في الوقت الذي يطالب خلاله القطاع الخاص أكثر من غيره، بضرورة استمرار وزيادة تحفيزه من قبل الأجهزة الحكومية، وضرورة تخفيف الأعباء المالية على كاهله، وبوضع السياسات والإجراءات التي تجعله في منأى عن تحمل أي تكاليف أو مهام إضافية، تجده أيضا يطالب بمزيد من التمكين والمساحة الأكبر على مستوى زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني، وهي المطالب التي لو تم الغوص في خفاياها كثيرا، لوجد كثير من التضارب أو عدم الاتفاق في طريق تحقيق تلك المطالب. لعل من أهم أدوات الدعم التي دائما ما تلح منشآت القطاع الخاص عليها، هو زيادة الإنفاق الحكومي "تحديدا الرأسمالي"، التي تصب في نهاية تدفقاتها في خزائن القطاع الخاص، وهو بالتأكيد أحد أهم مصادر النمو والأرباح بالنسبة لمنشآت القطاع الخاص، فخلال الفترات الزمنية التي لم تنخفض فيها نسبة الإنفاق الرأسمالي الحكومي عن 4 إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 وما قبله، كان النمو الحقيقي للقطاع الخاص لا يقل ربعيا عن معدل 3 في المائة، وخلال الفترات التي وصل إليها الإنفاق الحكومي الرأسمالي إلى معدلات فاقت 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كانت معدلات النمو الحقيقي للقطاع الخاص تراوح بين 7 و10.5 في المائة سنويا.
إلا أن استمرار تلك المعدلات من الإنفاق الحكومي على المشروعات، في ظل الأوضاع المالية الراهنة والمستويات المتقلبة لأسعار النفط عالميا، عدا ارتفاع الاحتياجات التنموية الأخرى اللازمة الإنفاق، وضرورة المحافظة على تحقيق أهداف برنامج التوازن المالي، عدا ما هو مرتبط بصورة أشمل ببرامج الإصلاح الشاملة للاقتصاد الوطني، والمهام الواسعة التي تستهدف التحول بالاقتصاد الوطني نحو الاعتماد بشكل أكثر استقلالية عن دخل النفط، ووضعه في مسار أكثر موثوقية من حيث زيادة اعتماده على الإنتاج وتنوع قاعدته المحلية، وغيرها من الغايات والطموحات العالية، أصبح أمرا غير ممكن الحدوث وغير ممكن استمراره وديمومته إلى ما لا نهاية، بعد ثبوته بالتجربة الطويلة، أنه سينتهي إلى نهاية غير محمودة العواقب على الإطلاق، تنتهي إليه الميزانية العامة إلى استنزاف كامل احتياطياتها، وعجزها عن تعويض التدفقات الداخلة عليها من أي مصدر آخر خلاف تدفقات دخل النفط، خاصة في ظل المطالبات الأخرى للقطاع الخاص بضرورة خفض الالتزامات المالية على كاهلها. تقتضي الفترة الراهنة "فترة الإصلاحات"، أن يقوم كل طرف بتحمل جزء من التحديات، فلا الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من التحديات، مقابل عدم تحمل القطاع الخاص أي جزء أو الجزء الأقل وزنا، والعكس أيضا صحيح؛ ألا يتحمل القطاع الخاص الجزء الأكبر مقابل عدم تحمل الحكومة لأي أعباء!
