تحددت أمام القطاع الخاص أكبر أربعة تحديات؛ (1) التستر التجاري (2) تشوهات السوق العقارية (3) سيطرة العمالة الوافدة على وظائفها (4) اعتماد القطاع الخاص المفرط على الإنفاق والتحفيز الحكومي. وهي التحديات الجسيمة التي تقف في طريقه كعوائق كأداء، حدت من نموه وتوسعه وتنوعه، وحدت أيضا من زيادة مساهمته في النمو الاقتصادي الكلي، إضافة إلى الحد من زيادة مساهمته في توظيف المواطنين والمواطنات.
تبلورت تلك التحديات مما سبق الحديث عنه في المقالات الأخيرة، حول البطالة ودور القطاع الخاص في الحد منها، وكيف أن التحديين الأول والثاني وقع القطاع الخاص ضحية لهما، فيما وُجد القطاع الخاص هو الجاني فيما يتعلق بالتحديين الثالث والرابع. وأصبح الطريق ممهدا لصعود القطاع الخاص نحو المنصة التي تؤهله للوفاء بالمتطلبات الملقاة على كاهله، ومنها نجاحه في الحد من البطالة بين صفوف المواطنين والمواطنات، فتبادر الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بسرعة التدخل في القضاء على التحديين الأول والثاني "التستر التجاري، تشوهات السوق العقارية"، فيما تقع مسؤولية معالجة التحديين الثالث والرابع "سيطرة العمالة الوافدة، الاعتماد المفرط على الحكومة" على كاهل منشآت القطاع الخاص نفسها، وهو ما تم استعراضه بشكل عام وملخص خلال ما تقدم من مقالات أخيرة سبقت هذا المقال، أبدأ الحديث هنا عن تلك التحديات بمزيد من التوسع ابتداء بالتحدي الأول "التستر التجاري".
هذا الداء العضال الذي تسبب وجوده وتغلغله في بيئة الأعمال المحلية في القضاء على أبسط درجات المنافسة، وتشكل كخصم لدود تسبب في طرد المنشآت الوطنية من السوق، أو بتقليص حصصها السوقية، متسببا في تآكل الحصص السوقية للمنشآت الوطنية، ومن ثم انخفاض معدلات الربحية، في الوقت ذاته الذي تمتعت المنشآت القائمة على التستر والغش التجاريين بكثير من المرونة.
ويؤمل مع بدء تطبيق البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، أن يتحول كل ذلك عكسيا لمصلحة المنشآت الوطنية، والمتوقع مع التقدم الناجح والجاد لمهام البرنامج أن تتساقط المنشآت المخالفة بالمئات منها، ويفتح بدوره فرصا واعدة أمام المنشآت الوطنية الملتزمة، وقناة إيجابية لزيادة التدفقات الداخلة عليها بعشرات المليارات، بعد أن كانت تذهب دون وجه حق إلى منشآت مخالفة قلبا وقالبا.
ثبت لدى الجميع دون استثناء، كيف تسبب التستر التجاري عبر عقود طويلة مضت، تحول خلالها تحت إهمال وقصور مراقبته ومحاربته، من مجرد ممارسات مخالفة هامشية وصغيرة، إلى أن أصبح وحشا ماردا يمتص خيرات البلاد والعباد، ظن كثيرون أنها تقف فقط عند مجرد رصد تحويلات العمالة الوافدة إلى خارج الحدود، التي وصل مجموعها خلال 20 سنة مضت "1999 – 2018" إلى أعلى من 1.7 تريليون ريال! مع بقاء عديد من الشكوك في الاحتمالات الأخرى لتحويل تلك المكاسب غير المشروعة للتستر التجاري، وهو ما سبق الحديث عنه سابقا من أن التقديرات في خصوص الأحجام الأكبر من تحويلات جرائم التستر التجاري على المستوى الأكبر، ممثلا في سيطرتها الكبرى على كيانات تجارية وخدمية وصناعية، تذهب بعيدا إلى نحو ثلاثة أضعاف تلك المبالغ المحولة عبر بوابة تحويلات العمالة الوافدة، وصولا إلى أعلى من 4.3 تريليون ريال خلال الفترة السابقة نفسها!
