالبقاء في البيوت من هذه المصروفات لصالح الادخار، وانفاقها مستقبلا على الاحتياجات الضرورية.
ان عاجلا أو آجلا ستنتهي هذه الازمة بإذن الله تعالى، وتعود الاوضاع الى طبيعتها، لكن الاهم هو أخذ الدروس والعبر من هذه الازمة، ومن التجارب التي مرت علينا جميعا، وتحويلها الى منهج حياة، وعادات نلتزم بها.
خاص_الفابيتا
