شهد مطلع القرن الـ21 انهيار واحدة من كبريات شركات العالم، شركة إنرون، Enron ومع تلك الحادثة بدأ يظهر الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات Corporate Governance من أجل معالجة قضايا الفساد، وتضارب المصالح، وحقوق أصحاب المصالح. وتطورت مفاهيم الحوكمة خلال عقدين من الزمان بشكل سريع وكبير، وما زالت تجد الاهتمامين العلمي والبحثي من أجل المحافظة على الموارد وحقوق الملاك وتحقيق الاستدامة. وكان من نتاج ذلك الاهتمام بالمراجعة الداخلية Internal Auditing وإدارة المخاطر Risk Management والإفصاح والتقارير Disclosure & Reporting لمحاولة المحافظة على الكيانات الاقتصادية وتوسعها، وانتقل الاهتمام بالحوكمة ليشمل القطاعات الأخرى مثل القطاع العام Public Sector والقطاع غير الهادف للربح NPO.
في هذه الأثناء يعتقد كثيرون أنه بما وصلت إليه الحوكمة من اهتمام وتطور ستكون قادرة على درء الفساد أو حماية أصحاب المصالح من استغلال السلطة. لكن الحقيقة أنه مع ازدياد الوعي بالحوكمة وممارساتها؛ تزداد فعليا أدوات وممارسات التلاعب والاستغلال وممكنات الفساد ليظهر لنا أن وجود الأنظمة والتشريعات أحيانا ليس كافيا لمنع الفساد، وإنما الإفصاح والشفافية Disclosure & Transparency والمحاسبة والمساءلة Responsibility & Accountability من قبل أصحاب المصالح علانية ستكون هي أدوات الحماية الفاعلة وممكنات الحوكمة التي تحتاج إلى تنمية وتطوير بشكل مستدام.
في منتصف الأسبوع الفائت واجهت واحدة من كبريات الشركات في العالم "جنرال إلكتريك" General Electric ادعاءات تتسبب في حدوث كارثة مالية للشركة، مذكرة بما حدث لشركة الطاقة الكبرى "إنرون" عام 2000. جاءت هذه الادعاءات في تقرير نشره المحقق المالي هاري ماركوبولوس Harry Markopolos متحدثا عن حجم المشكلات التي يعتقد أنها سبب في الأزمات التي تعانيها "جنرال إلكتريك" الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية ما يقارب 79 مليار دولار، وأشار إلى أنه بعد أكثر من عام من التحقيقات، حلل فريقه جميع الأنشطة المحاسبية للشركة وخلص إلى أن هناك احتيالا ماليا يصل حجمه إلى 38 مليار دولار. جاء ذلك في تقرير أعده ماركوبولوس من 170 صفحة متناولا عديدا من التجاوزات والأخطاء المحاسبية التي ارتكبتها إدارة الشركة في سبيل تضليل المساهمين وأصحاب المصالح. وذكر التقرير أن الشركة تمتلك تاريخا طويلا من الاحتيال المحاسبي يعود إلى عام 1995 عندما كان يديرها جاك ويلش مشيرا إلى أن هذه المخالفات ستقود الشركة نحو الإفلاس لا محالة.
استجاب سهم الشركة لهذا التقرير وتعرض لهبوط بنسبة 11.3 في المائة يوم الخميس الماضي، وتلك أكبر خسارة في سعر السهم تواجهها الشركة منذ عام 2008. وأصدر لورنس كولب Lawrence Culp رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بيانا فند فيه ادعاءات المحقق المالي وذكر أنه كان من الممكن تصحيح هذه الادعاءات لو تواصل مع الشركة قبل نشر التقرير، متهما المحقق المالي أنه يسعى إلى تحقيق تقلبات سعرية لسهم الشركة يحقق من خلالها مع شريكه غير المعلن من صندوق التحوط أرباحا شخصية. كما أصدر ليزلي سيدمان Leslie Seidman مدير عام ورئيس لجنة المراجعة، الرئيس السابق لمجلس معايير المحاسبة المالية FASB بيانا ذكر فيه "أن تصريحات ماركوبولوس حول الممارسات المحاسبية لشركة GE ليست دقيقة. ويحتوي التقرير على عديد من التفسيرات المتعلقة بالمتطلبات المحاسبية الفعلية، وذلك يجعل استنتاجاته موضع تساؤل في أحسن الأحوال.
تخضع "جنرال إلكتريك" حاليا للتحقيق من جانب وزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكيتين؛ بسبب مخالفات محاسبية محتملة تشمل 22 مليار دولار حصلت عليها الشركة في الربع الثالث بعد عمليات استحواذ في قطاع الطاقة. وكانت الشركة قد أقالت جون فلانيري المدير التنفيذي السابق عام 2018 بعد 12 شهرا فقط من توليه المنصب وخلفه كولب فيما تعاني الشركة تراجعا لسهمها حتى خرج من مؤشر داو جونز صيف العام الماضي. وبدأت السلطات في عمليات التحقق من صحة التقرير الذي سلمه ماركوبولوس للتأكد من صحة المعلومات والقيام بتحقيقات أخرى قبل اتخاذ قرارات.