هذا الحجم الهائل من الأموال المتسربة من الاقتصاد الوطني، لا يكشف فقط خسارة اقتصادنا الوطني لثروات طائلة فقط من خيراته ومكتسباته، بل يكشف أيضا عن أحجام هائلة أكبر من الفرص المحلية للاستثمار، التي ابتلعها وحش التستر التجاري، وسلبها في الوقت ذاته من المنشآت الوطنية، وتسبب في تشويه البيئة المحلية للاستثمار ونشاطات القطاع الخاص، وحرم مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات منها، سواء من خلال حرمانهم من استثمار تلك الفرص، والتوسع فيها وتحقيق القيمة المضافة من خلالها للاقتصاد الوطني، أو من خلال حرمانهم من مئات الآلاف من الوظائف المجدية بالنسبة لهم على المستويات كافة!
يوما بعد يوم تحت جهود البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، سنكتشف مع كل مرحلة يتم التقدم فيها من التقصي، أننا كنا جميعا لا القطاع الخاص فحسب أمام "وحش" لا يتوقف تعاظم خطره على الاقتصاد الوطني والمجتمع، والتنمية بوجه عام، بدءا من زيادة سيطرته على فرص الاستثمار والتوظيف محليا، وتسببه في طرد الأموال الوطنية الباحثة عن فرص استثمارية محلية، مضافا إليه حرمان الموارد البشرية الوطنية من التوظيف والحصول على مصادر دخل كريمة ومجزية، مرورا بتورط "التستر التجاري" في غزو الأسواق المحلية بأسوأ المنتجات والخدمات المغشوشة، وما يترتب عليها من آثار صحية وبيئية وخيمة جدا، إضافة إلى تسببها في طرد البضائع والخدمات الجيدة لانعدام المنافسة، ولا تقف عند هذا الحد، بل تمتد حتى إلى طرد وتوقف نشاط المنشآت المنافسة لها، وتنتهي بتحويل المليارات من الأموال بالعملات الأجنبية إلى خارج الحدود، التي تعتمد في ذلك على أساليب وطرق بالغة التعقيد في عالم الاحتيال والتهرب.
ختاما؛ سيكفل نجاح البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري بتوفيق الله في هذا الجانب الأكثر أهمية، قضاء أقرب إلى الكمال على أحد أخطر تحديات الاقتصاد الوطني، المتمثل في "التستر التجاري"، وهو المنجز الذي سيترجم بدرجة كبيرة جدا نجاح البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، وهي الجهود الكبيرة التي يؤمل من أعضاء البرنامج كافة من الأجهزة الحكومية، أن تبادر بها على وجه السرعة قبل غيرها من بقية الجهود، التي تظل مهمة أيضا، لكنها لا ولن تصل إلى أهمية اقتحام خفايا هذا الجانب المعتم من جوانب محاربتنا جميعا لوحش "التستر التجاري". والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
تبلورت تلك التحديات مما سبق الحديث عنه في المقالات الأخيرة، حول البطالة ودور القطاع الخاص في الحد منها، وكيف أن التحديين الأول والثاني وقع القطاع الخاص ضحية لهما، فيما وُجد القطاع الخاص هو الجاني فيما يتعلق بالتحديين الثالث والرابع. وأصبح الطريق ممهدا لصعود القطاع الخاص نحو المنصة التي تؤهله للوفاء بالمتطلبات الملقاة على كاهله، ومنها نجاحه في الحد من البطالة بين صفوف المواطنين والمواطنات، فتبادر الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بسرعة التدخل في القضاء على التحديين الأول والثاني "التستر التجاري، تشوهات السوق العقارية"، فيما تقع مسؤولية معالجة التحديين الثالث والرابع "سيطرة العمالة الوافدة، الاعتماد المفرط على الحكومة" على كاهل منشآت القطاع الخاص نفسها، وهو ما تم استعراضه بشكل عام وملخص خلال ما تقدم من مقالات أخيرة سبقت هذا المقال، أبدأ الحديث هنا عن تلك التحديات بمزيد من التوسع ابتداء بالتحدي الأول "التستر التجاري".
