لقد كان جورج سوروس مصيبا تماما عندما قال ان العمله القويه فى حاجه دائما الى بنك مركزى ووزاره ماليه فاذا قدم البنك السيوله وقت الازمات فان مشاكل الملاءه الماليه تكون من اختصاصات وزاره الماليه ،حيث لايمكن هنا ان تقتصر مهام هذه الوزاره على جمع الضرائب كما هو معتاد فى فهمنا التقليدى،لان دورها سيكون اكبر واعظم شأنا.
بالطبع هذا التصور جاء فى معرض احديث عن المشكله اليونانيه المتفاقمه والتى اذكت النيران فيها المضاربات الشرسه فى اسواق المشتقات والمقصود هنا المقايضات الخاصه بعدم القدره على سداد الديون السياديه تحديدا وذلك بعد تخوف البنوك الواضح من عدم قدره اليونان على سداد ديونها مما جعل الاصوات ترتفع بضرورة وضع تنظيم اكثر صرامه مع مثل تلك المضاربات التى جعلت تكلفه التأمين على دين بمقدار العشره ملايين دولار للحكومه اليونانيه يصل الى ما يقارب4.5%من قيمه الدين نفسه وهى قيمه كبيره رفعتها المضاربات المحمومه وقلق الاسواق الدائم عن تخلف "الدول" ذات السياديه بعد ان كان القلق مقتصرا فقط على الشركات.
لذا فان خروج وزير الماليه الالمانى باقتراح انشاء صندوق نقد "اوروبى" على غرار صندوق النقد الدولى سيلقى ترحيبا بلا شك من الاقتصاديين ومن السياسين ومن ثم المحللين ،فدول منطقه اليورو ليست على استعداد لقبول اى تدخل من صندوق النقد الدولى فى سياساتها الماليه لانهم يعلمون تماما انه اعلان غير مباشر بفشل اداره منطقه اليورو لذاتها بذاتها وسيكون هناك بالطبع شروطا سيتم املائها على الحكومه اليونانيه – كما هى عاده صندوق النقد الدولى دائما – لذا فان مقترح وزير الماليه الالمانى سيطمئن الاسواق وسيشغل المحللين وسيضفى على منطقه اليورو نوعا من الذكاء الاقتصادى فى التعامل مع المشكلات التى تعترضها،لانه اذا رفض دافعو الضرائب فى المانيا وفرنسا تقديم المساعدات المباشره لليونان وغيرها من الدول المهدده ،فانهم لن يمانعوا اذا قدمها صندوق النقد الاوروبى بطريقه غير مباشره حيث سيتم وضع سياسه عامه يتحرك الجميع من خلال اطارها.
وربما تدفعنا فكره انشاء صندوق نقد اوروبى الى الحديث عن الوحده السياسيه الاوروبيه التى اذا كانت موجوده –الآن- فى ظل الظروف الحاليه وهل كان من المفروض ان يكون الوضع معكوسا بمعنى ان يكون الاتحاد سياسيا قبل ان يكون نقديا ،على اعتبار ان تهيئه الشعوب للتنازل عن بعض او كل سيادتها مقابل الوحده لديه قدره وسرعه اتخاذ اجراء مساعده اليونان دون الحاجه الى تردد ؟؟؟
للاسف اكتشف الاوروبين مؤخرا ان الفساد الادارى والرغبه فى تحقيق طموحات زائفه والتمتع على حساب الاخرين دفعت اليونان الى اعلان عجز زائف فى الموازنه بأقل من 2% عام 1999 وهو الذى هيأها للانضمام حيث ان من الشروط الا يتجاوز عجز الموازنه 3% من الناتج الاجمالى المحلى، وتمتعت اليونان بمزايا الانضمام للاتحاد حيث القدره على بيع سندات خزينه بتكلفه اقل جراء الحصول على تصنيف ائتمانى عالى ومن ثم الاقتراض بلا خجل واعطاء مزايا وهميه من معاشات ومكافآت داخل القطاعات الحكوميه دون دوران حقيقى لعجله الاقتصاد.
ورغم كون اليونان صغيره الحجم نسبيا بالنسبه للاتحاد الاوروبى الا ن الم شوكتها فى ظهره استطاعت ان تكتشف ضعف اجزاء متعدده لاسبيل لاهمالها.
ورغم ان فكره انشاء صندوق نقد اوروبى تبدو فكره براقه وتعد بمثابه خطه "ردع "مستقبليه لاى ازمات مشابهه الا انها تطرح فى ذات الوقت سؤالا هاما يتعلق بالمدى الزمنى الذى ستستغرقه حتى ترى النور؟؟ وهل ستصمد جراح اليونان حتى ذلك الحين ؟؟؟ كل ذلك بغض النظر عن آليات عمل الصندوق ذاته.
الفكره جيده بلاشك لكن اليونان ومثيلاتها تحتاج الى العلاج اولا و من بعد يأتى صندوق النقد الاوروبى حتى لايضيع الوقت والمجهود وتتسع جراح اليونان النازفه من شرايين الاتحاد الاوروبى.
الفساد ينخر اقتصادهم ...