الأيام المقبلة ستكشف لنا ماذا يحدث في واحدة من أضخم الشركات في العالم، وكيف أن ممارسات وآليات الحوكمة لم تصل إلى درجة من التوكيد للمحافظة على حقوق أصحاب المصالح. وقد تكون هذه الحالة إنذارا لعديد من الشركات في العالم لتصحيح وضعها متى ما أرادت الاستمرار.
نقلا عن الاقتصادية
في هذه الأثناء يعتقد كثيرون أنه بما وصلت إليه الحوكمة من اهتمام وتطور ستكون قادرة على درء الفساد أو حماية أصحاب المصالح من استغلال السلطة. لكن الحقيقة أنه مع ازدياد الوعي بالحوكمة وممارساتها؛ تزداد فعليا أدوات وممارسات التلاعب والاستغلال وممكنات الفساد ليظهر لنا أن وجود الأنظمة والتشريعات أحيانا ليس كافيا لمنع الفساد، وإنما الإفصاح والشفافية Disclosure & Transparency والمحاسبة والمساءلة Responsibility & Accountability من قبل أصحاب المصالح علانية ستكون هي أدوات الحماية الفاعلة وممكنات الحوكمة التي تحتاج إلى تنمية وتطوير بشكل مستدام.
في منتصف الأسبوع الفائت واجهت واحدة من كبريات الشركات في العالم "جنرال إلكتريك" General Electric ادعاءات تتسبب في حدوث كارثة مالية للشركة، مذكرة بما حدث لشركة الطاقة الكبرى "إنرون" عام 2000. جاءت هذه الادعاءات في تقرير نشره المحقق المالي هاري ماركوبولوس Harry Markopolos متحدثا عن حجم المشكلات التي يعتقد أنها سبب في الأزمات التي تعانيها "جنرال إلكتريك" الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية ما يقارب 79 مليار دولار، وأشار إلى أنه بعد أكثر من عام من التحقيقات، حلل فريقه جميع الأنشطة المحاسبية للشركة وخلص إلى أن هناك احتيالا ماليا يصل حجمه إلى 38 مليار دولار. جاء ذلك في تقرير أعده ماركوبولوس من 170 صفحة متناولا عديدا من التجاوزات والأخطاء المحاسبية التي ارتكبتها إدارة الشركة في سبيل تضليل المساهمين وأصحاب المصالح. وذكر التقرير أن الشركة تمتلك تاريخا طويلا من الاحتيال المحاسبي يعود إلى عام 1995 عندما كان يديرها جاك ويلش مشيرا إلى أن هذه المخالفات ستقود الشركة نحو الإفلاس لا محالة.
استجاب سهم الشركة لهذا التقرير وتعرض لهبوط بنسبة 11.3 في المائة يوم الخميس الماضي، وتلك أكبر خسارة في سعر السهم تواجهها الشركة منذ عام 2008. وأصدر لورنس كولب Lawrence Culp رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بيانا فند فيه ادعاءات المحقق المالي وذكر أنه كان من الممكن تصحيح هذه الادعاءات لو تواصل مع الشركة قبل نشر التقرير، متهما المحقق المالي أنه يسعى إلى تحقيق تقلبات سعرية لسهم الشركة يحقق من خلالها مع شريكه غير المعلن من صندوق التحوط أرباحا شخصية. كما أصدر ليزلي سيدمان Leslie Seidman مدير عام ورئيس لجنة المراجعة، الرئيس السابق لمجلس معايير المحاسبة المالية FASB بيانا ذكر فيه "أن تصريحات ماركوبولوس حول الممارسات المحاسبية لشركة GE ليست دقيقة. ويحتوي التقرير على عديد من التفسيرات المتعلقة بالمتطلبات المحاسبية الفعلية، وذلك يجعل استنتاجاته موضع تساؤل في أحسن الأحوال.
تخضع "جنرال إلكتريك" حاليا للتحقيق من جانب وزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكيتين؛ بسبب مخالفات محاسبية محتملة تشمل 22 مليار دولار حصلت عليها الشركة في الربع الثالث بعد عمليات استحواذ في قطاع الطاقة. وكانت الشركة قد أقالت جون فلانيري المدير التنفيذي السابق عام 2018 بعد 12 شهرا فقط من توليه المنصب وخلفه كولب فيما تعاني الشركة تراجعا لسهمها حتى خرج من مؤشر داو جونز صيف العام الماضي. وبدأت السلطات في عمليات التحقق من صحة التقرير الذي سلمه ماركوبولوس للتأكد من صحة المعلومات والقيام بتحقيقات أخرى قبل اتخاذ قرارات.
الأيام المقبلة ستكشف لنا ماذا يحدث في واحدة من أضخم الشركات في العالم، وكيف أن ممارسات وآليات الحوكمة لم تصل إلى درجة من التوكيد للمحافظة على حقوق أصحاب المصالح. وقد تكون هذه الحالة إنذارا لعديد من الشركات في العالم لتصحيح وضعها متى ما أرادت الاستمرار.
نقلا عن الاقتصادية