أثناء مؤتمر مستقبل الاستثمار وزع المفكر الأمريكي الهندي الأصل Parag Khanna كتابه الأخير: المستقبل آسيوي، THE FUTURE IS ASIAN دائما هناك خيار، أما نشر مراجعة الكتاب في مقال واحد أو عرض الكتاب في أكثر من مقال، ربما لأنه ليس هناك ترجمة عربية للكتاب كما أعرف، فرأيت من الأفضل عرضه على مدى عدة أسابيع، خاصة أن هناك اهتماما وعلاقة بمادة الكتاب لدينا.
المفكر مهتم بالعلاقات الدولية وأستاذ زائر في جامعة لي كوان يو في سنغافورة وعضو في المجلس الاستشاري للاستخبارات الأمريكية. نجح المؤلف في مقدمة جمع فيها بين شرح خلفية التحول التاريخي من جهة والقاعدة البشرية والاقتصادية الضخمة، من جهة أخرى، خاصة أنه يطمح إلى إبراز الدور البشري والحضاري للآسيويين. وجدت الكتاب جيدا لأنه يمزج بين التاريخ والتطور البشري والحراك الاقتصادي والتحول الجيواستراتيجي، خاصة أبعاده الحضارية والاقتصادية.
التنبؤ بصعود آسيا يعود لما يقال: إن نابليون بونابرت علق على حال الصين قبل قرنين" دع الصين نائمة، فحين تفيق ستهز العالم"، وما ذكر الجنرال الألماني كارل هاوسهوفر في 1924عن "عصر المحيط الهادئ" المقبل.
آسيا ليست المحيط الهادئ لكن من شرق المتوسط إلى جزر المحيط الهادئ 53 دولة وخمسة مليارات ربعهم تقريبا في الصين. القرن الآسيوي يبدأ حين تكون المنظومة الآسيوية نظاما متكاملا حينه تكون المنظومة أكبر من الأجزاء المكونة لها. القرن الـ19 أوروبي والـ20 أمريكي والـ21 آسيوي. يرى الكاتب أن آسيا تاريخيا منظومة واحدة رغم الاختلافات العرقية والدينية وقيام وسقوط الإمبراطوريات، إلا أن التجارة والتلاقح الثقافي والهجرة جعل منها منظومة واحدة في تفكير ووجدان أهلها. فكتب التاريخ الغربية تعلم الطلاب عن الحضارة اليونانية والرومانية ثم تنتقل عادة إلى عصر النهضة الأوروبي دون اهتمام واضح بتاريخ الحضارات الشرقية في الصين والهند.
لذلك يبدأ الباب الأول بمراجعة لتاريخ الحضارات والإمبراطوريات بما في ذلك الحضارة الإسلامية قبل الميلاد إلى صعود الصين كأكبر اقتصاد في العالم قياسا على القيمة الشرائية للعملة وإرهاصات الأزمة الكورية الحالية ومحاولة الصين إعادة طريق الحرير وتأسيس البنك الآسيوي الاستثماري للبنى التحتية الذي أسهمت فيه المملكة. ربما بحكم الثقل السكاني والحضاري يمثل التبادل البوذي والكنفيوسي الهندي - الصيني وامتداد الحضارة الإسلامية قبل قيام الحضارة الأوروبية وصول الاستعمار الغربي إلى حجر الزاوية الذي جعل من آسيا منطقة ثقافية متجانسة في اختلاف عن الثقافة الغربية.
بداية آسيا الجديدة جاءت على أثر التراجع والتخلص من الاستعمار الغربي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية وبداية النهضة الاقتصادية عامة والصناعية خاصة، لكن الشرارة بدأت بعد هزيمة اليابان روسيا في 1905، فبدأ المثقف الياباني أوكورا تنشين يطالب بالوحدة الآسيوية بما في ذلك التعاون بين الصينيين والمسلمين. ونادى الشاعر الهندي طاغور بالرجوع إلى المبادئ والأعراف الآسيوية، حيث قابل المفكر الصيني ليانق قياشو الذي أبدى تحسرا حول دور المستعمر الأوروبي وكيف حد الاستعمار من التواصل التاريخي في آسيا. في الهند شرع غاندي في مقاومة سلمية نجحت في إنهاء الاستعمار. بدأت تركيا تحاول تقليد تجربة اليابان في بناء الثقة والتخلص من التبعية، وكذلك سعت إلى حراك ثقافي سياسي. في المقال المقبل سنتعامل مع نتائج الدروس والنتائج لآسيا والعالم، وفي الثالث سنستعرض البعد الاقتصادي.
المستقبل آسيوي «1»
نقلا عن الاقتصادية
موضوع هام وشيق ، حبذا تتوسع أكثر ، القرن الاسيوي لم يأخذ حقه من الاهتمام بسبب طغيان آلة ونفوذ الغرب
شكرا اخي الأميري. الهدف ان نقف على ما يقال خارج الدائرة الغربية. هذا العمود الاول عن الكتاب ، سوف انشر عمودين او ثلاثة في الأسابيع القليلة القادمه.
جميل جدا محاولة الخروج الى آفاق أوسع حيث المستقبل ، شكرا للكاتب والشكر موصول لأرقام .