ليس صحياً استمرار الضغط المتزايد وارتفاع حجم الطلب على الخدمات في المدن الكبرى بالمملكة، فتركز الخدمات ومواطن القوى الاقتصادية المولدة للوظائف والأعمال سيزيد من معدلات الهجرة والكثافة السكانية على تلك المدن، وستكون له سلبيات كثيرة في جانب جودة الخدمات وكفاءتها، ناهيك عن التأثير السلبي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لاسيما في زيادة مستويات التضخم وارتفاع الأسعار.
واقع الحال في المدن الكبرى يستدعي التوجه نحو تحفيز إقامة الضواحي السكنية لتساعد في تخفيف الضغط التنموي والسكاني وتعزيز وتطبيق اللامركزية في التنمية الحضرية وتكوين بيئة عمرانية مستدامة تتمتع بمستوى عالٍ من الخدمات والإسكان والمرافق العامة، وبالتالي معالجة المشكلات المتولدة عن تزايد الضغط التنموي والتشغيلي الكبير للخدمات والتكدس السكاني وإيجاد الحلول المناسبة لقضايا الإسكان وتوفير الوظائف في تلك الضواحي من خلال تكوين قواعد اقتصادية تقوم عليها.
الكثير من التجارب الدولية والإقليمية أثبتت نجاحاً في التوجه نحو إنشاء مدن الضواحي بعد حصول زيادة سكانية كبيرة في مدنها الرئيسة، حتى وصلت بعض المدن لدرجة عالية من عدم القدرة على استيعاب تلك الزيادة السكانية التي تحتاج مساحات للسكن ومشروعات اقتصادية جديدة توفر وظائف للسكان، فكان التوجه نحو إنشاء الضواحي الجديدة ووضع المحفزات لذلك والشراكة مع القطاع الخاص والمطورين للاستثمار في إنشائها وارتكزت قصة نجاح الضواحي المميزة على مستوى العالم في تحديد الدور الوظيفي والاقتصادي بحيث تشمل وضع الأنشطة والقطاعات التي تتوافق مع مزاياها المكانية كالصناعة والتجارة والسياحة وبالتالي القدرة على توليد فرص العمل داخل الضاحية والتكامل مع حاجة السكان، وربطها بالمدن الرئيسة من خلال وسائط النقل العام وسكك الحديد، بالإضافة إلى ضمان تقديم التسهيلات الحكومية من خلال توفير الأراضي الحكومية وتأجيرها على المطورين عن طريق الشراكة بمختلف الاتجاهات (B.O.T - PPP)، وتسريع الحصول على التراخيص اللازمة للبدء في التطوير، وتشجيع إقامة الشركات المساهمة التي تتولى عملية إدارة التطوير والاستثمار في الضواحي.
نقلا عن الرياض