هذه نظريا فكرة مقبولة من الجميع، إنما الخلاف على تطبيقها على أرض الواقع، وكيفية الوصول إلى الميزان الأكثر عدالة وقبولا من الأطراف كافة، ولعل فتح قنوات الاتصال والمشاركة المستمرة بين كل من الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، سيكون بكل تأكيد أحد أهم وأفضل الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها. إننا أمام تحديات تنموية عديدة يجب تجاوزها يدا بيد، وأمام طموحات وأهداف منها القريب الممكن تحقيقه، ومنها ما هو أبعد من ذلك، إما في مرمى عامين قادمين أو أكثر من ذلك، أهدافها النهائية أن يقف اقتصادنا الوطني على أرض أكثر صلابة، وأكثر استقرارا، والمؤمل أيضا أننا حتى أثناء شق هذا الطريق الطويل من الإصلاحات والتطوير الشامل، يتعين على الجميع أن يسهم بكل ما يمكن في اتجاه خفض معدلات البطالة بين صفوف المواطنين والمواطنات، والعمل أيضا على إخفات جذوة عديد من التحديات التنموية السابقة التي لا تزال قائمة حتى تاريخه، كمشكلة تملك المساكن الواقعة فيها شرائح واسعة من أفراد المجتمع وأسرهم، والصعوبات الكأداء التي يواجهها أصحاب الأعمال الناشئة "أنصح بقراءة مقال: لا تدعموا المنشآت الصغيرة والمتوسطة للدكتور محمد آل عباس، المنشور في عدد "الاقتصادية" يوم السبت 15 كانون الأول (ديسمبر) 2018"، والتركيز وفقا لما سطره الكاتب في مقاله الرائع، على تسهيل حصول منشآت القطاع الخاص على التمويل اللازم من القطاع التمويلي، وإلغاء فكرة استمرار الدعم والتمويل من الحكومة.
إنني على يقين أننا جميعا نتفق على أن الإفراط في استنزاف مواردنا الناضبة، وتسخيرها في اتجاه دعم غير مدروس وغير مضبوط لأي طرف من الأطراف، وأن يأتي ذلك أيضا على حساب الإخلال بالتوازن المالي أو استنزاف احتياطاتنا المالية أو تأخير تحقيق أهداف الإصلاح الاقتصادي الشامل أو غيره من مقدرات البلاد والعباد، أنه سيكون قرارا خاطئا ومجحفا في حق الجميع بنهاية الأمر، وأنه طريق نرى جميعا نهايته المسدودة تماما، سنفتقر عند نهايتها إلى أي خيارات متاحة أمامنا كما هو اليوم. نعم لنقم جميعا بتحفيز الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع الخاص على وجه الخصوص، كونه الجزء الأكثر إنتاجية مقارنة ببقية قطاعات الاقتصاد، لكن إلى الحد الذي لا نتجاوز عنده الإخلال ببقية الأهداف والبرامج والإصلاحات، ودون التسبب في ديمومة ما نستهدف جميعا الخلاص منه، من ركون دائم ومستمر ممثلا في الاعتماد المفرط على دخل النفط، ومن ديمومة التشوهات الهيكلية، كالاحتكار أو المضاربة أو التستر التجاري أو الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة، وغير ذلك من الاختلالات. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
إلا أن استمرار تلك المعدلات من الإنفاق الحكومي على المشروعات، في ظل الأوضاع المالية الراهنة والمستويات المتقلبة لأسعار النفط عالميا، عدا ارتفاع الاحتياجات التنموية الأخرى اللازمة الإنفاق، وضرورة المحافظة على تحقيق أهداف برنامج التوازن المالي، عدا ما هو مرتبط بصورة أشمل ببرامج الإصلاح الشاملة للاقتصاد الوطني، والمهام الواسعة التي تستهدف التحول بالاقتصاد الوطني نحو الاعتماد بشكل أكثر استقلالية عن دخل النفط، ووضعه في مسار أكثر موثوقية من حيث زيادة اعتماده على الإنتاج وتنوع قاعدته المحلية، وغيرها من الغايات والطموحات العالية، أصبح أمرا غير ممكن الحدوث وغير ممكن استمراره وديمومته إلى ما لا نهاية، بعد ثبوته بالتجربة الطويلة، أنه سينتهي إلى نهاية غير محمودة العواقب على الإطلاق، تنتهي إليه الميزانية العامة إلى استنزاف كامل احتياطياتها، وعجزها عن تعويض التدفقات الداخلة عليها من أي مصدر آخر خلاف تدفقات دخل النفط، خاصة في ظل المطالبات الأخرى للقطاع الخاص بضرورة خفض الالتزامات المالية على كاهلها. تقتضي الفترة الراهنة "فترة الإصلاحات"، أن يقوم كل طرف بتحمل جزء من التحديات، فلا الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من التحديات، مقابل عدم تحمل القطاع الخاص أي جزء أو الجزء الأقل وزنا، والعكس أيضا صحيح؛ ألا يتحمل القطاع الخاص الجزء الأكبر مقابل عدم تحمل الحكومة لأي أعباء!