هذا الداء العضال الذي تسبب وجوده وتغلغله في بيئة الأعمال المحلية في القضاء على أبسط درجات المنافسة، وتشكل كخصم لدود تسبب في طرد المنشآت الوطنية من السوق، أو بتقليص حصصها السوقية، متسببا في تآكل الحصص السوقية للمنشآت الوطنية، ومن ثم انخفاض معدلات الربحية، في الوقت ذاته الذي تمتعت المنشآت القائمة على التستر والغش التجاريين بكثير من المرونة.
ويؤمل مع بدء تطبيق البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، أن يتحول كل ذلك عكسيا لمصلحة المنشآت الوطنية، والمتوقع مع التقدم الناجح والجاد لمهام البرنامج أن تتساقط المنشآت المخالفة بالمئات منها، ويفتح بدوره فرصا واعدة أمام المنشآت الوطنية الملتزمة، وقناة إيجابية لزيادة التدفقات الداخلة عليها بعشرات المليارات، بعد أن كانت تذهب دون وجه حق إلى منشآت مخالفة قلبا وقالبا.
ثبت لدى الجميع دون استثناء، كيف تسبب التستر التجاري عبر عقود طويلة مضت، تحول خلالها تحت إهمال وقصور مراقبته ومحاربته، من مجرد ممارسات مخالفة هامشية وصغيرة، إلى أن أصبح وحشا ماردا يمتص خيرات البلاد والعباد، ظن كثيرون أنها تقف فقط عند مجرد رصد تحويلات العمالة الوافدة إلى خارج الحدود، التي وصل مجموعها خلال 20 سنة مضت "1999 – 2018" إلى أعلى من 1.7 تريليون ريال! مع بقاء عديد من الشكوك في الاحتمالات الأخرى لتحويل تلك المكاسب غير المشروعة للتستر التجاري، وهو ما سبق الحديث عنه سابقا من أن التقديرات في خصوص الأحجام الأكبر من تحويلات جرائم التستر التجاري على المستوى الأكبر، ممثلا في سيطرتها الكبرى على كيانات تجارية وخدمية وصناعية، تذهب بعيدا إلى نحو ثلاثة أضعاف تلك المبالغ المحولة عبر بوابة تحويلات العمالة الوافدة، وصولا إلى أعلى من 4.3 تريليون ريال خلال الفترة السابقة نفسها!
هذا الحجم الهائل من الأموال المتسربة من الاقتصاد الوطني، لا يكشف فقط خسارة اقتصادنا الوطني لثروات طائلة فقط من خيراته ومكتسباته، بل يكشف أيضا عن أحجام هائلة أكبر من الفرص المحلية للاستثمار، التي ابتلعها وحش التستر التجاري، وسلبها في الوقت ذاته من المنشآت الوطنية، وتسبب في تشويه البيئة المحلية للاستثمار ونشاطات القطاع الخاص، وحرم مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات منها، سواء من خلال حرمانهم من استثمار تلك الفرص، والتوسع فيها وتحقيق القيمة المضافة من خلالها للاقتصاد الوطني، أو من خلال حرمانهم من مئات الآلاف من الوظائف المجدية بالنسبة لهم على المستويات كافة!
يوما بعد يوم تحت جهود البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، سنكتشف مع كل مرحلة يتم التقدم فيها من التقصي، أننا كنا جميعا لا القطاع الخاص فحسب أمام "وحش" لا يتوقف تعاظم خطره على الاقتصاد الوطني والمجتمع، والتنمية بوجه عام، بدءا من زيادة سيطرته على فرص الاستثمار والتوظيف محليا، وتسببه في طرد الأموال الوطنية الباحثة عن فرص استثمارية محلية، مضافا إليه حرمان الموارد البشرية الوطنية من التوظيف والحصول على مصادر دخل كريمة ومجزية، مرورا بتورط "التستر التجاري" في غزو الأسواق المحلية بأسوأ المنتجات والخدمات المغشوشة، وما يترتب عليها من آثار صحية وبيئية وخيمة جدا، إضافة إلى تسببها في طرد البضائع والخدمات الجيدة لانعدام المنافسة، ولا تقف عند هذا الحد، بل تمتد حتى إلى طرد وتوقف نشاط المنشآت المنافسة لها، وتنتهي بتحويل المليارات من الأموال بالعملات الأجنبية إلى خارج الحدود، التي تعتمد في ذلك على أساليب وطرق بالغة التعقيد في عالم الاحتيال والتهرب.
