الادخار حزمٌ وانضباط

10/01/2020 0
عبدالله الجعيثن

تقول الحكمة العربية: (لا عقلَ كالتدبير).. والكلمة موجزة شاملة، لكن أوضح ما فيها (تدبير الأمور المالية) وهذا لا يتم بغير الادخار.. الذي يحرص على (الادخار) قدر الاستطاعة يتمتّع بعقل راجح، ويعرف مدى تقلبات الحياة، ومتغيرات الأمور، فيحرص على استباق تلك المتغيرات والتقلبات بحزم، وذلك بادخار أكثر ما يستطيع من دخله، كثُر ذلك الدخل أو قلّ، لأنه يعرف ببصيرته الثاقبة أنّ حاجته إلى المال سوف تزداد عاماً بعد عام، فالأولاد يزيدون، والمصاريف كذلك، والتضخم جزء من طبيعة العصر، وما لم يدّخر الإنسان لمستقبل الأيام فقد يُصاب بضائقات مالية، ويحتاج إلى القروض والديون، وهذا من أسوأ مايكون..
 
والتدبير المؤدي للإدخار، يعني (ترشيد الإنفاق)، وعدم الانسياق وراء الإعلانات، والبعد تماماً عن شراء ما لا يحتاجه فمن يشترِ ما لا يحتاج، قد يبيع ما يحتاج..
 
والادخار يُعوّد الإنسان على (الانضباظ) في الصرف، وفي العمل والدوام، ويجعله راجح العقل..
 
ومن أفضل الوسائل للادخار تخصيص مبلغ شهري للاستثمار في الأصول المتينة الراسخة الرابحة، ولو بمبالغ شهرية قليلة، فالقليل مع الزمن يصبح كثيراً، والله جلّ وجلاله يُبارك في أموال الراشدين، ولا يُحب المُبذرين المسرفين..
 
حين يُقارن العاقل بين المصاريف الضرورية التي كان مُلزماً بدفعها قبل سنوات قريبة، وبين المصاريف الضرورية الملزم بدفعها الآن، سوف يدرك عن يقين أنّ المصاريف تزداد، ولا حلّ لمواجهة هذا الازدياد الحتمي أو شبه الحتمي في المصاريف الواجبة، إلّا بالحزم والحرص على (الادخار)، ثم (استثمار) ما تمّ ادخاره في أصول تُدرّ دخلاً وتنمو، فذلك يجعل الإنسان يعيش في طمأنينة، بعيداً عن الحاجة، فضلاً عن الاستدانة، ويجعله أيضاً إنساناً مُنتجاً ومواطناً صالحاً، فالذي يُنتج أكثر ممّا يستهلك ينفع نفسه وأسرته ووطنه ويعيش سعيداً مطمئناً قرير العين، بإذن الله سبحانه وتعالى.

 

نقلا عن الرياض