هذه نظريا فكرة مقبولة من الجميع، إنما الخلاف على تطبيقها على أرض الواقع، وكيفية الوصول إلى الميزان الأكثر عدالة وقبولا من الأطراف كافة، ولعل فتح قنوات الاتصال والمشاركة المستمرة بين كل من الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، سيكون بكل تأكيد أحد أهم وأفضل الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها. إننا أمام تحديات تنموية عديدة يجب تجاوزها يدا بيد، وأمام طموحات وأهداف منها القريب الممكن تحقيقه، ومنها ما هو أبعد من ذلك، إما في مرمى عامين قادمين أو أكثر من ذلك، أهدافها النهائية أن يقف اقتصادنا الوطني على أرض أكثر صلابة، وأكثر استقرارا، والمؤمل أيضا أننا حتى أثناء شق هذا الطريق الطويل من الإصلاحات والتطوير الشامل، يتعين على الجميع أن يسهم بكل ما يمكن في اتجاه خفض معدلات البطالة بين صفوف المواطنين والمواطنات، والعمل أيضا على إخفات جذوة عديد من التحديات التنموية السابقة التي لا تزال قائمة حتى تاريخه، كمشكلة تملك المساكن الواقعة فيها شرائح واسعة من أفراد المجتمع وأسرهم، والصعوبات الكأداء التي يواجهها أصحاب الأعمال الناشئة "أنصح بقراءة مقال: لا تدعموا المنشآت الصغيرة والمتوسطة للدكتور محمد آل عباس، المنشور في عدد "الاقتصادية" يوم السبت 15 كانون الأول (ديسمبر) 2018"، والتركيز وفقا لما سطره الكاتب في مقاله الرائع، على تسهيل حصول منشآت القطاع الخاص على التمويل اللازم من القطاع التمويلي، وإلغاء فكرة استمرار الدعم والتمويل من الحكومة.
إنني على يقين أننا جميعا نتفق على أن الإفراط في استنزاف مواردنا الناضبة، وتسخيرها في اتجاه دعم غير مدروس وغير مضبوط لأي طرف من الأطراف، وأن يأتي ذلك أيضا على حساب الإخلال بالتوازن المالي أو استنزاف احتياطاتنا المالية أو تأخير تحقيق أهداف الإصلاح الاقتصادي الشامل أو غيره من مقدرات البلاد والعباد، أنه سيكون قرارا خاطئا ومجحفا في حق الجميع بنهاية الأمر، وأنه طريق نرى جميعا نهايته المسدودة تماما، سنفتقر عند نهايتها إلى أي خيارات متاحة أمامنا كما هو اليوم. نعم لنقم جميعا بتحفيز الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع الخاص على وجه الخصوص، كونه الجزء الأكثر إنتاجية مقارنة ببقية قطاعات الاقتصاد، لكن إلى الحد الذي لا نتجاوز عنده الإخلال ببقية الأهداف والبرامج والإصلاحات، ودون التسبب في ديمومة ما نستهدف جميعا الخلاص منه، من ركون دائم ومستمر ممثلا في الاعتماد المفرط على دخل النفط، ومن ديمومة التشوهات الهيكلية، كالاحتكار أو المضاربة أو التستر التجاري أو الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة، وغير ذلك من الاختلالات. والله ولي التوفيق.
نقلا عن الاقتصادية
حلوة الصورة مع المايك. ما شاء الله كأنك تتكلم مع كائنات فضائية و تحاول تساعدنا نحن الكائنات الطبيعية ذات القدرات المحدودة بعلمك المستفيض.
للأسف وضعنا الاقتصادي في اسوأ احواله من سنوات وذلك من حيث انخفاض الاحتياطيات وارتفاع الديون وانخفاض اداء القطاع الخاص بسبب التقشف والضرائب والرسوم وانخفاض ارباح الشركات وارتفاع البطالة وكل هذا بسبب تصدي المتردية والنطيحة من كتاب المقالات لقضايا الاقتصاد الكبرى