ختاما؛ سيكفل نجاح البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري بتوفيق الله في هذا الجانب الأكثر أهمية، قضاء أقرب إلى الكمال على أحد أخطر تحديات الاقتصاد الوطني، المتمثل في "التستر التجاري"، وهو المنجز الذي سيترجم بدرجة كبيرة جدا نجاح البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، وهي الجهود الكبيرة التي يؤمل من أعضاء البرنامج كافة من الأجهزة الحكومية، أن تبادر بها على وجه السرعة قبل غيرها من بقية الجهود، التي تظل مهمة أيضا، لكنها لا ولن تصل إلى أهمية اقتحام خفايا هذا الجانب المعتم من جوانب محاربتنا جميعا لوحش "التستر التجاري". والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير للجميع اشكرك استاذ عبدالحميد على جهودك الرائعة في تسخير قلمك لمحاربة دأ التستر التجاري ودأ البطالة وتغلل العمالة الوافدة او امتناع اصحاب المنشآت في توظيف أبناء الوطن واكبر المسبب لاغلب المشاكل الاقتصادية في البلد المسبب الرئيسي هو (التستر التجاري) نتمنى محاربته بكل قوة من الأجهزة المعنية. وشكراً..
للأسف عنوان مخادع .... عندما تقرأ العنوان تشعر وكأنك ستجد خطط ممنهجة أو على الأقل أفكار تستحق الدراسة عن كيفية القضاء على التستر التجاري ... ولكن المقال هو مجرد استعراض لكلام انشائي عن التستر التجاري .. الوحش المارد المتغول .... لا يوجد أي دراسة حتى عن حجم هذا الوحش الاسطوري ومدى تأثيره على الاقتصاد .... لا يوجد بالمقال سوى رقم واحد وهو 1.7 تريليون ريال وهو ما يمثل تحويلات العاملين للخارج أي يغطي التستر التجاري والعمالة الاجنبية وأعتقد أنه سيتم اعادة استخدام نفس الرقم عند الحديث عن العمالة الاجنبية .... حتى الرقم الآخر يظل مجرد تكهنات .... لست ضد القضاء على التستر ولكن ضد إعادة تكرار أخطاء الماضي وتوجع نتيجة مخالفة ,,, المقال هو مجرد إضافة جديدة لمئات أو ألوف المقالات الانشائية السابقة التي كما أكد هذا المقال نفسه أنها لم تغنى عن جوع ولم تحل مشكلة .... إن لم تستطيع أن تقدم حلول فلتكتفي بأن تتصنع أنك مهتم
التستر التجاري داء وبيل ومرض خطير اصاب كل مفاصل الاقتصاد الوطني وهذا الداء عمره اكثر من خمسين عاما منذ اواخر الستينات الميلاديه من القرن الماضي عندما بدأ تأسيس القطاع الخاص والذي صممه وهيكله واسسه هم الوافدين وعلى مقاسهم !!... رواتب ضعيفه ووظائف غير مستقره وغير آمنه !!... تناسب اشخاص ( رحل ) الوطن ليس وطنهم والارض ليست ارضهم !!.. وتم الحاق السعودي في وقت متأخر جدا بهذا القطاع وطلب منه ان ينافس المالك والمؤسس لهذا القطاع !!... يعني على السعودي ان تجتمع فيه المستحيلات السبعه !!.. مرض عضال عمره اكثر من خمسين عاما لن يتم علاجه في سنه ولا ثلاث ولا خمس !!
كنا في السابق نتميز بعدم وجود ضرائب في بلدنا الحبيب. وكان إخواننا من المسلمين يأتون لبلدنا حتى يعينونا في بعض مهامنا التي نتردد بالعمل فيها بحكم ثقافة المجتمع. كما احب ان اذكر بأن الله واسع الرزق جل في علاه.